هشام السامعي

هشام السامعي

تابعنى على

اليمن.. اقتصاد الحرب واستثمار السلام

Saturday 17 July 2021 الساعة 09:14 am

تشكلت صورة اليمن لدى كثير من دول العالم أنها بلد حرب وعلى هذا النحو صُنفت ضمن الدول ذات المخاطر المرتفعة.

 وهي صورة تشكلت نتاج سنوات الصراع واللا استقرار التي عاشتها اليمن منذ سنوات.

وعززت من سوداوية الصورة تقارير المنظمات الدولية والإعلام المهوس بالأخبار العاجلة.

 وقبل ذلك وبكل أسف، قيادات الدولة التي أعادت وتُعيد تصدير هذه الصورة أثناء حديثها عن مشكلات اليمن وحالته الراهنة في لقاءاتها مع الدبلوماسية العالمية، أو عندما تحاول أن تشرح لصانعي السياسة في الدول التي لديها ارتباطات ومصالح في المنطقة وضع اليمن وضرورة دعم توجهات الدولة، ورغم أنها صورة حقيقية لكنها لا تعكس الواقع كاملاً. 

نحن في الواقع لدينا بلد تنتشر فيه المليشيات المسلحة، وهذا جزء من الصورة لكن المقابل لذلك لدينا مئات الآلاف من الأيادي العاملة ذات الكلفة المنخفضة وليست الرخيصة.

وفي مقابل مخاطر انتشار السلاح هناك أيضاً سوق للمنتجات الاستهلاكية لأكثر من 30 مليون نسمة.

 كما لدينا موارد طبيعية هائلة وجغرافية واسعة تخبئ في باطنها مئات الفرص الاستثمارية في مجال المعادن والنفط والغاز.

 لدينا أيضاً موقع جغرافي مميز جداً بشريط ساحلي يمتد لأكثر من 2400 كم.

 كل هذه مقومات وفرص مغرية جداً للتفكير باستثمارها.

هناك مصالح خارجية سواءً كانت إقليمية أو دولية ترى مصالحها في بقاء وضع اليمن على ما هو عليه الآن، لكن الأخطر هو وجود مصالح داخلية لقيادات في الدولة تسعى لإبقاء الوضع على ما هو عليه كذلك، وبالتالي تتماثل مع مصالح الخارج.

وهذا هو الخطر الحقيقي والأشد فتكاً، دون أن تفكر بأن خارطة السياسة العالمية واقتصاد الكوكب يتغير الآن، وبالتالي يصبح كل من يشارك في تصدير صورة اليمن بجانبها السلبي والمعتم فقط، هو شريك في دمار اليمن.

هناك مصلحة مشتركة ينبغي إبرازها إلى الواجهة بشكل منظم وذكي والتفاوض في محيطها ودائرتها.

 وعليه سيجد تجار الحرب داخلياً وخارجياً فرصاً مناسبة لهم في مرحلة إعادة الإعمار والتنمية، السوق كبيرة والفرص كثيرة، فقط يفكروا بذكاء، والأمر يستحق إعادة التفكير والنظر إلى المستقبل من نافذة التطور الحاصل في العالم الآن.

فتجارة التكنولوجية وتقنية المعلومات والاتصالات مؤخراً أصبحت تنافس تجارة السلاح بل وتتجاوزه، وعوائد الاستثمار في الغذاء يحقق عوائد بمليارات الدولارات. 

فرصة التحول من حالة الحرب والصراع إلى مرحلة التنمية ليست سهلة، لكنها كذلك ليست مستحيلة بل وممكنة جداً.

 تحتاج إلى رؤية وأهداف واضحة وممكنة وبعدها عملية إصلاحات في قطاعات أساسية.

أتابع منذ سنوات حالات التحول والتعافي في البلدان التي خاضت حروبا وصراعات داخلية، وأعيد مقاربة هذه النماذج مع الحالة اليمنية الراهنة وأدرك أن إمكانية بناء فرص السلام في اليمن ليست معقدة كثيراً إذا ما قارناها بنموذج الصومال أو رواندا أو حتى ليبيا، التي اتفقت القوى المتصارعة فيها على إعادة تشكيل حكومة وحدة وطنية وإنهاء الإنقسام في البنك المركزي الليبي وإتاحة المجال للمرأة للمشاركة في الحكومة ورسم سياسة الدولة.

 وتفسير الواقع يقول إن تجار الحرب وجدوا أيضاً فرصاً جيدة في استثمار السلام.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك