محمد عبدالله الحضرمي

محمد عبدالله الحضرمي

كماشة الوباء في الجنوب

Tuesday 26 May 2020 الساعة 09:52 am

لم يعط الإعلان عن أن مدينة عدن صارت تحت وطأة الأوبئة والفايروسات والحميات صورة كاملة لإدراك المسؤولين حجم الكارثة حتى تحرك قادة الإصلاح المتحكمين بألوية الشرعية في الجنوب بمعزل عن الكارثة الصحية معلنين معركة جديدة خاسرة عنوانها مراكمة الدمار البنيوي إلى جانب الدمار البيئي، وقد كان الأمل عند إعلان الكارثة الصحية شاخصا نحو تنفيذ اتفاق الرياض لتكاتف الجهود وإنقاذ أرواح الناس لا إضافة تهديد إلى التهديد البيئي والصحي.

الوقوف اليوم أمام هذه الهرولة التي لم تراع الكارثة العالمية ولو بنسبة بسيطة يؤكد الرغبة الجامحة لجناح الإخوان في اليمن لاستمرارهم بمشروعهم غير الهادف الذي يترك علامة استفهام عريضة: لماذا يترك الإصلاح جبهاته مع الحوثي ويتجه بسلاحه نحو المناطق المحررة؟ وهل يحاول الإصلاح تثبيت قدمه في الجنوب وعزل الحراك الشعبي الرافض بعد أن أصبحت مأرب على شفا معركة واسعة؟

هذه الهرولة الإخوانية في الجنوب مهما كانت حساباتها لم تراع الجائحة التي توشك أن تبتلع البلاد بطولها وعرضها، وزادت الوضع توترا أمام المنظمات الصحية الدولية التي تحتاج في حالة كهذه إلى استقرار سياسي وعسكري لا يهدد سلامة عملية احتواء الفايروس، لكننا أمام مراهقة سياسية تحكمها هذه النزعة العمياء، فحاصرت الجنوب بكماشة الإصلاح والجائحة العالمية.

يعجز المواطن في هذه الحالة عن الوقوف بصف أي طرف عسكري، وأمله كله في أن يجمد الجميع خلافاتهم لبناء ثقة مسنودة باتفاق الرياض غايتها إنقاذ الأرواح التي تتخطفها الأوبئة والأمراض لا تشريدهم وإعادة المآسي الإنسانية التي حدثت في 2015.