د. صادق القاضي
"طارق صالح".. الرقم الجديد في المعادلات القديمة
منذ البدء كان دخول "طارق صالح" معترك الحرب ضد "الجماعة الحوثية"، وتمدده العسكري المتسارع في الساحل الغربي، مقلقا لكثيرٍ من الأطراف، ومربكاً لكثيرٍ من الحسابات المحلية والإقليمية والدولية.
هناك رقم جديد صعب دخل المعادلة، وهذا يؤثر بالضرورة على مختلف قيمها، وحتى لا يصبح هذا الرقم أكبر والتأثير أقوى، عملت الأطراف المعنية على الحد من هذا التنامي والتوسّع بفرض "اتفاق استوكهولم".
ومع أن ذلك التمدد العسكري من باب المندب إلى مدينة الحديدة، تم على حساب "الجماعة الحوثية"، ويُفترض أنه لصالح "الشرعية".. إلا أن جزءا كبيرا من المخاوف ذات العلاقة تبدّت من قبل أطراف محسوبة على "الشرعية".!
بعض هذه الأطراف هي الآن أيضاً الأكثر استياءً من تشكيل "المجلس السياسي للمقاومة الوطنية". رغم تأكيد "طارق" في بيان التشكيل على:
- التمسك بـ"الشرعية اليمنية".
- التمسك بـ"الدستور اليمني".
أين تكمن المشكلة؟!
من جهته يبدو "طارق صالح" -حتى الآن على الأقل- ملتزما بشدة. لفظيا وعملياً، بحدود قضيته ومعركته المتمثلة بالحرب ضد الانقلاب الحوثي، وتجنب المهاترات والمعارك الجانبية.
وفي موقفه من الأطراف التابعة للشرعية، أكد الرجل مراراً، وبالذات في خطابه الأخير على:
- الانفتاح على مختلف القوى والأحزاب السياسية في الساحة اليمنية.
- والدعوة لـ"مصالحة وطنية شاملة لكل القوى والمكونات الوطنية المناهضة للمشروع الايراني في اليمن".
في المقابل، انخرطت بعض الأطراف التابعة للشرعية منذ سنوات، وعلى حساب أولويات القضية اليمنية في معارك جانبية، لتحقيق أقصى حد ممكن من المصالح الخاصة من علاقتها بحكومة الشرعية.
وفي موقفها من طارق، تفضّل هذه الأطراف النافذة في الشرعية أن يظل هذا الرجل وكيانه السياسي والعسكري خصماً لها خارج الشرعية على أن يصبح شريكا لها ضمنها.!
هذا بجانب أن العملية السياسية في اليمن. غارقة برمتها في الخصومات والأحقاد التاريخية، والمشاريع الآنية الفئوية:
بعضهم. وبنزعة ثورية عجيبة تعمل بأثر رجعي.. ما زال يتخوّف من عودة الرئيس المرحوم "صالح" إلى السلطة من خلال قوات "طارق صالح"، أو من خلال أي شخص أو طرف أو حدث له علاقة بأسرته.!
حكومة الشرعية من جهتها، وفي ظل الفشل الذريع في إدارة القضية والحرب، ووصولها إلى جدار مسدود بهذا الشأن. منذ سنوات.. تتخوف من طرف جديد ناجح.. يخطف منها الراية والقضية والمصالح ذات الصلة.!
هذا كومٌ، ومخاوف ومطامع "جماعة الإخوان المسلمين" في اليمن ثلاثة أكوام، فبالإضافة للفوبيا الثورية، والمصالح الشرعجية، والمشروع الفئوي الخاص.. لا تخفي هذه الجماعة رغبتها العارمة بالسيطرة على المناطق التي تسيطر عليها القوات المشتركة في الساحل الغربي.!
الإعلان عن تشكيل "المجلس السياسي" أضاف سبباً جديدا لتوتر مواقف هذه الأطراف من "طارق" خاصةً وقد أعلن الرجل:
- رغبة جادة للتقارب مع حكومة الشرعية.
- وأن من حق الكيان الجديد الذي يتزعمه "أن يكون جزءا سياسياً في هذا الوطن، ضمن الشرعية، وجزءًا فاعلاً في مواجهة العدوان الحوثي".
بمعنى أنه يريد ويحاول أن يصبح جزءا من كيان "حكومة الشرعية"، وهذا -وفق تفكيرٍ هذه الأطراف- يهدد مصالحها وحصصها الراهنة: دخول عضو جديد قوي في الشرعية يعني أن يكون له نصيب كبير من الكعكة على حساب أنصبة الأطراف السابقة.
هذا الهاجس الانتهازي هو الأكثر حضورا في ذهنية الأطراف المستاءة، ورغم تأكيد الرجل على: أن هذا الكيان ليس بديلا عن أحد، وليس ضد حكومة الشرعية.
إلا أن هذا وحده لا يكفي لطمأنة هذه الأطراف التي ترى أن احتواء "المجلس السياسي" ضمن كيان الشرعية -على غرار ما حدث لـ"المجلس الانتقالي"- يهدد مصالحها، وسيتم على حساب حصصها التمثيلية والمصلحية الراهنة!