سمير الصنعاني
يمنية صنعاء وعروبتها تُسرق ولا حياة لمن تنادي!!
رغم مرور ست سنوات على انقلاب المليشيات الحوثية، الذراع الإيرانية في اليمن، وانطلاق عاصفة الحزم من قبل التحالف العربي ضد ذلك الانقلاب المدعوم إيرانياً، إلا أن المشهد يبدو اليوم أكثر مأساوية حين ينظر اليمنيون إلى عاصمتهم صنعاء وهي أشبه بمدينة تتخطفها مليشيات القتل الحوثية، وذراع طهران المسلح، وعملاء إيران الأشد وقاحة وصلفا والأقل سعرا بين نظرائهم العملاء في بعض العواصم العربية.
مشكلة صنعاء أنها عاصمة خانها ساستها ومثقفوها وإعلاميوها ونشطاؤها وباعوها للشيطان الحوثي بثمن بخس ولمجرد أن يشبعوا أحقادهم المريضة ضد نظام ورئيس سابق وفر لهم الحماية رغم كل ما فعلوه به حتى محاولة قتله.
ولم تكتف تلك الثلة الحاقدة ببيع صنعاء للحوثي بل فرت حين كشرت مليشياته عن أنيابها وانقلبت وسطت على كل مؤسسات الدولة، ولبعض الوقت تبنت شعار قادمون يا صنعاء لنحررك من مليشيات الحوثي، وظن الناس بهم خيراً، لكن سرعان ما تحول ذلك الخير إلى سراب بقيعة.
صنعاء كمدينة وسكان تشهد اليوم أكبر عملية تشييع مذهبي، وتتعرض لأشد مظاهر التبعية لإيران ونظام الولي الفقيه، وتدفع ثمنا باهظا لمواقفها القومية ومساندتها لإخوانها العرب ضد ثورة الخميني ومشروعه التوسعي إبان حرب العراق.
وللأسف الشديد أن كل ذلك يحدث فيما تواصل النخب اليمنية التي تسيطر على الشرعية ذات الأساليب التي تسببت في ضياع صنعاء ووقوعها فريسة بأيدي الذئاب الحوثية المدعومة من طهران، وبدلا من شعار قادمون يا صنعاء باتت هذه النخبة تتسابق على بيع ممتلكاتها للحوثيين في صنعاء، واستبدالها بشقق فاخرة في اسطنبول والقاهرة والدوحة وعمان... وغيرها.
ومثلما خانوا صنعاء ها هم يخونون عدن التي أعلنوها بقرار رئاسي عاصمة مؤقتة لليمن حتى تحرير عاصمته صنعاء، لكنهم اكتفوا بإصدار ذلك القرار واذاعته عبر شاشات التلفاز وصفحات الصحف والمواقع، ورغم انها مدينة تحررت من سطوة وسلطة المليشيات الحوثية وكان بمقدورهم ان ينطلقوا منها صوب صنعاء لكنهم تركوها مثلما تركوا قبلها صنعاء وذهبوا ليتسابقوا على موائد الغنائم وحفلات النهب والسرقة للدعم المقدم من التحالف واستثماره في بعض العواصم وتأمين مستقبل أولادهم واحفادهم.
تاريخ صنعاء وهويتها الحميرية اليمنية وعروبتها تسرق اليوم من قبل عملاء فارس وفي الوقت الذي لم يعد في صنعاء من صورة لأي رمز يماني تكسو جدرانها وشوارعها صور القاتل الإيراني قاسم سليماني، ويستبيح قداسة وقدسية مساجدها الحاكم العسكري الإيراني حسن ايرلو فيما يكتفي قادة الشرعية بالنحيب من على صفحات التويتر والفيس بوك، لدقائق ثم يخلدون إلى غرفهم في الفنادق غير آبهين بما تعانيه وتلاقيه صنعاء من صنوف القهر والذل والبطش والنهب والسرقة وقمع الحريات ومصادرة الحقوق.
صنعاء ومن خلفها معظم مناطق الشمال تئن وتشكو وتنتظر أن يعود من منحتهم هويتهم اليمنية، وصنعت لهم الشهرة والمجد لينقذوها مما هي فيه، لكن دون جدوى فلا حياة لمن تنادي، وما اتعس الرجال حين يغضبون دون أن يصدقوا.
كانوا على مشارف صنعاء.. وفي لحظات تصفية حسابات سياسية سلموا نهم والجوف وحتى حدود مارب لمليشيات الحوثي دون معارك، وراحوا ليفتعلوا أزمات في مناطق أخرى، ويخلقوا معارك ضد الإمارات، ويهددون طارق صالح في الساحل وتناسوا صنعاء ومأساتها ومآسيها. وما أكثر مآسي صنعاء اليوم.
والمؤسف أكثر أن أولئك الذين يتولون زمام المسؤولية في الشرعية ويفترض بهم أن يقودوا المعارك حتى تحرير صنعاء لا يكتفون بعدم فعل شيء بل يعمدون لدعوة من تبقى من سكان صنعاء المعارضين لمليشيات الحوثي للالتحاق بهم وترك صنعاء كما فعلوا هم، ويعتبرون بقاءهم في صنعاء عمالة للحوثي واعترافا به، غير مدركين أن هؤلاء الذين بقوا في صنعاء وفضلوا الموت بسلاح الإرهاب والقمع الحوثي هم من يحافظون على يمنية صنعاء ولولاهم لأصبحت صنعاء مدينة فارسية بالمطلق، ويكفي أنهم حين وجدوا مساحة كما حصل أثناء جريمة قتل الشاب الاغبري عبروا عن مكنونات نفوسهم بذلك الخروج العارم الذي قابله الحوثيون بالسلاح والقمع والاعتقالات، ومثلما فعلوا في عرس المومري، لكنهم كلما حاولوا أن يخلقوا مبررا للتعبير عن غضبهم وحبهم لصنعاء ورفضهم لسرقتها من عملاء إيران يجدون ظهورهم مكشوفة من قبل أولئك الذين يفترض أن يقودوا حملة القتال ضد مليشيات إيران الحوثية وتحرير صنعاء من سطوتهم، ويلتفتون فلا يرون سوى بقايا نخب سياسية تتصارع على البقاء في غرف الفنادق الفارهة والحصول على رواتب بالعملات الصعبة فيكتفون بإخفاء آلامهم وتغطيتها بمزيد من الحب لصنعاء ولو كان ذلك بالبقاء فيها رغم ضنك العيش، وقمع المليشيات.