"فهمه رطل، يفهم وقية" مثل شعبي يمني يقال كردة فعل على من يرفض أن يفهم امرا واضحا، أو يعاني من بطء حاد في الاستيعاب، وإذا ما أسقطنا هذا المثل على الواقع الذي تمر به اليمن، سنجد أنه ينطبق تماماً على كثير من الجماعات والأحزاب السياسية المؤثرة والمستأثرة بتصدر المشهد اليمني.
وإذا أخذنا حزب الإصلاح، فرع جماعة الإخوان في اليمن، كحالة أولى لإسقاط المثل عليها من خلال وقائع واضحة وجلية لا لبس فيها، سنجد أنها تعمل بكل جهد وطاقة لإثبات رفضها في الفهم أو بمعنى آخر إصرارها في تأويل الأمور وحرف وقلب الحقائق وفق أجندتها المشبوهة، متكئة في ذلك على اتباع الحزب وجهل وغباء من تنطلي عليهم شعارات الإصلاح، ولعل من أبرز محطات اللؤم الإخواني وعدم الفهم واختلاقهم معارك عبثية وتوهمات غبية ما يلي:
بينما كانت قوات المقاومة الوطنية والعمالقة يسحقون أزلام الحوثي بامتداد الساحل الغربي، وإعلان القيادة المشتركة لقوات الساحل بأن هدفها صنعاء وعدوها الحوثي، وغايتها السلام، وسبيلها في ذلك صدق التضحية وتضافر الجهود، انبرى حزب الإصلاح للتهييج الإعلامي والتحشيد الاجتماعي وإقامة صلوات الساحات واختلاق أوهام مفادها أن طارق سيتوجه تعز، وأن طارق ينسق مع الحوثي، ويتلقى دعما من أبو ظبي، متغافلين تماماً عن مختلف جهات الدعم التي تتلقفها جماعة الإخوان (حزب الإصلاح)، وكارثية الأجندة المشبوهة التي ينفذها الحزب وكيف ساهم إسهاماً مباشرا مع الحوثيين في تدمير مؤسسات الدولة وتحويلها لمؤسسات خاصة تعمل لصالح الجماعتين (الحوثي، الإصلاح) وفق نظرية الولاية والخلافة.
ولأجل ذلك وجه الإصلاح كتّابه وناشطيه وقنواته وكافة اتباعه للعمل على (تخوين، وشيطنة) قوات الساحل، ليخرج بعد ذلك العميد طارق صالح معلناً أن بندقيته موجهة للحوثي وأن معركته للأمام نحو الحديدة وصعدة. مبديا استعداده للعمل مع قيادات الإصلاح العسكرية ومساعدتهم على تحرير تعز، ليتجهوا معاً نحو صنعاء التي فرت منها الشرعية وقياداتها السياسية والعسكرية قبل سبعة أعوام.
ولكن وكما يقول المثل (فهمه رطل، يفهم وقية) رفض الإصلاح وقياداته تلك العروض والتطمينات، والتأكيدات بأن المعركة تتجه نحو تحرير المحافظات المغتصبة وليس لتحرير المحرر.
-المحطة الثانية، عندما كان أبطال المحافظات الجنوبية يسطرون أروع أمثلة التحدي والصمود والانتصار حتى وصلوا إلى جبل العود، ارتفعت عقيرة الإخوان المسلمين في اليمن (حزب الإصلاح)، وزاد منسوب التخوين والاستهداف، ضد قوات المجلس الانتقالي والاحزمة الأمنية وقوات النخبة، وصولاً لتبريرهم خيانتهم العسكرية امتداداً من البيضاء وحتى وادي آل أبو جبارة في صعدة، وعندما كان أبطال الجنوب وقياداته يقولون سنعمل على مساعدة أبناء الشمال، وجيش الشرعية بكل ما أوتينا من قوة بغية تحرير صنعاء، ويحل الاستقرار وحتماً سنتفق على حلول مرضية وملبية لتطلعات شعبنا جنوباً وشمالا، لكن الإصلاح وناشطيه ومثقفيه ذهبوا بعيداً في الاستهداف والاستعداء، مختلقين معركة (سقطرى) إعلامياً للهروب والتعمية على ما ارتكبوه من خيانة، وصولاً للدفع بقوات كبيرة باتجاه شبوة وأبين المحررتين، ناسين بل رافضين التوجه شمالاً نحو ذمار واب وصنعاء، ليثبتوا أنهم لا يفهمون إلا ما يصب في خدمة أجندة أمروا بتنفيذها حتى وإن كان ثمن ذلك وطنا مستباحا ودما مسفوكا وشعبا يسحق كل ثانية.
والحالة الثالثة، تفسيرهم المزاجي لتنبيهات عيدروس الزبيدي، التي أراد من خلالها أن يقول، مارب معقل الأشاوس والقبائل الصامدة، ومنطلق اليمنيين وعنوان جمهوريتهم، واجب الحفاظ عليها وليس التخاذل والتفريط، واجب قبول كل طرف يساند صمودها ومستعد للقتال دفاعاً عنها، فلتبتعدوا عن الحسابات الضيقة، والأوهام الخرافية، فلا أحد سيلغي احدا أو يبتلعه، فالتفريط بمارب يعطي الحوثي نصراً وقوة أكبر إذا بسط نفوذه في كل محافظات الشمال، وحينها لن نقبل بأن تكون المحافظات الجنوبية مأوى الفاشلين أو معسكرا مفتوحا للقوات المؤدلجة التي فشلت في حماية ما تحت يدها، ولم تتقدم نحو الهدف الذي انشئت لأجله وهو تحرير الوطن، فالمحافظات الجنوبية لا تحتمل مزيداً من التوتر الذي تصطنعه قوى الإصلاح وقياداته، ولن يقبل الجنوبيون وكل الأحرار أن تتحول عدن أو شبوة أو حضرموت موطنا بديلا للمستهترين المفرطين، ومن حق أبناء الجنوب العمل على تحصين مناطقهم وتحقيق استقرار وامن وامان، فحين يفرض الحوثي نفسه حاكماً للشمال، لن يقبل الجنوبيون حتماً البقاء تحت حكم الكهنوت.