إبراهيم البشيري

إبراهيم البشيري

"ستوكهولم" اتفاق على العبث بحياة أهالي الحديدة

Saturday 19 December 2020 الساعة 06:54 pm

ما لا تود أن تراه من مظاهر معطلة للحياة التي تبعث بالإحباط، ستراه في ما خلفته جماعة الحوثي في الحديدة، وكل ما شاهدته من ظلم بحق الضعفاء في أفلام الدراما المرعبة على شاشة التلفاز، ستشاهده واقعًا ملموسًا بهذه المحافظة التي يعاني معظم سكانها من فقر مدقع وسوء تغذية حاد، ويفتقرون لأبسط متطلبات المعيشة.

في 18 ديسمبر من عام 2018م جرى التوقيع على اتفاق ستوكهولم بين الحكومة وجماعة الحوثي، في مملكة السويد، برعاية الأمم المتحدة، والذي يقضي بوقف إطلاق النار في الحديدة، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي.

لكن ذلك الاتفاق المشؤوم لم يكن سوى حبر على ورق، وغطاء أممي يشرعن للحوثيين العبث بحياة المدنيين والتصرف بممتلكاتهم، ذلك أن المليشيات الحوثية لم تلتزم بوقف إطلاق النار ولم تسمح بإغاثة المتضررين.

فقد حدث عكس ذلك تمامًا، حيث أشهر مسحلو الحوثي فوهات نيرانهم بشراهة، وقاموا بنهب قوافل الإغاثة التي وصلت إليهم، وزرعوا المتفجرات في طريق البعض الآخر، بعد أن تغافلت البعثة الأممية عن مهمتها. 

ما تعرضت له الحديدة في ظل سريان الهدنة الأممية لم يكن أمرًا سهلًا ولا عاديًا، فما فعله الحوثيون هو إبادة للمدنيين دون التفريق بين امرأة أو طفل أو كهل بكل وسائل الموت، واستخدام بعضهم دروعا بشرية، وتشريد جماعي للأسر؛ أعقبها موجة نزوح تلو الموجة، وهدم للمنازل والممتلكات العامة والخاصة، وشل الخدمات، وتدمير للمرافق الحيوية، وإحراق للمزارع، وإغلاق الممرات أو تفخيخها بالالغام والمتفجرات.

وأصبح الألم والحزن والقهر والنحيب والانين يسكن في كل منزل يقع تحت سيطرة مليشيات الحوثي، وفي مناطق خطوط التماس والقريبة منها؛ كونها ترزح تحت وطأة النار والشرار ليل نهار. 

فلا تكاد تدلف إلى منزل أو كوخ إلا ووجدت إما أما تأرملت بعد أن مات زوجها بنيران الحوثيين، ولا تدري كيف تواسي أبناءها وبناتها الأيتام، وإما أبا مقهورا عاش عمره مستور الحال وفجأة وجد نفسه في مخيمات النازحين عديم الحيلة؛ بعد أن صبت هاونات الحوثي على منزله ودمرته وقد أخذت روح أحد فلذات كبده.

وإما شابًا أو شابة بترت ألغام الحوثي –التي حولت الساحل الغربي إلى أكبر حقول ألغام على مستوى اليمن– أطرافها أو اخترقت رصاصة قناصة حوثية جسدها، وأضحت معاقة طريحة وآخرين يعانون بصورة مختلفة، واحسن الأحوال أن تجد عائلة خائفة وترتعد من أن تصيبها تلك القذائف والصواريخ والطلقات النارية الحوثية التي تتصاعد أصواتها إلى آذانهم بشكل يومي. 

ثقيلة الذكرى الثانية لاتفاق ستوكهولم على أهالي الحديدة، نتيجة الواقع المأساوي الذي اورثته بعد عامين من الحسرة، عامين تكاثر فيهما الحزن، وألم الفقد وعذابات البؤس، وخابت آمالهم بالأمم المتحدة وبعثتها، ومن رحم المعاناة بدأت صرخات دعوات الغضب الشعبي لإنهاء اتفاق ستوكهولم. 

يا ترى هل ستعيد الأمم المتحدة النظر في مسؤوليتها الإنسانية تجاه أهالي الحديدة، أم أنها ستخذلهم عاماً جديداً؟