سبحانك ربي، شرعية الروح وقدسيتها وخالقها وصائنها وباعثها حياة في الطين، لا تترك عدن تنهشها الأمراض والأوبئة، أنت شرعيتها العليا التي تنقذ الملهوف والخائف، إليك المرجع وإليك المآب، أوقف بكرمك لحظات الامتحان الموجعة، ولا تترك الوجع يطوف الناس ويسرق وجه المدينة الباسم.
إلهي، ماذا بوسع أبناء عدن أن يصنعوه لوقف زحف رمال الموت وأمواج الأوبئة، في كل جائحة يقفون بالصمود والأمل والمقاومة الذاتية، ينتشلون أنفسهم من القعر وقد غشاهم من الوجع ما لا يُطاق.. إلهي، إنهم تحصنوا باسمك العظيم وبما يملكون من قوة وصبر، لا تتركهم في حيرة من أمرهم، خذ بأيديهم وتلقّف بقوتك لوحشية الموت ليتركهم بسلام.
إلهي، ليس لهم دولة غير تدخلك السماوي ولطفك الخفي، لا دولة دنيوية تقيهم بفضلك عذاب الجوائح من الأوبئة والفساد، ولا شرعية تخافك، وقد تحملت مسؤولية حماية الناس، باعت الأمانة وأرواح أبناء المدينة وأسقطت في أروقة الفنادق الخوف منك ومن انتقامك، واستحلت البقاء وعلى فمها لذة ما تراه في عدن من حزن ووجع وأموات بجنائز تسير في الشوارع العتيقة.
يارب.. تلك الجنائز التي تسافر كل يوم إلى المقابر، كانت أرواحها قد سافرت إليك، شاكية وجع الحياة وخذلان الشرعية، وغياب الدولة، والموت والأوبئة وحدها حاضرة في المنازل والحافات والشوارع التي تحاول تسند الناس من السقوط عليها، لا شيء في عدن اليوم يارب سوى نحيب الفراق والتساقط السريع للموت على الناس، وتساقط الناس في مقابر تعبت من كثرة الوافدين إليها.
نعم يارب، كل نفس ذائقة الموت، لكن الموت في المدينة يبتلع الأنفس قبل أجلها، الأجل الذي يأتي في ظل غياب أدواته وليس الذي يأتي بأدواته الذابحة والباذخة والمسرفة في اجتثاث الناس بشكل مخيف، وحدك يارب القادر على وقف هذه الأوبئة وكف الموت أن يحصد المنازل والشوارع.
عظيم ربي تدارك كل شيء، ولم تعد هناك حيلة إلا وأخذت عدن بها، استنفد الناس كل أسباب الوقاية والبقاء، تجمعوا وتفرقوا وتحصنوا، واستنفدوا القوة، وليس لهم بعد ذلك غيرك وكرمك وحسن تدبيرك.
إلهي، ألا ترى من يحشدون المجنزرات والقذائف في وجه عدن لغزوها، وينذرون بالقتال والقتل، يساندون الأوبئة للفتك بالناس دون رحمة أو وازع أو رادع، يريدون أن يحكوها بالجماجم والدماء والأشلاء، وقد كانت تنتظر أن يحشدوا لوقف ما تستغيث بسببه، أنت الحاكم لا تخذل المساكين في مدينتهم وحياتهم.
يارب، نستغيث بك في عدن وكل البلاد، لقد سقط كل شيء فيها، لا دولة ولا سلطة، ليس لهذا البلاد غيرك تنقذها من الحيرة في الموت والطريق الذي يسلكه إلى الناس وأرواحهم، أنت الرجاء وحبل النجاة، تعبنا من فتح القبور وويلات الحروب والتيه في كل هذه الدروب، أهلكتنا شياطين الخراب والدمار والدثار المتدين زوراً وبهتاناً.