محمد عبدالرحمن
ما بين "ديمقراطية" البيت الأبيض و"عنصرية" باب اليمن.. "رُكبة" الحوثي تخنق اليمنيين
صامويل هنتجتون في كتابه نهاية التاريخ، تحدث بشكل مفصل عن الليبرالية والديمقراطية كأرقى وأفضل ما وصل إليه الإنسان عبر التاريخ، وأجدني أتفق مع كل ما تحتويه تلك النظريات كفلسفة ونظام من حقوق للفرد والجماعة وكوسيلة سلمية للوصول إلى السلطة عبر آليات واضحة متمثلة في الانتخابات، وهذا الأمر أثبت فاعليته الإيجابية والتي أنهت تاريخا من الحروب والصراعات، ليس في أمريكا وحسب بل وفي أغلب البلدان الديمقراطية.
المظاهرات التي تشهدها أمريكا هذه الأيام هي دليل حي على فاعلية الديمقراطية، وعلى ما غرسته وعززته في روح المجتمع الأمريكي بقدسية الحقوق وتحريم المساس بها، فعندما تجاوزت الشرطة حدودها وقتلت بغير عمد رجلا أمريكيا، ارتفعت أصوات المواطنين بالتنديد وخرج الناس إلى الشوارع ليعبّروا عن غضبهم وتضامنهم مع الضحية.
ما قامت به الشرطة الأمريكية من تجاوز يعتبر حالة فردية وليس توجه نظام سياسي، وهي أيضا ليست المرة الأولى التي يحدث فيها تجاوز، ومع ذلك تعتبر تلك المظاهرات في الشوارع هي حالة صحية تعزز مناعة النظام الأمريكي والمجتمع على حدٍ سواء، وتنهي كل بقايا أشكال العنصرية التي قضى عليها الدستور الأمريكي سابقاً.
المظاهرات في أمريكا أثارت الحوثيين واستشاطوا غضباً، وخرجوا يكتبون ويتحدثون إلى الناس عن الديمقراطية الزائفة، يتحدثون وكأنهم فعلاً يعرفون ما هي الديمقراطية وتعريفها وأركانها، الثقة التي تملكتهم وهم يسخرون من الديمقراطية تثير الشعور بالاستغراب والفضول البحثي عن أسبابها، وهل هي ثقة نابعة من نظريات أخرى أم أن ذلك في إطار العِداء مع الديمقراطية.
الحوثي لا يعترف بالديمقراطية ولا بحقوق الفرد والجماعات الأخرى، لذلك كل نظام ديمقراطي هو عدو أكيد للحوثي، لا يعترف بالديمقراطية لأنها الطريقة المُثلى عبر الانتخابات للوصول إلى السلطة، ولا يعترف بها لأنها تدعو إلى احترام الحقوق والحريات.
مشكلة الحوثي هي مع الديمقراطية، يخاف منها ويحتاط منها، يهاجمها بكل أنيابه ويحاول تشويهها ويصبغها بألوان مخيفة، من أجل أن لا يرى الناس جماليتها وأهميتها في تعزيز الاستقرار والسلام، لذلك يعتبر ما حدث في أمريكا من تجاوز الشرطة ديمقراطية زائفة.
في حالة مثل الحوثيين لا يحق لهم انتقاد الدول الديمقراطية في أي تعامل مع مواطنيها، لا يحق للحوثي الانتقاد، لأنه جماعة استبدادية كهنوتية تمارس الإرهاب والقمع، جماعة مبنية على العنصرية والطبقية والطائفية، جماعة تخنق اليمنيين من أجل السيطرة على السلطة بقوة السلاح، فبأي حق ينتقد ما يحدث في شوارع أمريكا..!!
الحوثي يمارس العنصرية ويمنع الحقوق بل ويسرقها، قتل حرية التعبير والرأي، فتح السجون لكل كاتب رأي وصحفي ومثقف، هدم المنازل وفجّر المساجد، ثم فجأة يأتي لينتقد الديمقراطية ووحشيتها، أي فجاجة ووضاعة يحملها الحوثي وزبانيته وهم يتحدثون عن المظاهرات في شوارع أمريكا، ولم يدرك أن تلك المظاهرات هي حرية تعبير عن الغضب يحميها الدستور والنظام.
يتعامل الحوثي مع اليمنيين بقوة النار والحديد، لا يسمح بالمظاهرات والنقد وحرية التعبير، لا يؤمن بالتنوع والتعدد، يمارس العنصرية والطائفية في فكره وثقافته وسلوكه، والشواهد كثيرة والدلائل حية وشاهدة على ممارسات الحوثي الذي ينتقد ممارسة الديمقراطية لمحاولة تشويهها.