رهينة الغربتين

رهينة الغربتين

تابعنى على

فلسفة الحب والحرف

Friday 08 May 2020 الساعة 10:09 pm

(1) الحرف..

القلب معصرة الكلمات،
العقل فضاء التكوين...
الحرف شعلة نار...
منه يأتي المعنى وتأتي الأقدار...
تتشكل مادته الأولى
من صلصال...
وتمازج بين الضدين
بين الماء وبين النار..
يأتي الألف الساكن
في جوف القلب
ليعانق حرف الباء
فتكون اباً حانيا
وقت الحزن وحين بكاء..
يأتي الحاء ليصنع
حباََ بالباء ويصنع منها
حرباً وجفاء بحرف الراء.
يتخلط صلصال الحرف
كما الطين
يتخلق أشكالاََ باذخةََ دون عناء..
تترنح من كل حروف النص
دنيا الحب ويحال الصيف شتاء..
وتحيل النون الساكن
معنى للأشياء..
تتنهد شين الشوق
ودال الوجد
وتحيل المسكوت
إلى منطوق
بلا تحريف للحزن القابع
في أقبية الصمت..
تتماثل كل الأنغام
وكل الأوتار لحرف الياء
تعطيها بعضاً منها
وتعانقها في دفءٍ وضاء....
ومع الميم تكتمل الكلمات
ويذوب القلب الصلد
والصخر يتهاوى
من أعلى عمق الأرجاء...
تتمظهر أيقونات الحلم
وعمق الأقدار واسم الرب
بحرف الهاء....
بين الحرف المتحرك
والحرف الساكن والصامت
ومقامات المعنى وفواصلها
يأتي الخلق الأول ويأتي التجديد ومنحوتات الأشياء...
فتصنع الهمزة وصلاََ للأحباب وتعانق صدر الفاء فيكون وفاء
تتلون كل سطور الخوف
والقهر وما تخفيه الأنفس
وما تخشاه بحرف الخاء..
وبين ذاكرة الأفراح وذاكرة الأحزان وأحلام العشاق
وبين ربيع العمر ومنعطف الأوجاع يتوغل حرف التاء..
وبين شكوك ومتاهات الإنسان وحيرته الكبرى
وأسئلته والنجوى
تبدوا السين فضاء...
يكفي هذا اليوم
سأعود لحرفي الأول
عَلّي أصنع منه قوساً أو قبساً أصيد به شيئاً أكتبه ذات مساء..
الأحرف قاموس الخالق
والفعل الأول
قال له اذهب واعمل واعشق
قد علمناك الأسماء....

( 2 ) الحرف والشك

بين وبينك مسافات الحروف......
النص والترقيم الهوامش والفواصل والنقاط....
أنت تفهمها على غير التي
كُتِبت لها......
وأنا أُشكلها لعلَ الحرف
يُفصحُ عن هوية ما بها....
عَلكَ تستريح....
لا تستخدم التفكيك
في فهم المعاني
ولا تاخذ برأي "السيبويه"
ولا "ابن جني"
وأنت تقرأ ما أبوح....
خذها على علاتها
لا شيء مخفي في ثنايا السطر
يحتاج المزيد من التشكك والتصفح والتخوف
ويستدعي الشروح.....
عَودتُ حرفي أن يسيل
كبساطة الفقراء لا يخفي
ولا يذهب إلى التأويل
والتلميح والمعنى العميق....
انا لستُ ناثرةََ وشاعرةََ
أدبلجها الجمل اللطيفة باحتراف....
فلا تُنهك خيالك
بالتفاصيل الصغيرة والجموح....
لا شيء ما بين السطور.
فأنا ارتلُها رائقةََ بسيطة
كما خُلقت من ثنايا الروح
وأمزان الدموع...
وهي التي تسافر بي إليك
إذا استعر الجنون....
ونَسجُها يأتي من خيوط الليل والشوق الصقيع،
من ارتعاشات الثواني والحنين يدحرجها الفراق.....
خذها كما أرسلتها،
خذها بقوة ككتاب يحيى
لتَفهمها الحروف..
خذها على عِلاتها
فالقلب أنبلُ من يُرتلُ
وأصدقُ من يبوح....
... رو رو