الحروب والدماء والدمار وسقوط الدولة والتشظي الرهيب وكل المآسي والكوارث التي يعيشها اليمن بسبب فوضى الربيع وما جر وراءه من ابتلاع المشروع الحوثي الإيراني للدولة، كل هذه ليست إلا نتائج وآثارا لمشكلة حقيقية عميقة الجذور.
ما لم تحظ القضية بدراسة عميقة في جذور وأسباب المشكلة فلن يكون هناك حل ناجع يقضي على أسباب الصراع ويصنع سلاما حقيقيا مستداما.
* * *
لقد حملت على عاتقي مهمة إبراز صوت أخوي عروبي إنساني تجاه أهلي في الجنوب، وآمنت أن الوحدة الحقيقية هي وحدة القلوب وأن خطاب العداء والاقتتال والتحريض وإراقة الدماء باسم الوحدة خاطئ وخطير.
فانحزت لصوت العقل والإخاء والمحبة احتراما وتقديرا لتاريخ الجنوب وتضحياته.
* * *
لقد قامت الوحدة في 22 مايو 1990م على أساس النظام الجمهوري الديمقراطي الشوروي، ثم عادت الإمامة الحوثية وأسقطت الدولة في صنعاء وزحفت نحو الجنوب.
حرر الجنوبيون أرضهم، وعطل الإخونج معركة تحرير الشمال، ثم صاحوا الوحدة في خطر!
قلنا لهم استعيدوا الجمهورية أولاً.
* * *
الجنوب شعب ودولة وقبائل عريقة أخوة لنا في اللحم والدم والنسب، لم تصنعه السعودية ولم تصدره لنا الامارات كما يحلو لذباب الإخونج ترديده.
اتحدنا نعم على أسس وثوابت معروفة في مايو 1990م ثم حصل ما حصل إلى اليوم، حراك من 2006م ودماء سالت كالأنهار ألا ترونها؟!
* * *
التحصين الشعبي الذي حدث في الجنوب تجاه مشروعي الإرهاب والعنصرية الحوثي والإخوان، جهد عظيم يبعث على الفخر.
والفضل الاول في ذلك لمجتمع الجنوب الواعي الذي عركته التجارب وأنتجت رؤيته معاناة السنين وتاريخ طويل من مناهضة كل مشاريع العنصرية، إضافة لدور القيادات والاعلاميين الجنوبيين الذي يستحق كل شكر وتقدير.
* * *
المجلس الانتقالي الجنوبي الذي قال عنه الإخونج والحوثيون إنه صنيعة الإمارات ولا يمثل الجنوبيين ولا يملك أي شعبية في الجنوب!
حاربه الحوثي وعجز أن يأخذ مما تحت يده شبرا من الأرض ثم تحول إلى الإخونج وأسقطها محافظات من أيديهم في أسابيع!
حاربه الاخونج وعجزوا أن يجتثوه أو يأخذوا شبرا من أرضه رغم ما حشدوا ضده من سياسة واعلام وجيوش!!
* * *
أعرف مجموعة من المسؤولين الجنوبيين الفاسدين المحسوبين على الشرعية والمتحالفين مع الإخونج يمارسون أبشع صور المناطقية ضد أي موظف أو مواطن شمالي ويمررون فقط معاملات الإخونج، بينما وجدت الكثيرين من المحسوبين على الانتقالي يحملون كل مشاعر الود والتفهم لكل شمالي.
* * *
بعد المؤتمر الشعبي العام تعرض المجلس الانتقالي الجنوبي لحرب عسكرية وسياسية وإعلامية شعواء، واتحدت عليه جماعتا الإخوان والحوثيين، وجر الإخوان معهم كل الشرعية والأحزاب، فيما جر الحوثي معه كل تحالفاته ضد هذا الإطار الناشئ المنتمي إلى الشعب الجنوبي المقاوم، فصمد وواجه بقيادته الشجاعة برئاسة عيدروس وزملائه النجباء مستمدين قوتهم من عدالة القضية وصدق الموقف وسلامة النية، متكئين على إرث جنوبي عظيم مليئ بالملاحم البطولية في مواجهة عنصرية الإمامة وكهنوتها ومشاريع البطش والإذلال والاحتلال وخاض معتركا صعبا خرج فيه إلى الآن قويا منتصرا والحمدلله.
* * *
والله وتالله لو كانت إدارة المعركة موكلة إلى إخواننا الجنوبيين في المجلس الانتقالي الجنوبي لكان الشمال اليوم كله محررا، ولكنا اليوم ماضون في تجسيد الاعمار والمصالحة الوطنية!
من أحبط وعرقل التحرير وترك أهلنا تحت سياط الحوثي هو الانفصالي، وهو المريض، وهو الفاسد الحاقد.
* * *
وفي يوم التفويض الجنوبي أدعو وأناشد قيادة المجلس الانتقالي ممثلة برئيسه اللواء المناضل / عيدروس الزبيدي ونائبه الشيخ هاني بن بريك إلى تشكيل لجنة لرفع المظالم التي حدثت بحق أي شمالي أو جنوبي، مواطنا كان أو تاجرا أو موظفا، وفق آلية حاسمة وصارمة لا تقبل الظلم ولا تحابي في الحق أحدا.
والله مع المتقين...
* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيس بوك
