د. ياسين سعيد نعمان

د. ياسين سعيد نعمان

تابعنى على

"لعلي آتيكم منها بقبس"

Wednesday 28 April 2021 الساعة 09:17 pm

قال موسى لأهله وقد ظل طريقه في سيناء نحو مصر: "امكثوا إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى".

كان على اليمنيين وقد تخبطوا في مسارات مغلقة، وحروب وصراعات منهكة، أن يعيدوا النظر فيما آل إليه حالهم، فهداهم تفكيرهم إلى حقيقة أن تاريخهم المشتعل بنار الخصومة لا بد أن يجدوا فيه شيئاً يدلهم على المسار الصحيح، فإن لم يجدوا، أخذوا منه قبساً ينير طريقهم للخروج من مأزق الصراعات والانتكاسات المتكررة.

وكان "الحوار"، هو القبس الذي تواصل مع تاريخ عريق للحكم يليق بهذا البلد العظيم "يا أيها الملأ أفتوني في أمري، ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون".

أخذ اليمنيون قبساً من تلك النار المشتعلة في تاريخهم لينيروا طريقهم إلى حياة جديدة، لكن الخونة ولصوص التاريخ والمأخوذين بعصبية غارقة في الدم اختطفوا ذلك القبس واضرموا النار ليحرقوا البلد وكل أمل في حياة جديدة آمنة ومستقرة. 

أمران يثيران الانتباه، الأول هو أن القبس مستوحى من تاريخ الدولة السبئية القديمة وعاصمتها مأرب، والثاني هو أن مأرب اليوم هي من وضعها التاريخ في مواجهة مع أولئك اللصوص والخونة الذين اختطفوا القبس واضرموا النار في ربوع اليمن. 

للتاريخ منطقه الخاص.

*  *  *

في معظم التحالفات السياسية لا تنتظم القواعد المنظمة للتحالف وفقاً لمنظومة قيم موحدة، وإنما وفقاً للمتغيرات التي تحدث على صعيد الوضع العام الذي يقوم في ظله وبسببه التحالف. 

غالبا ما يكون ذلك هو المنهج الذي يتبعه الطرف القوي في التحالف، والذي تتحرك مصالحه بصورة مستقلة عن المصلحة المشتركة لأطراف التحالف الأخرى. 

يدار هذا النوع من التحالفات بأدوات تكتيكية، والطرف الأقوى فيه لا يقبل العمل بأي رؤية استراتيجية تنتظم في إطارها أنشطة التحالف، لأن مثل هذه الرؤيا تقيده عن التحرك بصورة مستقلة عن بقية الأطراف. 

ولذلك فإنه يتمسك في الغالب ببقاء التحالف في حالة من المرونة الفضفاضة التي لا تسمح بتأسيس قواعد ملزمة للعمل المشترك. 

في كثير من تجارب التحالفات السياسية التاريخية يمكننا ملاحظة بروز "ثنائية تحكمية" في التعاطي مع وظيفتها، فالطرف الأقوى يستخدم التحالف على نحو تكتيكي عندما يتعلق الأمر بمصالح التحالف المشتركة، وعلى نحو استراتيجي فيما يخص مصلحته المستقلة. 

بمعنى أنه لا يرى التحالف غير أداة لتحقيق مصلحته العليا.

 والأسوأ هنا هو عندما لا يرى هذا الطرف أن مصالح حلفائه جزء من مصلحته العليا. 

وهو، لذلك، إذا استطاع عند نقطة معينة أن يحقق هذه المصلحة على نحو مستقل عن الأطراف الأخرى فإنه لا يتردد عن تفكيك التحالف بأشكال مختلفة.

 وأكثر الأشكال استخداماً، كما تقول هذه التجارب، هي حملات التشويه ضد الحلفاء لتبرير التخلي عنهم، إضافة إلى استخدام النفوذ في شراء ولاءات خاصة تنتهي بالتحالف إلى التفكك.

*جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيس بوك