لكل داء دواء يستطب به، إلا الحماقة أعيت من يداويها، بيت شعري من تراثنا العربي الخالد، يصف حالة العجز لكل من يحاول مداواة الحماقة بكل أشكالها قولاً أو فعلا، فكيف إذا كان الحمقى والحماقة من يتحكمون ويحكمون كما هو حال اليمن؟! حينها سنرى العجب العجاب، والمهازل التي لا حدود لها.
ومن بين الكم الهائل للحماقات التي ارتكبتها (الشرعية) في اليمن، حالة التكبير والتهليل لقرار أمريكا تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، والفرحة العارمة التي تبديها الحكومة والكتّاب والناشطون بهذا التصنيف، وكأنه اكتشاف جديد! متناسين أن الواقع الذي فرضه الحوثي وأزلامه تنفيذاً لرغبات طهران، والعذابات التي خلقها للشعب شمالاً وجنوباً وجرائمه التي لم يستثن بها أحدا، تجعله على رأس قائمة الإرهاب العالمي، ويفرض على الحكومة وجوقة الشرعية منذ أول طلقة وجهها تجاه الدولة والمواطن أن تصنفه كجماعة إرهابية، وتعمل على كسر سيطرته على أي شبر في اليمن، فمحاربة الإرهاب حق وواجب مقدس، وتخليص الوطن والشعب فرض عين على كل من حمل المسؤولية لو كانوا يعقلون.
فرحة الحكومة وتلقفها للخبر بهذا الابتهاج، يجعلها أضحوكة وهي الحامية الأولى للحوثي من خلال اتفاق العار والخيانة "استكهولوم"، ومن خلال الفساد والتراخي الذي تعاملت به معه في مختلف الجبهات، وفي المحافل التفاوضية التي استطاع الحوثي تثبيت نفسه بطريقة أو بأخرى، واكتفت الشرعية بالغربة وبدل السفر متفرغة تماماً لكيل التهم لهذا الطرف أو ذاك، بما فيها معاداة أحد أهم أطراف التحالف العربي.
أما القرار الأمريكي وإن جاء متأخراً فهو دليل كبير على قناعة المجتمع الدولي -عدا غريفيث- والدول الكبرى بأن هذه الجماعة الفاشية لا تعرف ولا تفهم لغة غير القتل والدمار والإرهاب، وأن كل محاولات السلام معها باءت بالفشل، وبإصرارها على أن تكون ذراع شر ومصدر إرهاب وتهديد للملاحة الدولية ودول الجوار، فقد حكمت على نفسها بنفسها واختارت أن تكون فوق ما في الإرهاب من إرهاب، كما يكشف القرار الأمريكي المتأخر، أيضاً، ضعف وفشل الشرعية وعجز دبلوماسيتها وخارجيتها وسفرائها عن تعريف واقناع دول العالم بما يرتكبه الحوثيون في اليمن منذ منتصف 2014، ولو كانت فعلت ذلك لكان تصنيف الحوثي جاء منذ اليوم الأول لحربه على الشعب، وانقلابه على الدولة، ولكانت الحركة انتهت وانتهى شرها منذ أمد بعيد.
المهم أن القرار الأمريكي يصنف الجماعة تصنيفا عادلا، وسيعمل على محاسبة كل من يتعامل معها أو تربطه صلات بها، وهذا مصدر الخوف، فقد يكون فصيل قوي في الشرعية -حزب الإصلاح- أول من سيلحق بهذا التصنيف وتفرض عليه عقوبة التعامل مع جماعة إرهابية، فعلاقات الإخوان والحوثي علاقة تخادم قوية.