د. صادق القاضي
استخار الله وارتكب مجزرة: السّفاح المؤمن في شرعب السلام!
حدث البارحة في إحدى قرى شرعب السلام:
شخص مراهق قام بقتل بعض جيرانه، ثم دخل المنزل وقام بقتل والديه وأخته الكبرى وأخيه الأصغر، وخلّف أخوين آخرين بإصابات خطيرة.!
مجزرة مروعة هزت ضمير مجتمع غير متعود على جرائم من هذا النوع أو بهذه الدرجة من التوحش والفجاجة والازدراء للقيم الإنسانية.
كشاهد من الدرجة الرابعة، أعرف الأب جيداً. إنسان نبيل. وصديق نقي وتربوي قدير. ومن أطيب الناس، وأكثرهم تهذيباً ووداعة وسلمية.
بعبارة أخرى لا يمكن لهذا العنف والتوحش أن يكون نتاج عامل أسري، وبالنسبة للعوامل النفسية والعقلية، فإن من يعرفون الابن "ع. ع. ح" يؤكدون أنه لم يكن يشكو من أي مشكلة نفسية أو عقلية ملحوظة.
حتى الظروف المادية مستبعدة. كان الأب مقتدرا كرجل أعمال. يمتلك معهدا لدراسات الكمبيوتر واللغات في المدينة، وافتتح لهذا الولد مؤخراً مركزا لـ"أم فلوس" في القرية.
كانت محاولة مشفقة من الأب الفاضل لاستعادة ولده المراهق الذي استغوته إحدى الجماعات الدينية المتطرفة، وانخرط معها في جبهات الجهاد الذي قيل له إنه في سبيل الله.
لكنها كانت محاولة متأخرة للغاية. كانت الأفكار المتطرفة قد استلبت الولد تماماً، وحولته إلى مجرد عبوة ناسفة مموهة بعمامة سوداء وشعر أسود طويل يمتد حتى الخاصرة.
حسب شهود العيان، فقد قام الابن بأداء صلاة الاستخارة قبل قيامه بتصفية والده ووالدته وإخوته وجيرانه، ثمّ -خلال حصاره وإصابته والقبض عليه من قبل رجال الأمن- كان يتوعد بعض الطوائف الكافرة ويقرأ سورة الأنفال.!
بالمناسبة. لم يكن حينها تحت تأثير المخدرات. لكن تحت تأثير ما هو أسوأ: أفكار سوداوية عنيفة لإيديولوجية شمولية متزمتة معادية للعصر والحياة.
من هذه الزاوية فهذا القاتل سفاح جانٍ بقدر ما هو ضحية للاستلاب. كحالة ليست جديدة أو فريدة من نوعها في اليمن.
نعرف الكثير عن العائدين من الجهاد الأفغاني، وأعمالهم وتنظيماتهم الإرهابية التي غرزت مساميرها عميقاً في نعش الدولة والسلم الاجتماعي.
نعرف اليوم أن مئآت الآلاف من الشباب والمراهقين وحتى الأطفال.. يقاتلون في مختلف جبهات الحرب في اليمن تبعاً للجماعات الدينية المسلحة.
معظم هؤلاء خضعوا لعملية مسخ روحي ونفسي وغسيل أدمغة من قبل هذه التنظيمات التي دمرت بهم الحاضر وحولتهم إلى قنابل موقوتة لتدمير المستقبل.
كلٌ منهم مشروع قاتل. ومهما بدا طبيعياً فهو بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل نفسي وعقلي واجتماعي وأخلاقي.. حتى يعود مواطناً سوياً في المجتمع.