لم تتوقف الحرب التي تشنها الجماعة الحوثية على مناطق الضالع، منذ 18 أبريل 2019م، حينما احتلت هذه الجماعة جبال العود وما حولها في صفقة ما تزال خفاياها غير معروفة للجميع.
كانت القوات المحسوبة على الشرعية من "الجيش الوطني" تسيطر على مناطق مريس ودمت وجبال العود ومناطق السدة والنادرة وأجزاء من مناطق الشعر حتى الحشا وقعطبة اللتين لا تبعدان عن مدينة الضالع عاصمة المحافظة سوى بضعة كيلو مترات.
وقد جرى تسليم معظم هذه المناطق من قبل قيادة اللواء "الشرعي" للجماعة الحوثية دونما طلقة رصاص واحدة، كما هي عادة "الجيش الوطني"، ولم نسمع إلا عن وصول الجنرال (الشرعي) قائد اللواء إلى صنعاء لتأدية فروض الولاء والطاعة لوكلاء إيران في اليمن.
هذا الحدث أشعل جبهات الضالع من جديد وفتح شهية الجماعة الحوثية للتوسع جنوباً، في محاولة للثأر لما تعرضت له من هزائم لم تتوقعها على أيدي المقاومة الجنوبية في العام 2015م ولتحقيق المزيد من نقاط التفوق واجتياح مناطق جديدة في إطار مشروعها التوسعي الذي أسنده إليها نظام "آيات الله" من طهران.
على امتداد جبهات الضالع الممتدة عدة كيلو مترات أفقيا، تدور معارك حامية الوطيس يسحق فيها أبطال المقاومة، من أبناء الضالع وقعطبة ومريس والحشا ودمت، فلول الحوثية بقوة لم تتوقعها هذه الجماعة.
ومن المعلوم أن وقود هذه المعارك يتمثل في أرواح ودماء زكية من أبناء تلك المناطق، ومعهم الآلاف من أفراد وقيادات المقاومة الجنوبية، ممن أبوا أن يروا هذه الجماعة المارقة تطأ من جديد شبراً واحداً من تراب أرض الجنوب، وهي معارك شرف وإباء وبطولة يفترض أن يفاخر فيها كل من يتصدى للمشروع الإيراني في شمال اليمن وجنوبه.
في الأسبوعين الأخيرين طغت على الوسط الإعلامي (الشرعي) أخبار المعارك في مأرب والمقاومة البطولية التي يبديها أبناء مأرب الأبطال ومن معهم من أبناء المحافظات المجاورة، وهو أمر يستحق هذا الاهتمام والمتابعة الدقيقين، لكن جبهة الضالع ومنذ 2019م كانت مشتعلة دوما، بيد أنها ظلت وما زالت عرضة للنسيان والتناسي من قبل القائمين على الإعلام الرسمي وغير الرسمي، من أدعياء نصرة الشرعية وإعلامهم في الرياض وجدة وإسطنبول.
منذ إبريل 2019م يقاوم أبناء محافظة الضالع بمديرياتها الجنوبية والشمالية ببطولة نادرة وبميزان قوى مختل لصالح قوى العدوان الحوثية السلالية، وسقط في هذه المعارك مئات الشهداء والجرحى بينهم قادة أبطال، ليس أولهم ولا آخرهم الشهيد البطل اللواء سيف محمد صالح العفيف، المشهور بــ"سيف سكره"، عليه وعلى جميع الشهداء رحمة الله ورضوانه، ولم نسمع خبرا ولا تعليقا من قبل إعلام "شرعية إسطنبول"، بل وقد قرأنا أنباء وتعليقات تنفح منها رائحة التشفي والابتهاج بسقوط هؤلاء الشهداء الأبرار.
تلقيت رسائل من بعض القادة والجنود من المقاومين الأبطال، وبعضهم مرقمون ضمن قوام القوات المسلحة الحكومية، يقولون لي فيها إنهم لم يستلموا رواتبهم منذ أكثر من 8 أشهر، وإن التموين الغذائي والتقني لهم ينحسر باتجاه العجز الكلي، وإنهم يعتمدون على ما يأتون به من مناطقهم وما يدعمهم به الأهالي وبعض الجمعيات الخيرية.
وقال لي أحدهم حرفيا، "نحن نجتمع على المأدبة الواحدة ونتغدى مقدارا ضئيلاً من الرز الناشف، ونتقاسم رجل فرخة بين خمسة أفراد" في حين يربض وزير الدفاع الشرعي على مرتبات قرابة 600 ألف اسم 70% منها أسماء وهمية ولم يسأل قط عن هذه الجبهة التي أذاقت القوات الحوثية الأمرين، بافتراض أنه يحارب هذه الجماعة وأنه يصنفهم في قائمة الأعداء.
السؤال هو هل جبهة الضالع منسية فعلاً، أم أنه التناسي والتعتيم والتجاهل المقصود والمخطط والمشترك بين الجماعة الحوثية وجماعة "الشرعية" الموزعين بين إسطنبول والرياض وخارج الرياض؟.
تحية إجلال وإكبار وعرفان لرجال ونساء المقاومة البطولية في مديريات الضالع جميعها، ودعوة لكل ذي ذرة من الوطنية والإباء والكرامة، إلى حشد ما يمكن من إمكانيات الدعم المادي والمعنوي لأبناء الضالع ومن معهم من المقاومين الأبطال، فالضالع ليست فقط مدينة ولا محافظة، بل هي بوابة للوطن كل الوطن، وانتصارها هو انتصار للجميع، وأي انكسار تتعرض له، لا سمح الله، لن يدفع ثمنه إلا الجميع بما في ذلك أولئك المتقولون والمحرضون على الضالع وأبناء الضالع.
والرحمة للشهداء الأبطال والشفاء للجرحى.
ولا نامت أعين الجبناء.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك.