تعلن السعودية عن مؤتمر مانحين دوليين من أجل اليمن، في ظل ضبابية الحرب ومآلاتها النهائية، لكن أمام هذا المؤتمر والأموال التي سيعلن عنها توجد تحديات كبيرة في كيفية تصريف هذه الأموال، ومن يخول له استلامها وخاصة في ظل تضعضع ثقة المانحين بالشرعية التي يرأسها هادي.
أحد أكبر التحديات هو في عدم وجود الشرعية في الميدان تمارس مهامها مما يمكنها من القدرة على تصريف أموال المانحين بشكل صحيح، وعدم قدرتها على دراسة الواقع واحتياجاته، والرفع بالخطط والرؤى من أجل معرفة الاحتياجات الضرورية بخرائطها الزمنية والمكانية.
فساد قيادات الشرعية من التحديات التي تعرقل من نجاح مؤتمر المانحين وفاعلية الأموال المعلنة فيه، لأن المانحين وربما أغلبهم لا يثقون بقيادات الشرعية وخاصة بعد أن كُشف عن كمية الفساد والتهريب والتلاعب بالحرب من أجل مصالح ذاتية، وعن عدم كفاءة هذه القيادات في التعامل مع هذه الأموال.
مؤشرات فساد قيادات الشرعية كثيرة، وتدرك السعودية وتعرف عن كمية الفساد في تلك القيادات، كان أصغرها وآخرها هو أخذ مبالغ مالية من المواطنين العائدين من المملكة إلى اليمن، هذه الأموال غير القانونية تُنهب من جيوب المغتربين بحجة تكاليف فحص فيروس كورونا، ولولا التفاعل في السوشيال ميديا وأصبحت قضية رأي عام، وتدخل بعد ذلك المملكة لوقف هذا الفساد، لاستمر الأمر دون أدنى شعور بالمسؤولية.
ومن التحديات أيضا الحرب التي تشنها قوات الإخوان على الجنوب مما يضعف من شرعية هادي المخولة باستلام الأموال، هذه الحرب التي تذهب في غير اتجاهها الصحيح نحو صنعاء، تفقد الشرعية من مشروعيتها، لأنها بذلك تمارس الخيانة العظمى، وتستخدم الحرب لمصالح قياداتها، فكيف يقبل المانحون الدوليون بتسليم أموالهم إلى هكذا قيادات..!!
أموال المانحين يجب أن تذهب إلى خدمة الناس ورفع من قدرتهم على مواجهة الحرب في كل اليمن، وهذا تحد آخر يضع قادة مؤتمر المانحين في تساؤل هل المناطق التي تخضع لسيطرة الحوثي ضمن الخارطة المكانية لقائمة الاحتياجات لأموال المانحين، إذا كان الأمر نعم، كيف يمكن ذلك دون أن يستفيد منها الحوثي عسكريا، وإذا كان الأمر لا، فإن ذلك ينقص من قيمة وهدف المؤتمر، وخاصة أن الشمال اليمني يعاني من أزمات كثيرة.
الحوثي ينظر إلى مؤتمر المانحين بنفس التفكير الإخواني، كمصدر جديد من مصادر التمويل بالعملة الأجنبية للثراء والتكسب واستمرار الحرب، وهذا ما يجب أن يدركه قادة مؤتمر المانحين قبل أن تذهب أموالهم كما ذهبت في المؤتمرات السابقة.
إذا أراد المجتمع الدولي والسعودية أن يكون لهذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات الخاصة باليمن أن تنجح وأن يكون لها فاعلية على أرض الواقع، عليهم أن يساعدوا اليمنيين في تكبيل فساد قيادات الشرعية وتغيير تجار الحرب، والعمل على إنهاء الحرب وذلك بإسقاط الحوثي والإخوان، ما لم فإن الأمر سيكون مجرد اجتماعات إعلامية لا طائل منها.