د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

إلى متى سيصمد "اتفاق الرياض" أمام طموحات "الإخوان"؟!

Saturday 30 January 2021 الساعة 06:34 pm

لا أزكّي "المجلس الانتقالي" في هذا المقام، ولا أطراف يمنية أخرى كثيرة على امتداد "المناطق المحررة"، وفي المقابل: تبرز "جماعة الإخوان". كما لو أنها العصا الغليظة المدسوسة في عجلة القضية اليمنية على الصعيدين السياسي والعسكري.

وهي كذلك في العادة، وفي كل حال يُفترض أن "اتفاق الرياض" وضع حداً، ولو مرحلياً للصراع بين الطرفين: "المجلس الانتقالي" الذي يتحرك باسمه، و"جماعة الإخوان" التي تتحكم وتتحرك باسم "الشرعية".

أكد هذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد جهد جهيد، محلي وإقليمي ودولي، على وجوب توحيد كل الجهود والإمكانات اليمنية.. لكل الأطراف ذات العلاقة، في كل "المناطق المحررة"، وتوجيهها لإسقاط دولة ومشروع الانقلاب الحوثي.

وبناءً عليه: يُفترض بميليشيات "الحشد الشعبي" -التابعة لجماعة الإخوان في "تعز الغربية". والمحسوبة على الشرعية- أن تتوجه شرقاً وشمالاً لتحرير بقية المحافظة من الميليشيا الحوثية التي تتقاسم معها المحافظة والمدينة منذ سنوات.

لكن ما يحدث هو أن هذه الميليشيا الدينية، التي تتلبس بزي الجيش الوطني، تتوغل غرباً وجنوباً للاستحواذ على المناطق المحررة. في توجه مناقض.. حتى للهدف الأساسي المعلن الذي تشكلت على أساسه هذه القوى المقاتلة.!

وبشكل عملي فقد قامت سلطة الأمر الواقع في تعز، مؤخراً، بتدشين معسكرات جديدة لأغراض قديمة: معسكر في الزعازع، ولواء آخر في منطقة الأخمور بين المواسط والمعافر، وشق طرق جديدة لأغراض عسكرية باتجاه الجنوب: لحج وما بعدها حتى رأس العارة وعدن.!

الترسانة الإعلامية الهائلة التابعة لهذه الجماعة متوجهة بدورها نحو الجنوب والغرب، فهي من جهة تقوم بتأويل كل ما يقوم به المجلس الانتقالي باعتباره ترتيبات للانقلاب على اتفاقية الرياض، ومن جهة أخرى بالتحريض على القوات المسيطرة على الساحل الغربي.!

بمعنى أن لا شيء تغير بالنسبة لأداء جماعة الإخوان في اليمن، تبعاً لاتفاق الرياض. كالتزامات وتعهدات سياسية وعسكرية وإعلامية.. مشهودة. تراعي بصرامة أولويات المرحلة اليمنية العصيبة الراهنة.!

ما تفعله هذه الجماعة اليوم، هو ما كانت تفعله بالأمس القريب، قبل هذا الاتفاق، وليس هذا مفاجئاً بالنسبة لطرف يشعر أنه متضرر من هذا الاتفاق، ويعمل وفق أجندة براجماتية عقائدية ثابتة، محكومة بالمصلحة الفئوية الخاصة، لا المصلحة الوطنية العامة.

الانتقالي في المقابل ليس سهلاً، ولا غافلاً عن ما يُحاك وينفذ ضده، ولا أحد يدري إلى أي مدى سيصمد هذا الاتفاق، لكن المؤكد أن أسلحة الطرفين إذا لم تصوب باتجاه عدو مشترك فستصوب باتجاه بعضهما.. وما لم تتغير الأمور جذرياً فإن عودة الصدام بينهما باتت مسألة وقت!