أعادت مليشيا الحوثي السماح لمجلس النواب في صنعاء بانعقاد جلساته بعد أن أغلقته لأكثر من أسبوع، رافضة نتائج انتخاب هيئة الرئاسة ونواب رئيس المجلس التي أفرزتها "الانتخابات" من قبل الأعضاء.
الحوثيون أرادوا انتخابات محددة نتائجها سلفاً، يتم بموجبها اختيار أحد أتباعها "عبدالرحمن الجماعي"، إلا أن النواب اختاروا النائب عبده بشر بدلاً عنه، وسقط مرشح الحوثيين، الأمر الذي جعلهم يغلقون المجلس ويوقفون جلساته.
الحقيقة ليس مستغرباً على جماعة الحوثي أن تقوم بمثل هذه الأعمال، فهي لم تعرف يوماً معنى الديمقراطية، ولا تؤمن بها، وكم هو مضحك أن يغرد ويتبجح محمد علي الحوثي ويكتب عن الديمقراطية وآليات الاختيار وانتقال السلطة، كما فعل في تغريدته الناصحة لإثيوبيا مؤخراً، وهو وقيادات جماعته لا يتأملون أفعالهم وكفرهم البواح بحرية الشعب واختياراته.
أن يغرد الحوثي عن الديمقراطية والنصح، فهي قمة المهازل، وأعلى درجات "انفصام الشخصية" التي تعاني منها المليشيا، وبعدها عن الواقع الذي فرضته على شعبنا، متناسياً أنه وجماعته خنق الأحزاب وحرية التعبير، ونقل اليمن إلى الحكم السلالي الديكتاتوري.
ما نتجت عنه انتخابات مجلس النواب، وما أبداه الحوثيون من تعنت ورفض يفضح انتهازيتهم وتدليسهم على الناس، ويثبت أنّ خطابهم السياسي، الذي يتضمن شعاراتٍ ديمقراطية، هو تقية سياسية، وقناع للوصول "المحصور فيهم" إلى السلطة، ومن ثمّ خنق الديمقراطية، وإلغاؤها، لتكون السيادة الفاشية حوثية فقط.
ولربما أن الحوثي ليس الوحيد السباق لذلك، فشركاؤه في العمالة لطهران والدوحة من جماعة الإخوان المسلمين يشاركونه نفس التوجه ونفس الكفر بالحريات والحقوق والديمقراطية، مهما رفعوا من شعارات، فكلاهما يخنق كل صوت لا يتفق ومصالح الجماعتين، متناسين أنّه لا وجود لديمقراطية دون وجود ديمقراطيين.
إنّ انتخابات هيئة رئاسة مجلس النواب في صنعاء أثبتت كم الحوثي منبوذ وغير مقبول، وأكدت أن الأعضاء "البرلمانيين" لا يتقبلونه وفكره، ولولا وقوعهم تحت التهديد والإقامة الجبرية لكان لهم مواقف صارمة تجاهه سواءً من خلال مكانتهم الحزبية أو القبلية.
خلاصة القول.. إن الفكر الديني للإسلام السياسي، وفي مقدمته فكر جماعة الإخوان المسلمين وبالطبع جماعة طهران في اليمن "الحوثيين"، غير ديمقراطي، وغير متسامح مع الآخر، بالتالي؛ كيف لهذا الفكر أنْ يدعو إلى الديمقراطية، وهو بطبيعته إقصائي، يزعم امتلاك الحقيقة المطلقة في الدنيا والآخرة، بل إنّ حسن البنا يعدّ شؤون الحكم من أركان الدين، والعقائد، والأصول، لا من الفقهيات والفروع، مقترباً، أو متماهياً، مع الفكر السياسي الشيعي؛ الذي يعدّ الإمامة من أصول الدين وأركان الإسلام! رغم أنّ الديمقراطية، كمنظومة حقوقية، تقوم على التعددية، والنسبية، والخطأ، والصواب.