د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

مشكلة اليمن.. صحيّة.. لا سياسية!

Friday 11 December 2020 الساعة 08:30 am

ربما كان الأفضل للجميع. لو أن المجتمع الدولي قام بتسليم ملف "القضية اليمنية" لـ "منظمة الصحة العالمية". بدلاً من طرحه على طاولة "مجلس الأمن".!

أمّا لماذا؟! فلأن مشكلة اليمن، هي في الأساس، مشكلة صحية: جسدية نفسية.. أكثر منها مشكلة سياسية أو أمنية.

للتأكد.. يكفي فقط:

- أن تراقب اليمنيين في الشوارع لتلاحظ عفوياً شيوع الهزال والتقزم الجسدي، وتفشي حالات اضطرابات النمو ومضاعفات سوء التغذية.!

- أن تراقب تصرفاتهم، خاصةً في فترة المساء، لتكتشف معاناتهم مع التوحد وأعراض الاكتئاب.. إنهم يكلمون أنفسهم أكثر مما يتحاورون مع بعضهم.!

- أن تتصفح الفيسبوك اليمني، لتدرك حجم التوتر والتنمر والاحتقانات والتشنجات، والنرجسيات، وعقد النقص، وفوبيا الآخر، والسادية، والمازوشية، والهلوسات الفردية والجماعية.!

- أما إذا تابعت النخب السياسية والثقافية والاجتماعية.. فستشعر بالذهول من مدى تغلغل الشللية، وتفشي الكراهية والأحقاد البينية والانفصام النفسي والأخلاقي، والعاهات الأيديولوجية والعصبيات العنصرية.!

إلخ. إلخ . إلخ..

يعني هذا ببساطة أن المشكلة اليمنية هي أصلاً مشكلة صحية: جسدية ونفسية وعقلية.. وأن حاجة اليمن لتدخل علاجي وغذائي، أكثر من حاجتها لتدخل سياسي أو عسكري.

وبالتالي فإن:

- إرسال بعثات طبية إلى هذا البلد المريض.. سيكون أكثر جدوى من إرسال بعثات سياسية، خاصةً بعد فشل أكثر من مبعوث أممي.!

- إرسال أطباء نفسيين.. سيكون أكثر فائدة من  إرسال خبراء عسكريين سبق أن حولوا البلد إلى خراب ومليشيات متناحرة.!

- توزيع أغذية وعلاجات للمعدة والبواسير ومضادات الاكتئاب.. سيكون أفضل بكل المقاييس من توزيع الأسلحة والذخائر.

- حظر القات، والمبيدات الحشرية، جزئيا على الأقل، سيكون أكثر جدوى من تجميد كل أرصدة السياسيين والعسكريين.

- فرض حجر صحي على السياسيين والمقاتلين، أفضل من عرقلة سفر وإقامة المواطنين اليمنيين في مختلف أنحاء العالم.

وبشكل عام. معالجة الأمراض لا الأعراض.. بما كان سيحل مبكراً المشكلة اليمنية، وبعبارة "علي عزت بيغوفيتش": "‏الصحة أهم من الحرية، فلو كنت مسجوناً ومرضت، لتمنيت الشفاء قبل أن تتمنى الحرية".

في كل حال.. قد لا يكون هذا الطرح جديّاً، لكن ليس كلياً.. ففي الواقع نحن في اليمن، بحاجة ماسة لإعادة أنسنة، وتأهيل نفسي وجسدي ومعرفي ووجداني.. أكثر من حاجتنا لأيّ شيءٍ آخر.