لم يُجمع اليمنيون في رأيهم تجاه أمر ما كما يجمعون على نظرتهم ورأيهم تجاه المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، والذي لا يعدو في نظرهم عن كونه أكثر من منقذ للمليشيا الحوثية -ذراع إيران في اليمن- وناطق متستر على ما يقومون به من تخريب وإشعال للحرب وسفك للدم وارتكاب أبشع الجرائم الإرهابية ضد اليمن واليمنيين.
منذ أيام أقدم الحوثيون على تفجير الوضع في الساحل الغربي وخرقهم للهدنة التي لم يلتزموا بها أصلاً، رغم إدراكهم بأنهم لن يحققوا شيئا، سوى قوافل قتلاهم وجرحاهم التي شاهدها الناس تتحرك في شوارع العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات التي تمد الحوثي بأبنائها ليكونوا حطباً للحرب، كنتيجة طبيعية للمغامرة الحوثية التي وأدتها القوات المشتركة في الساحل الغربي.
وما إن تواردت الأخبار عن تفجر المعارك في الدريهمي ومحيط حيس في محافظة الحديدة، واستبشر البعض بأن هذه الرعونة الحوثية والمحاولة الانتحارية التي أقدموا عليها مؤخراً بعد تحشيد واستعداد كبيرين، لعلها تكون المسمار الأخير في نعش اتفاق استوكهولم، وساعة الصفر للانطلاق نحو تحرير الحديدة بكاملها، خصوصاً وأن الأبطال يتعطشون لهذا النصر ويرسمونه كل يوم وتتلهف إليه قلوبهم منذ اليوم الأول لتوقيع "الشرعية" على مؤامرة الإحباط والتثبيط المسماة اتفاق السويد.
لكن سرعان ما تخلى الناس عن استبشارهم بتحرك معركة الحديدة، فالكل يعرف أن غريفيث سيتحرك سريعاً لإيقافها، ولحماية المليشيا من السحق، وهذا ما تم فعلاً، ومع انطلاقة الرصاصة الأولى لتأديب الحوثي وأزلامه حتى أصدرت (أنمها) بياناً دعت وحذرت وتخوفت فيه من انزلاق الأوضاع لمنحنى خطير جراء التصعيد، رغم أنها نائمة غاضة للنظر متحملة للاحتجاز في عرض البحر لعامين ونيف عن خروقات الحوثي ومراوغاته.
أما غريفيث فقد طار إلى صنعاء، والتقى بقيادات الجماعة ودعا لوقف القتال وضغط هو والحكومة (المغتربة في الرياض) لوقف أي عمل من شأنه تأديب الحوثي واقتلاعه من الحديدة..
غريفيث أول من يهب لنجدة الحوثي في كل معركة تعصف بالجماعة ومشروعها، لا يهمه اليمن وبناء السلام الفعلي فيه، ولا يكترث لما تتعرض له المدن اليمنية والمواطن اليمني من جرائم حوثية، فالمبعوث البريطاني متخصص بالحديدة ومينائها فقط، وكيف يبقيها في يد الحوثي بما يتناسب مع مصالح دولته الأم وبما يخدم أهداف القوى العظمى لا بما يخدم اليمن ويحقق له الأمن والاستقرار.