د. صادق القاضي
سقوط الإخوان في المغرب.. مفاجآت، وأسئلة وإجابات.!
لم يكن سقوط حزب "العدالة والتنمية" في الانتخابات التشريعية المغربية الأخيرة، مجرد حلحلة عادية، فحتى الذين توقعوا مسبقا هذه الخسارة. تفاجأوا بشدة، بعد إعلان النتائج. من حجم فداحة هذه الخسارة التي فاقت جميع التوقعات.
وبشكل إحصائي: حصل هذا الفرع المغربي لـ "جماعة الإخوان المسلمين". فقط على إلى 12 مقعداً، وهو ما يساوي:
- حوالي 3.3%، من إجمالي مقاعد البرلمان. البالغة 395 مقعدا.
- أقل من 10% من عدد المقاعد التي حصل عليها في الانتخابات السابقة( 125 مقعدا).
وهكذا. فاللافت. بطبيعة الحال. ليس خسارة هذا الحزب لهذه الدورة البرلمانية، بل هذا الكم والكيف من الخسارة.. الساحقة الماحقة.!
السؤال هو: لماذا خسر هذا الحزب الإسلامي بهذه الدرجة حتى أن أمينه العام "سعد الدين العثماني" لم يظفر بمقعد برلماني.؟!
هناك ما يشبه الإجماع. بين المهتمين والمراقبين، داخل المغرب وخارجها. على إن هذه الخسارة المدوية هي عقاب أنزله الشعب المغربي بهذا الحزب. جزاءً لتجربته في السلطة لمدة 10 سنوات سابقة.!
عدا هذا.. يختلف الجميع حد التناقض. حول تحديد السبب أو الأسباب الكامنة وراء هذا العقاب والانتقام، وفي غضون ذلك طُرحت الكثير من التفسيرات ذات العلاقة، ومن أكثرها شعبية:
• التفسير الإسلامي:
- العقاب هو من الله. بسبب تقصير هذا الحزب في العمل الدعوي والعبادات، وبسبب التقرب من السلطان، ومداهنة العلمانية والمدنية.. والتنازل عن القيم الدينية.!
• التفسير القومي:
- السبب هو قيام هذا الحزب، بدلاً من التعريب، بفرنسة التعليم وإعادة استخدام الفرنسية لغة للمواد العلمية والتعليمية في المدارس والمناهج التربوية.
• التفسير الإسلامي القومي:
- السبب أيضاً هو قيام هذا الحزب بتوقيع اتفاقية التطبيع مع إسرائيل بقلم أمينه العام "رئيس الحكومة"، سعد الدين العثماني.
• التفسير الليبرالي:
- السبب هو الفشل الاقتصادي طوال حكم الحزب، والتدهور المعيشي الحاد. صندوق المقاصة، التقاعد وعدم الخبرة بالسياسة التنموية.
• التفسير العام:
الإخوان في المغرب والعالم العربي عموما. صعدوا مع صعود الربيع العربي وأفلوا بأفوله.
يمكن القول أن كل هذه العوامل أثرت بنسب متفاوتة، على شعبية الحزب، مع ترجيح التفسير الليبرالي الاقتصادي كون أصوات الناخبين ذهبت إلى أحزاب ليست متشددة دينيا أو قوميا أو ضد التطبيع.
حسب كثير من المغاربة فقد كان الإخوان طوال العقد الماضي يعيشون في برج عاجي بعيدا عن هموم المواطن العادي ومشاكله اليومية، وهو جزء من طبيعة الإخوان في كل مكان: بارعون في المعارضة بكافة أشكالها الناعمة والخشنة، الشرعية وغير الشرعية، في مقابل أنهم فاشلون تماماً في إدارة الدولة عندما يصلون إليها.
في كل حال. لا شك. أن الانتخابات التشريعية المغربية الأخيرة، لم تكن مجرد دورة عادية من السباق الديمقراطي على مقاعد البرلمان، بقدر ما تمثل منعطفا فارقا في تاريخ الحياة السياسية الحديثة في المغرب.
وهي كذلك، ليس فقط بسبب كونها أفضت إلى خسارة جماعات الإسلام السياسي، وستؤثر على واقع الإخوان في المغرب بشكل استراتيجي، بل أيضاً في كونها صعدت تيارات سياسية ليبرالية ويسارية، كانت محجمة، أو مضطرة للتحالف مع الإخوان وفق شروط الإخوان.
لم تعد الآن هذه القوى المدنية مضطرة سوى للتحالف سوى مع بعضها بأغلبية تمكنها من تشكيل الحكومة وتوجيه الحياة السياسية المغربية وجهة مدنية، على صعيد السلطة، وكذلك المجتمع بتشريع القوانين خاصة المتعلقة بالحريات بعيدا من المعرقلات التي كان الإخوان بارعون في افتعالها.