د. عبدالودود مقشر

د. عبدالودود مقشر

تابعنى على

لماذا أقسام التاريخ بالجامعات اليمنية ستغلق؟!

Tuesday 09 November 2021 الساعة 09:31 am

تم إغلاق بعض أقسام التاريخ بالجامعات اليمنية خلال السنوات الأخيرة، ومنها قسم التاريخ في جامعة عمران وقسم التاريخ بكلية التربية بزبيد بجامعة الحديدة.

 وخلال السنتين القادمتين أصبح من المؤكد أن بقية الأقسام ستغلق. 

فما هي الأسباب من دون تشنجات وشعارات؟.

في اعتقادي يرجع إلى أسباب عدة:- 

أولا: إهمال أقسام العلوم الإنسانية من قبل الأنظمة السابقة بشكل عام وجعلها تلحيق لاحق وإطعام عاجز وترفا زائدا.

ثانيا: فتح كليات تربية من دون استراتيجية ورؤى علمية للمستقبل فضخت عشرات الآلاف، وأصبحت مخرجاتها لا توظف التوظيف الصحيح، ومن ضمنها أقسام التاريخ بها.

ثالثا: عملت السياسة العامة للقبول بالجامعات اليمنية في السابق على وضع نسب متدنية جدا لقبول الطالب بأقسام التاريخ وعلى سبيل المثال عندما نسقت للقبول بقسم التاريخ بجامعة صنعاء في مايو 1993م وقدمت استمارة الثانوية نظر لي المسجل وقال: نقبل خمسين فقط ويش اللي جابك هنا؟!!!!

نعم.. كان القبول لا يتجاوز حتى الآن الستين وهو أدنى نسبة قبول، فمن سيكتب التاريخ أو سيدخل التاريخ.. إلا من أقفلت أمامه كل الأبواب ولم يبق إلا قسم التاريخ.

في حين نرى كثيرا من الدول تضع التاريخ في سياسة القبول الجامعي بأعلى المعدلات (على سبيل المثال الجامعات السورية 85 في المائة).

رابعا: وهو الأهم إن مخرجات قسم التاريخ لا مكان لها في التوظيف العام في الدولة وهذه سمعتها في 2013م من مدير الخدمة المدنية بالحديدة.

فأين سيذهب الخريج لهذه الأقسام بعد مضي أربع سنوات بالدراسة وأغلبهم يعيد دراسته في أقسام علمية أو مهنية، والسياحة دمرت منذ 25 سنة خلت.. فأين سيعمل خريج تلك الأقسام؟

خامسا: نظرة الأنظمة السابقة، بل والنخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية لمخرجات أقسام التاريخ أنها فائض لا قوى بشرية تحمل طاقات كامنة.

سادسا: النظرة الشعبية العامة وتحول المفاهيم في عصر المادة وتوجيه مستقبل أبنائهم إلى الأقسام العلمية فقط لضمان مستقبل أولادهم ولكي لا يمروا بنفس ما مر به آباؤهم بما فيهم من يتباكون على إغلاق أقسام التاريخ ومن ينتسبون إلى التاريخ، فالحق أحق أن يقال أوجه ابني أو ابنتي إلى ما يضمن لقمة عيشه في المستقبل ولا يحتاج إلى أحد.

فهل من المعقول أن أدفع الملايين لتعليمه ثم أوجهه إلى قسم لا مكان له في العمل؟

كنا نحلم في قسم التاريخ بجامعة الحديدة ومعنا أستاذنا البروفيسور عبدالمناف شكر النداوي، أننا نعمل على التخصصات الدقيقة، فواحد يدرس آسيويات وواحد أمريكيات وآخر افريقيات، فإذا بنا الآن وخلال الأربعة الأعوام الماضية لا يتجاوز طلاب كل مستوى الاثنين أو الثلاثة أو الأربعة، وأخيرا أصبح لدينا مستوى أخير.

والأدهى والأمر أنك تدرس وتدرس وتدرس لتقف أمام طالب يراك تثرثر بكلام لا يفهمه وهذا ما يحدث لبعض الطلاب.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك