عبدالحليم صبر

عبدالحليم صبر

تابعنى على

شرايين قطر في الداخل

Thursday 01 April 2021 الساعة 03:35 pm

غادر عدن وهو يتمنى لها الدمار، وخرج من اليمن وهو يحاول تقديمها قرباناً لمن كان قد اتفق معهم على تدميرها، حينها كانت لحظات يسعى من خلالها بناء مجده الخاص على حساب الدم اليمني مقابل ما سيحصده من أموال قطرية تركية، كانت ستؤول بنتيجة كارثية وحرب شعواء داخل البلاد، بينما مسبباتها بدأت شريفة للبعض الذين استعطفهم بخطاباته عبر المنابر الإعلامية ذات الصيت السيئ والتوجهات المشبوهة.

من نافذته الفخمة المُطلة على شوارع البذخ خارج البلاد، يخرج في كل مرة تارةً يطمئن من هم في الداخل بأنه سيكون المخلص لمعاناتهم ــ حسب تصريحاته ــ وتارةً أخرى يتوعد خصومه بالحديد والنار، بينما في واقع الحال انه ومن خلال كل تصريحاته وتوجهاته وتحركاته صار رصاصة علي محسن الثانية في خاصرة الجنوب.

صادق الإمارات حين كانت تدفع الأموال واتهمها حين ضاعفت الرياض المبالغ، ثم وقف ضد الرياض مع قطر، ثم اتفق مع قطر لصالح تركيا، وحين تبحث عن اليمن الجمهوري في كل تقلباته ستجد أنها مختزلة بتلك الأموال التي يقبضها من كل الأطراف الخارجية التي يلعب معها في هذه المساحة مستغلا تطلعات الناس التي تبحث عن الخلاص من الحرب التي دخلت عامها السابع دون أي أفق للسلام. 

في بداية ديسمبر 2017م كان هناك عدد من الأسماء مطروحة على الطاولة لمناقشتها في تولي منصب وزارة الداخلية بعد حسين عرب في حكومة بن دغر، وعندما طرح اسم الميسري كان هناك اعتراض عليه، لكونه وزير الزراعة في الحكومة السابقة ولم يأت بجديد. أمّا في هذا المنصب يتطلب شخصية قوية تتولى هذه المهام. 

نُقل هذا الحديث من طاولة النقاش المغلقة إلى الميسري عبر أحد الأصدقاء (الوزراء) المتجملين عبر اتصال همس بها ذات مساء في مهاتفة هي الأولى في سبيل ترتيب المصالح.

قال الميسري لصديقه الحميم الجديد: 

"وما المانع أن أكون وزير الداخلية فـ"عزة الدوري" كان وزير الزراعة ثم للداخلية، وهو الذي كان أيضاً رئيساً للجنة العليا للعمل الشعبي في العراق آنذاك". ثم أردف صديقه قائلاً: "وأنت أيضاً كنت قائدا للجان الشعبية الجنوبية في العاصمة عدن. وعليك نقل ذلك إلى الرئيس لقطع الطريق أمام الأسماء الأخرى المطروحة على طاولة الرئيس".

ولكم أن تتخيلوا أنه بهذا المنطق وبتلك السيرة الذاتية صعد الميسري وزيراً للداخلية ونائبا لرئيس الوزراء في حكومة بن دغر منذ 25 ديسمبر 2017 حتى 18 ديسمبر 2020، متجاوزين كل التوافقات والمشاورات بين الأطراف الداخلية، وخلال فترة توليه هذا المنصب لم يقدم ما هو جديد يمكن للتاريخ تدوينه في بطون الكتب ((رغم كل الأموال التي قبضها من الشرعية ومن التحالف)) غير تلك الدعاية النارية التي كان يشعل فيها حماس المجتمع في هدف غير سام كان يعتقد انه سيكون بطلاً او ربما الرجل الثاني بعد هادي تمهيداً لزعامة قادمة حسب ما يوهم به نفسه انه سيكون "عزة الدوري في اليمن". لكنه وللأسف سقط مبكراً وفق توافقات واتفاقات داخلية وطنية مع أنه كان ينبغي ان يسقط لفساده الكبير والمهول داخل المؤسسة الأمنية خلال فترة توليه، في محاكمة عادلة تضع الناس امام حقيقة هذه النماذج من مدعي الوطنية.. ومع ذلك دائماً يتساءل الناس: هل تلك التوافقات باتت حصنا وحماية لأولئك الذين عاثوا في الأرض فساداً ونهبوا الحقوق العامه والخاصة؟

يحتكم الميسري للفوضى من أجل تقديم نفسه ربانا للسفينة، فمنذ غادر البلد وهو يتوعد عدن بجيش شقرة ومأرب وتعز ويعمل على تغذية كل ما من شأنه إسقاط عدن في دوامة الصراع عبر خلايا نشطة داخل العاصمة وفي الحارات تعمل بوتيرة عالية على تهيئة هذا الأمر، بينما لم يكن شجاعاً أمام صفته ومسؤوليته عندما كان في هرم الدولة ليحرك هذه القوة التي يتفاخر بها من أجل استعادة صنعاء وإسقاط الانقلاب الحوثي.

يعود اليوم الميسري مُهتزا وبنفس التقلبات والتناقضات. فهو يقول إنه لم يتسلم دعماً إطلاقاً غير ما ورث من الإمكانيات التي كانت تسلم للوزير السابق، بينما كل الشعب اليمني يدرك انه حتى السيارات المدرعة والطقومات التي كانت تحميه هي من التحالف، وهذا ليس بجديد علينا.

يتحدث أيضا على معين عبدالملك أنه غير صالح لرئاسة الوزراء، بينما يؤكد أنه رجل التوافقات، ثم يؤكد أن أمر رئاسة الوزراء بيد السيد هادي وهو الذي يمنحها لمن يريد.

يتحدث عن معاناة عدن (فقط) وعن تردي الأوضاع داخل العاصمة، ثم يناقض نفسه أن غزوة المعاشيق كانت فقط ايعازا من الإماراتيين للمجلس الانتقالي أرادوا أن يجروا السعوديين المكلفين بحماية المعاشيق إلى الاشتباك مع المواطنين وسقوط قتلى وجرحى، من اجل الضغط على السعودية للتخفيف على جبهات مأرب، مع أن المذيع كان يحاول تجميل إجابته ولو بقليل من القبول بها لدى المستمع..

يقول أيضاً إن عدم تمدد اللجان الشعبية حينها عندما كان قائدا لها هو نظراً لعدم معرفة القوات بالجغرافية ثم صعوبة وحساسية الموقف بين الجنوب والشمال، بينما يتحدث أن القوات جاهزة لاقتحام الجنوب وهي القوات في مأرب وشبوة والصبيحة وتعز.

مؤخراً أقول إن أحمد الميسري يسير على خُطى العيسي، مع فارق أن العيسي يطمح إلى أن يكون خلفاً لهادي، بينما يأمل الميسري مواصلة مشروعه البسيط الذي كشفه في 2017م وهو أن يكون "عزة الدوري في اليمن" ولا يفكر في تجاوز هادي. هذه هي خلاصة ما قاله في مقابلة الليلة في برنامج بلا حدود على الجزيرة، مع التأكيد أن هذه الكائنات اللزجة هم من أصبحوا شرايين قطر في الداخل وينبغي الحذر منهم باستخدام كل وسائل الحماية.