د. أيوب الحمادي

د. أيوب الحمادي

الصيام الأفضل بدلاً من أن نغالط أنفسنا

Tuesday 13 April 2021 الساعة 12:18 pm

 تزدحم الرسائل من الجميع بما فيهم العنصري، والطائفي، والمناطقي، والظالم، والفاسد، والسارق، والقاتل، والمغتصب، والمسترزق بعباد الله، والمتاجر بمعاناة الناس، والذي له شهور وسنوات يشحن في سحق وتدمير من هم ليسوا مثله، والإرهابي، الذي ليس معه من الإسلام إلا المظهر واللحية، بقولهم بأساليب مختلفة: شهر مبارك وتقبل الله منا أعمالنا وجعلنا في الفردوس الأعلى.

ومن شان ما نغالط أنفسنا، الذي هو مسؤول فاسد، وسارق لا يحتاج يغالط نفسه، وقبل أن يقلع عن الطعام، ويجوع نفسه عليه أن يقلع عن الفساد، والسرقة، والوساطة، والمحسوبية، وظلم وتصنيف ومحاربة الآخرين، فهذا هو صيامه الأفضل.

ومن هو سلالي، وطائفي، ومناطقي، ومذهبي مريض عليه أولا بنفسه، لأنه هو أكبر مستنقع للظلم وللرذيلة وامتهان كرامة الناس وبعدها يقول: تقبل الله منا أعمالنا. 

والذي في رقبته دم وفي قلبه حقد أو في كرشه مال أو أراض بسط عليها أو حق للآخرين، أولا يذكر أن الحقوق والمظالم والجرائم لا تلغى بقوله: شهر مبارك علينا وعليكم وتقبل الله منا أعمالنا؛ فصيامه ليس له قيمة ومظالم الناس في رقبته ودون قصاص. 

والذي عنده مشاكل مع أهله وأصحابه يصلحها على مدار العام بدل من مغالطة أنفسنا، ولبس ثوب الزهاد وتوزيع العبارات، بأن هذا شهر الخير والفضيلة وصلة الرحم. 

والذي عنده قطيعة رحم يتصالح مع أقربائه ويمد لهم يده وهو قادر، فالبلد تعاني وليس الله بحاجة لصيامكم وسلوككم غير إنساني. 

والذي يحمل على أخيه اليمني في قلبه شيئا ويوصفه بدحباشي أو مجوسي أو داعشي، يشيل الحقد ويتسامح ويتصالح. فلا تبنى طريق الجنة إلا بالتعايش والمحبة والسلام، وليس التحقير والتهجم والظلم، بعدها قل سامحوني ونسألكم براءة الذمة وشهر مبارك وتقبل الله منا أعمالنا. 

والذي يريد يمزق اليمن والمجتمع، فهذا يهدم ليس الأسرة وإنما المجتمع، ويهدم قوله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"، أي بعهد الله، هذا لا يحتاج يمثل الخير تحت مفهوم السياسة والمراوغة والدين، أي أيضا يخجل أولا من ذاته قبل أن يقول سامحوني ونسألكم براءة الذمة وشهر مبارك وتقبل الله منا أعمالنا.

 فكيف يكون "شهر مبارك" وهو لم يحافظ على عهد الله ولم يفهم قول رسوله "إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم".

أي اتركوا الرسائل الفارغة، فنحن نعاني ونتألم منذ سنوات بسبب الحقد والغباء والفساد، والزعامات المنفوخة دون إنجاز.

  فالله قد أغلق المساجد بكورونا بوجوهكم، وباعد بينكم لتعلموا أن العبادات سلوك رباني يتنافس بها البشر ليرتقوا.

 غيروا نفوسكم وابحثوا عن المرض داخلها، فلا صلاة ولا صيام لمن ليس لديه القيم والمفاهيم الدينية والرحمة وتسكن بداخله الفضيلة، التي تهذب أخلاقنا وتحمي كرامة الآخر حتى وإن كان هو العدو في كيانه.

وتذكروا أن أموالكم واعمالكم ما هي إلا أثقال تحملونها معكم، فإن كانت خيرا فهي لكم، وإن كانت كسبت من ظلم وقهر للغير فقد سقطت بكم إلى حيث يريد ربكم بقوله، "من عمل صالحا فلنفسه"، بمعنى يستوجب في المعاد من الله الجنة، "ومن أساء فعليها"، فعلى نفسه جنى العقاب الأليم، "وما ربك بظلام للعبيد"، بمعنى بحامل عقوبة ذنب شخص على غير مكتسبه.

وأصلح الله أحوالنا.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك