محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

دخان الغنائم.. آية "الخيرات" شعار المولد الحوثي

Sunday 10 October 2021 الساعة 03:08 pm

يجتهد الحوثي في كل عام أن يجد آية في القرآن الكريم لتكون شعارا لمناسبة المولد النبوي، الذي تحول إلى مهرجان سياسي وتحشيدي وذكرى لتجديد الولاء له من أتباعه باعتباره، كما يدّعي، امتدادا لسلالة النبي محمد عليه الصلاة والسلام.

 هذا العام على غير شعارات الأعوام السابقة التي كان يتخذ فيها آيات تحرض أتباعه على القتال والكراهية والعنصرية ضد كل من يخالفه الفكر والعقيدة من اليمنيين، اتخذ هذا العام آية جديدة لها يريد من خلالها القول إن غنائم الحرب والسلطة له ولأتباعه من أبناء صعدة المخلصين في الولاء له.

هذه الآية الكريمة: "لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون"، يريد الحوثي أن يكون بمقام النبي محمد، ويسعى إلى خلق صورة في ذهنية أتباعه والناس تحت سلطته أن إسقاط معنى الآية وارتباطها بزمان ومكان النبي محمد، وتحويلها إلى تجسيد يكون هو بمقام الرسول محمد في الآية، ويكون الذين آمنوا هم أتباعه الذين استمروا في ولائهم له منذ ما قبل سقوط صنعاء ودخولهم إليها.

 هذه الصورة التي يسعى الحوثي إلى تكريسها يريد من خلالها أن يبرر أمام أتباعه الجدد وبقية الناس استحواذه وأتباعه على السلطة والثروة واعتبارها لهم بنص الآية "أولئك لهم الخيرات".

الحوثي بشعار المولد لهذا العام يسعى إلى تهيئة عقول الناس باسم الدين والرسول، ويريد أن تكون الغنائم "الخيرات" محصورة في يده وموزعة بين أتباعه الصعداويين الذين يحيطون به، والذي مكّنهم من كل مفاصل الدولة في صنعاء، وجعل لهم المناصب القيادية في كل المؤسسات الحكومية، وحدهم أبناء صعدة الذين يدينون للحوثي بالولاء هم من يتحكمون بكل شيء، ولذلك يسعى الحوثي إلى إسقاط وصف الآية "والذين آمنوا" على أتباعه القياديين الكبار.

شعار هذا العام هو الغنائم وتوزيعها والأحقية لمن يأخذها، وهذا كله بنص قرآني لا يستطيع أحد من أتباع الحوثي أن يجادله في ذلك، ولا يجرؤ أحد من المواطنين أن يعترض على إسقاط الآية بهذا الشكل المخيف والمرعب لانتهاك قداسة القرآن وتحويله إلى مستندات يخرجها الحوثي متى ما شاء ليستحوذ بها على أموال الناس ورقابهم دنيا وآخره.

مناسبة المولد النبوي تم إفراغها من مضمونها الروحي وتم نزع قداستها الدينية، وأصبحت في عهد الحوثي جدرانا خضراء وبطونا جائعة وخطابات دخانية، لم يعد الناس يعرفون أي مولد نبي يحتفل الحوثي، وأي محمد هذا الذي جاء رسولاً من الله ليجعل من عائلته ورثة للكتاب وناطقين باسم الله، اليمنيون لا يعرفون نبي الحوثي ولا يرغبون أن يعرفوا ذلك، في قلوبهم النبي محمد عليه الصلاة والسلام إيماناً وتصديقاً ومحبة، محمد الصدق والمحبة، محمد رسول الله لا محمد رسول الحوثي.

الحوثي يستخدم آيات القرآن الكريم كوصفة يجرّع أتباعه تفاسيرها حسب مشيئته وبرامجه وخططه، واعتبار أن القرآن وراثة له من النبي محمد ولا أحد يجوز له أن يتحدث باسم القرآن سواه، أما الرسول وشخصية النبي فدائماً يسعى الحوثي لأن يكون هو متجسداً بشخصية النبي محمد ليس كمنهج، وإنما كقداسة يحث الناس أن يمنحوه إياها ليسهل عليه السيطرة عليهم وغوايتهم باسم القرآن والنبي عليه الصلاة والسلام.