د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

في اليمن فقط: المشاكل تصنع الحلول.!

Thursday 28 May 2020 الساعة 06:04 pm

صحيح، الحالة اليمنية حرجة ومعقدة للغاية، ومتجذرة بشكل حال دون قيام دولة مؤسسية مدنية قوية حديثة.. في اليمن. طوال العهد الجمهوري.

لكنها ليست حالة غامضة أو مبهمة. بل يمكن لأي مثقف موضوعي أو باحث منهجي. أن يلخص عناصرها الأكثر جوهرية بالتالي:

- الفساد: المالي والإداري الذي نخر العدالة، وعرقل التنمية.

- القبيلة السياسية: التي شاركت الدولة في النفوذ وصناعة القرار، وحالت دون تجذر الدولة.

- الإسلام السياسي: بجميع فصائله، كظاهرة ضد الدولة المدنية والمجتمع المدني.

- التدخلات الخارجية: التي حدّت من سلطة الدولة لصالح مراكز القوى.

لكن المشكلة الكبرى التي تحول دون حل هذه المشاكل، هي أن الأطراف الضالعة في هذه المشاكل، والمستفيدة من بقائها.. تقوم بتحريف القضية اليمنية وتجريف الوعي الوطني.

عملياً، كلما حدث توجه من الشعب أو من السلطة لحل إحدى هذه المشاكل، قامت هذه الأطراف ذات المصلحة التقليدية. بالتواطؤ ضد هذا التوجه أو احتوائه وإفشاله.

أحد أوضح نماذج وضحايا هذه السياسة الانتهازية. هو ما تسمى "ثورة 11 فبراير". كان بالإمكان لذلك الحراك الشبابي السلمي المدني.. أن يوفّر فرصة ذهبية لإصلاح الاختلالات المزمنة في النظام.

في البدء رفعت الطليعة الثورية شعار "الشعب يريد تغيير النظام". لكن سرعان ما تنبه المعنيون للمغزى والخطر، وبدلاً من أن تجرفهم الثورة بادروا هم بجرفها، وما هي إلا أيام حتى تم تحويل شعارها إلى "الشعب يريد تغيير الرئيس".!

كان للرئيس السابق بلا شك أخطاؤه وربما خطاياه، لكنه عموما كان رئيساً للدولة، بينما كانت رئاسة النظام لغيره، ضمن شراكة تمخضت في الأخير عن تقديمه كبش فداء للنظام.

قبل أن يتنازل الرئيس السابق عن السلطة كانت الثورة قد تنازلت عن كل شيء. كمحاولة بريئة ساذجة تم وأدها في المهد، باستلابها من قبل:

- عتاولة الفساد في السلطة.

- زعماء القبيلة السياسية.

- أمراء الإسلام السياسي الإخواني.

- الأموال والإعلام الخليجي القطري.

لا يمكن لهذه الرباعية التي تمثل الجذور الحقيقية للمشكلة اليمنية، أن تنتج حلاً لليمن، وكما هو جدير بها، فقد جمعت أسوأ ما في النظام القديم والمعارضة القديمة. في نظام ثوري فاسد غارق في العجز والفشل.

لم يطل عمر هذا النظام الذي انشغل أزلامه عندما كانوا في صنعاء بمحاربة خصومهم، وترك خصوم الدولة والجمهورية يمرون بسلام. حتى أن الرئيس هادي بارك دخول الحوثيين عمران ثم العاصمة.

حتى وقد تشردوا في المنافي، ما زال قادة ذلك النظام الكسيح يكررون نفس تلك الأخطاء والخطايا. بنفس التفاصيل. اليوم:

خصم الدولة والجمهورية في صنعاء، وهم يحاربون خصومهم. شركاء القضية والسلاح في عدن.!

بل قد يباركون اجتياح الحوثي لأبين وعدن وتهامة.. ويعتبرون أنها "عادت إلى حضن الدولة".. حتى لو كان ذلك يعني النهاية لشيء اسمه الشرعية واليمن الجمهوري.