قمة ألاسكا بين ترمب وبوتين.. نجاح رمزي بلا نتائج ملموسة

العالم - Saturday 16 August 2025 الساعة 09:23 pm
واشنطن، نيوزيمن:

انتهت القمة الأميركية – الروسية التي عُقدت في ألاسكا بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين دون إعلان اتفاقات جوهرية، رغم أجواء الترحيب التي أحاطت باللقاء وما حمله من إشارات إلى مساعٍ جديدة لإنهاء الحرب المستعرة في أوكرانيا.

الرئيس الأميركي وصف القمة بأنها "نجاح باهر"، مؤكداً أن الهدف ليس مجرد وقف إطلاق نار هش، بل التوصل إلى اتفاقية سلام شامل تُنهي الحرب جذرياً. وأشار في منشور على منصة "تروث سوشيال" إلى أن لقاءه ببوتين أعقبه اتصال هاتفي بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدد من القادة الأوروبيين، بمن فيهم الأمين العام لحلف الناتو.

ترمب أعلن أن زيلينسكي سيزور واشنطن في 18 أغسطس (آب) للقاء في المكتب البيضاوي، قائلاً: "إذا سارت الأمور كما نأمل، سنحدد موعداً لاجتماع مع بوتين، وهو ما قد ينقذ ملايين الأرواح".

ورغم التفاؤل الذي أبداه ترمب، لم تُسفر القمة عن إعلان وقف لإطلاق النار أو اتفاق ملموس. واكتفى ترمب بالحديث عن "نقاط عديدة تم الاتفاق عليها" مع بقاء "نقطة أو نقطتين عالقتين". وفي مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، ألمح إلى نقاش حول تبادل أراضٍ وضمانات أمنية لأوكرانيا، قائلاً: "روسيا قوة كبيرة جداً، وهم (الأوكرانيون) ليسوا كذلك... يجب التوصل إلى اتفاق".

هذا التصريح أثار قلقاً أوروبياً واسعاً، إذ أعاد إلى الأذهان مخاوف من إمكانية الضغط على كييف لتقديم تنازلات إقليمية.

من جانبه، شدد بوتين على أهمية التوصل إلى صيغة تضمن أمن أوكرانيا، داعياً كييف والعواصم الأوروبية إلى "نظرة بنّاءة" وعدم عرقلة التفاهمات. لكنه لم يُبدِ أي تغيير جوهري في الموقف الروسي التقليدي، مكتفياً بالإشارة إلى أن المحادثات "مثمرة" وأنها قد تفتح الطريق نحو السلام.

زيارة زيلينسكي المقبلة إلى واشنطن تمثل محطة مفصلية. مصادر في البيت الأبيض أكدت أن المباحثات ستركّز على الضمانات الأمنية، بما في ذلك خيارات بديلة عن عضوية الناتو. وأبدى زيلينسكي رغبته في الحصول على التزامات واضحة تردع روسيا عن أي هجوم مستقبلي.

لكن تصريحات ترمب حول "التبادل الإقليمي" أحيت مخاوف أوروبية من صفقة قد تُرهق كييف أكثر مما تنقذها. صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن مسؤولين أوروبيين أنهم دُعوا لحضور لقاء ترمب-زيلينسكي، في إشارة إلى مسعى أميركي لإشراك الحلفاء.

يرى خبراء أن بوتين خرج من القمة بمكسب رمزي كبير، إذ كسرت العزلة الدبلوماسية التي فرضها الغرب على موسكو. وقال مايكل كوفمان، الباحث في "كارنيغي للسلام الدولي"، إن بوتين "سيطر على المشهد، مستفيداً من الاستقبال الحافل والسجادة الحمراء ومرافقة المقاتلات"، معتبراً أن القمة منحت روسيا صورة قوة كبرى من دون تقديم تنازلات.

أما ماكس بيرغمان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فاعتبر اللقاء "مسرحية أكثر منه مفاوضات"، محذراً من أن ترمب قدّم انتصارات إعلامية لموسكو دون مقابل فعلي.

منتقدون اعتبروا أن ترمب أضاع فرصة لإنقاذ الأرواح عبر هدنة عاجلة، وأن سعيه وراء "صفقة كبرى" يطيل أمد المأساة، فيما مؤيدون رأوا أن التقارب الشخصي بين ترمب وبوتين قد يمهّد لمفاوضات أكثر جدية لاحقاً، خاصة إذا انخرط زيلينسكي في العملية.

في موسكو، وصفت وسائل الإعلام القمة بأنها "نجاح لافت"، فيما قال الخبير الروسي ألكسي موخين إن اللقاء كان "استكشافياً" ومهد الطريق لقمة تالية ربما تُعقد في موسكو. وأكد أن كلا الجانبين ما زال متمسكاً باستخدام ورقة العقوبات ضمن أدوات التفاوض.

أما في أوروبا، فقد انقسمت المواقف بين الترحيب بتحرك ترمب لإنهاء الحرب، والتخوف من أن يؤدي ذلك إلى تنازلات جيوسياسية على حساب كييف.

القمة التي وصفها البعض بأنها "بلا اتفاق" وضعت الأساس لمحادثات لاحقة، لكنها لم تحقق اختراقاً في قضايا حساسة مثل انسحاب روسيا من الأراضي الأوكرانية أو مصير العقوبات الغربية.

ويرى محللون أن الأيام المقبلة – وتحديداً لقاء ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض – ستكون اختباراً حقيقياً لمدى جدية واشنطن في دفع عملية السلام قُدماً، وما إذا كان العالم سيشهد قمة ثلاثية تضع الحرب على سكة النهاية، أو مجرد مسرح دبلوماسي لا يغيّر شيئاً في مسار الصراع.