لا تخدروا الناس ببعض القواعد الشائعة، فالحق لا ينتصر إلا بالقوة، والمظلوم لا ينتصر إلا في الآخرة.
أما اليوم فالقواعد تتحدث بأن النصر لصاحب القوة مهما كان، على حق أو باطل.
النصر حليف من يعد نفسه ويرتب جبهاته.
النصر لمن يتحرك بجدية لحشد كل مقومات وعوامل النصر.
النصر لمن يسخر كل جهوده وامكانياته لخدمة المعركة.
النصر لمن يرسم أهدافه بعد دراسة عميقة وواسعة، فيتعامل معها بحسب الأولوية، دون أن ينحرف بمسارات معركته في أي اتجاهات أخرى قد تؤثر على المسار الرئيسي للمعركة الأم.
النصر لمن استغل أوقات التهدئة لحشد القوات، وتدريبها لتصبح على مستوى عال من الحرفية، ووفق ما تتطلبه مسارح عملياته المدرجة ضمن خططه القادمة، وعلى اكثر من تكتيك وسلاح وتخصص.
سينتصر كل من حرص وما زال على بناء وحدات عسكرية بقوام بشري متكامل، ومتنوع المهارات، موزعاً على كتائب يقودها نخبة من الضباط الأكفاء، المنسجمين مع بعضهم، والمتناسقين في خبراتهم، الموحدين في مصطلحاتهم وأهدافهم، المتبادلين للثقة فيما بينهم، إذا ذهبوا إلى معركة ساد بينهم التفاهم، فيعرف كل منهم مساره ومسار زميله الذي سيمضي كل منهم مع أفراده فيه، منطلقين من خطة واضحة اسندت لكل منهم قطاعاً لخوض معركته الهجومية فيه، فلا يتوانى أحدهم في تقديم الإسناد الناري اللازم للآخر إذا ما استدعى الموقف ذلك، ولا يتوقف أحدهم إلا بعد اكتمال مهمته وفي التزمين المحدد.
فيكملون مهمتهم ليلتقوا بعد تأمين المكاسب، وغبار المعركة يغطي اجسادهم فيهرع كل منهم فارداً كفه لكف زميله، يتبادلون تهاني النصر، ويتجهون لاجتماع عاجل في المكان المحدد، لتقييم نسبة إنجاز الخطة، مع أخذ الايجابيات والسلبيات، ويتبادلون الرؤى والمقترحات المفيدة لتعزيز المكاسب، بالتوازي مع دراسة الموقف القتالي للعدو وما يمكنه أن يقوم به، وما هي الخطوات التي تجعل كل تحركاته محكومة بالفشل، وترتيب تلك الخطوات على الأرض، وتحصين المواقع الجديدة للقوات، وفتح خطوط الإمداد والإخلاء إليها، وتوفير كل ما يهم المعركة.
سينتصر من يعمل على توليد أسباب الانتصار، فالانتصارات لا تأتي بالفطرة أو بالصدفة إلا في النادر، لكنها تظل مهددة وغير مضمونة وقصيرة الأجل، وأحياناً تتحول إلى مصيدة وخاصة إذا تم التعاطي معها ببرود واستهبال.
من يريد الانتصار فمسارات تحقيق الانتصارات معروفة، ومن يكتفي بذيل الأهداف فقد صنع أسباب هزيمته بنفسه.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك