العمل بدون برامج وموازنات.. حكومة "المصفوفات" من بن دغر ومعين إلى بن مبارك
السياسية - Thursday 08 August 2024 الساعة 09:18 amفي اجتماع استثنائي عقدته الأربعاء، بالعاصمة عدن، أقرت الحكومة اليمنية تشكيل لجنة من عدد من وزرائها لوضع "مصفوفة تنفيذية تعمل على تلبية احتياجات القوات المسلحة".
وبات مصطلح "مصفوفة تنفيذية"، سمة بارزة لحكومات الشرعية المتعاقبة خلال سنوات الحرب التسع، ويظهر في خطابها مع كل أزمة تواجهها أو احتياج هام ضمن مسئوليتها نحو المناطق المحررة، دون أي إنجاح أو أثر إيجابي ملموس لهذه المصفوفات.
واللافت هو ارتباط مصطلح "المصفوفة" مع عقد الحكومة لاجتماع يُوصف بأنه "استثنائي"، وكان آخر اجتماع للحكومة مطلع يونيو الماضي والذي ترأسه عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي / عيدروس الزبيدي، مع تفاقم انهيار العملة والخدمات، حيث ناقش الاجتماع تنفيذ "مصفوفات الحلول" وتحويلها إلى "برامج عمل".
بل إن ظهور مصطلح "المصفوفة" بات أشبه بـ"برتوكول" يختتم به رئيس وزراء رئاسته للحكومة ويدشن به آخر عهده الجديد، كما حدث أواخر عام 2018م، حين أعلنت الحكومة في اجتماع لها في سبتمبر من ذاك العام برئاسة أحمد عبيد بن دغر أنها وضعت "مصفوفة كاملة من الإجراءات لإعادة تطبيع الأوضاع ووقف تدهور الاقتصاد".
وعقب شهر من هذا الإعلان، وفي منتصف أكتوبر تحديداً أطاح الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ببن دغر من رئاسة الحكومة، وقام بتعيين معين عبدالملك بدلاً عنه الذي أعلن في أول اجتماع ترأسه للحكومة وعُقد في عدن عن توجيهات لهادي "تقتضي إنجاز مصفوفة أولويات للحكومة تتضمن توفير الخدمات الأساسية للمواطنين".
ويبدو أن "برتوكول المصفوفة" لا يقتصر على حدوث تغيير في رأس الحكومة، بل في حدوثه برأس الشرعية التي شهدت في 7 أبريل/2022م، تعيين مجلس قيادة رئاسي مكون من 8 شخصيات يرأسه / رشاد العليمي بدلاً عن هادي، ليُدشن عهد العليمي بـ"مصفوفة" جديدة تعمل عليها الحكومة برئاسة معين عبدالملك.
حيث أعلنت الحكومة في أول اجتماع لها بعد تشكيل المجلس الرئاسي، عن "مصفوفة السياسات الحكومية المنفذة للتوجيهات الواردة في خطاب رئيس مجلس القيادة الرئاسي أمام مجلس النواب، مع استيعاب الملاحظات المقدمة عليها".
لجوء حكومات الشرعية إلى "المصفوفات" لمواجهة الأزمات والمشاكل في إدارة المناطق المحررة، يراه المختصون والمتابعون، نتاجا طبيعيا لغياب إعداد برنامج عام للحكومة بشكل واقعي يضبط أداء وعمل الوزارات والمؤسسات الحكومية.
حيث يعد البرنامج العام أداة للحكومات في تشخيص الواقع والاحتياجات والتعامل معها وفق الإمكانيات وبخطط عملية واضحة، ومع غياب "البرنامج العام" لحكومات الشرعية، يغيب أيضاً وجود موازنة عامة لها تضبط من خلالها حجم النفقات العامة بموجب الإيرادات المتاحة، حيث تُقر الحكومة حالياً بأنها تعمل منذ مطلع العام الجاري وفق "خطة إنفاق" بدلاً عن الموازنة.
وخلال السنوات الماضية، تتذرع حكومات الشرعية بقائمة من الذرائع لعدم تقديم برنامجها وموازنة عامة، بظروف الحرب التي تعيشها البلاد، في حين يبقى الذريعة الأهم هي غياب انعقاد مجلس النواب، وهو المؤسسة التشريعية التي يُقدم لها برامج وموازنات الحكومة.
وخلال السنوات التسع الماضية، التأم مجلس النواب لمرتين فقط في أبريل من عام 2019م و2022م، وخلال هذا الانعقاد أجبرت الحكومة على تقديم برنامجها وموازنتها للمجلس، إلا أن الطريف بالأمر أن الحكومة في عهد معين عبدالملك حولت الأمر أيضاً إلى فرصة للإعلان عن "مصفوفة" جديدة، حيث أعلنت عن "مصفوفة حكومية" لتنفيذ توصيات مجلس النواب الخاصة بالموازنة العامة للعام 2019م.