لطالما كان هذا السؤال مثيراً وخطيراً ومهماً للغاية، حالياً ودائماً، لأسباب كثيرة، تتعلق بعواطف وأفكار وقضايا حساسة، ذات علاقة كنائية أو مباشرة بالحديث النبوي: "الإيمان يمانٍ، والحكمة يمانية".!
ربما لا يوجد مثقف عربي، ولا عاقل يمني، لم يساوره الشك، ولو مرة واحدة، حول مدى مطابقة مضمون هذا الحديث الشهير لواقع الحال اليمني، الراهن أو التاريخي.!
الإجابة صادمة غالباً، ومع ذلك لا يجرؤ أحد على مقاربة هذه المنطقة المسكوت عنها، بعقلية نقدية، رغم كونها كانت منذ البدء قضية خلافية حافلة بالمفارقات والتساؤلات. مثل:
- ما هي الظروف الزمكانية التي قيل فيها هذا الحديث؟
- ما المقصود حينها باليمن؟
- من المقصود حينها بالحكمة والإيمان:
هل هم أهل مكة، أم أهل المدينة، أم هما معاً، أم الأنصار، أم الأشاعرة، أم بعض أم كل أهل اليمن!؟
- وإذا كان المقصود بهما كل أهل اليمن: هل كلهم حينها أم كلهم في كل زمان ومكان!؟
- ما هي شروط الإيمان والحكمة، ومعايير استحقاقهما.!؟
- هل الإيمان وبالذات الحكمة ظاهرة وراثية!؟
- وقبل كل شيء وبعده. ما هي الخلفيات والتجليات والأبعاد المتعلقة بهذا الحديث، في الوعي والواقع اليمني الراهن؟!
هناك إجابات من كل نوع، قديمة وحديثة، بداية بنفي صحة هذا الحديث مطلقاً، إلى الإيمان المطلق بصحته، ضمن طيف واسع من الآراء النسبية التي تعبر، ربما على مستوى كل شخص، عن نوعية عقليته وخلفيته الثقافية.
كما تعبر على المستوى الجمعي عن السياقات الظرفية العامة، ومن اللافت أنها تصبح أكثر عصبية في الظروف العصيبة: كالصراعات السلالية الداخلية، أو في حال توتر العلاقات الإقليمية اليمنية مع دول المنطقة.
بهذا المعنى. يبرز من يسمون أنفسهم "العباهلة والأقيال"، باعتبارهم رد الفعل الشعبي الأكثر فجاجة وعُصابية، على العنصرية السلالية الحوثية، التي تمثل بدورها عدواناً على الهوية الوطنية اليمنية الجامعة.
يؤمن هؤلاء العباهلة -وفق توليفتهم العجيبة من النعرات والتصورات النرجسية لما يسمونه "القومية اليمنية"- بمضمون هذا الحديث بشكل عنصري، ويرفضون في نفس الوقت بشكل مضحك كل ما يتعلق حتى بقائله، وقريش عموماً.!
في المقابل. هناك مقاربات علمية منطقية ومنهجية كثيرة. القضية نسبية أصلاً، وهي جوهرياً نتاج للمقارنة الزمنية الموضوعية بين الفئات والشعوب والدول، على جوانب كثيرة. قابلة للملاحظة والقياس.
لفت نظرية مؤخراً من هذه المقاربات، مقال جميل، للكاتب والباحث ربيع ردمان، نشره مؤخراً على منصة خيوط. عالج فيه الأسئلة أعلاه وغيرها، بجرأته وموضوعيته وبراعته المعتادة، وبمنتهى العمق والوضوح والإيجاز.
حتى لا أعيد ما قيل، وهو مهم، يمكن للقارئ الاطلاع عليه عبر هذا الرابط:
https://www.khuyut.com/blog/yemen-and-wisdom