مجزرة إسرائيلية في مجمع ناصر الطبي يخلف 20 شهيدًا بينهم 5 صحافيين

العالم - منذ 4 ساعات و 54 دقيقة
غزة، نيوزيمن:

في جريمة جديدة تعكس استهدافًا مباشرًا للمنشآت الطبية والطواقم الإعلامية، ارتكبت إسرائيل، الإثنين، مجزرة دامية في مجمع ناصر الطبي بخان يونس جنوب قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 20 شخصًا بينهم 5 صحافيين، إضافة إلى عشرات الجرحى من المرضى والطواقم الطبية والدفاع المدني. 

الحادثة التي تزامنت مع أزمة إنسانية خانقة يعيشها القطاع المحاصر، فجّرت موجة إدانات دولية واسعة، وسط مطالبات بوقف استهداف المستشفيات والصحافيين فورًا.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن الغارة الإسرائيلية المباشرة على المجمع الطبي تسببت في وقف العمل بقسم العمليات وتعطيل خدمات العلاج للمرضى والجرحى، فضلًا عن حالة هلع وفوضى عمت المكان. وذكرت في بيان أولي أن الشهداء ينتمون إلى مختلف الفئات: الطواقم الصحية، المرضى، الدفاع المدني، والصحافيين.

وكشفت الوزارة أسماء الصحافيين الخمسة الذين ارتقوا في الهجوم وهم: مريم أبو دقة، محمد سلامة، معاذ أبو طه، حسام المصري، وأحمد أبو عزيز. وأوضحت أن المصور حسام المصري كان متعاقدًا مع وكالة "رويترز"، فيما أصيب المصور حاتم خالد المتعاقد مع الوكالة نفسها بجروح. وقد أظهرت لقطات لـ"رويترز" توقف البث المباشر من المستشفى الذي كان يديره المصري، في اللحظة نفسها التي وقعت فيها الغارة الأولى، قبل أن تُستهدف فرق الإنقاذ والصحافيون بغارة ثانية أثناء محاولتهم إغاثة الضحايا. وبمقتلهم يرتفع نحو 200 عدد الصحافيين أو العاملين في الإعلام ممن قُتلوا منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" في قطاع غزة قبل أكثر من 22 شهراً.

مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، دعا عبر منصة "إكس" إلى وقف الهجمات على المرافق الصحية، مؤكدًا أن سكان غزة "يتضورون جوعًا بينما يُحرمون أيضًا من الرعاية الصحية بسبب الهجمات المتكررة".

وكالة "أسوشييتد برس" أعربت عن صدمتها لمقتل أحد صحافييها المستقلين في غزة، بينما عبّرت "رويترز" عن حزنها العميق لفقدان متعاقدها. من جانبها، نعت قناة "الجزيرة" مصورها محمد سلامة، الذي استشهد في الغارة الإسرائيلية على مجمع ناصر، بعد أسبوعين فقط من مقتل اثنين من صحافييها في ضربة مماثلة.

كما طالبت جمعية الصحافة الأجنبية، التي تمثل وسائل الإعلام الدولية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، الجيش الإسرائيلي ومكتب رئيس الوزراء بتقديم "توضيح فوري" بشأن استهداف الصحافيين، مشددة على ضرورة وقف هذه الممارسات التي وصفتها بـ"الشائنة".

من جهته، اعترف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، بتنفيذ هجوم في محيط مستشفى ناصر، معربًا عن "الأسف" لسقوط ضحايا مدنيين وصحافيين. وزعم أن الجيش "لا يستهدف الصحافيين عمدًا" وأن رئيس الأركان أيال زامير وجّه بإجراء تحقيق أولي في الحادث.

الهجوم على مجمع ناصر لم يكن معزولًا، إذ أفادت مصادر طبية بمقتل وإصابة مدنيين آخرين في قصف استهدف منازل بمناطق مختلفة شمال وغرب مدينة غزة، إلى جانب عمليات هدم ونسف واسعة نفذها الجيش الإسرائيلي في أحياء الزرقا، جباليا، والزيتون.

في السياق ذاته، أعلنت وزارة الصحة في غزة وفاة 11 شخصًا إضافيًا خلال 24 ساعة نتيجة الجوع وسوء التغذية، ليرتفع إجمالي وفيات المجاعة في القطاع إلى 300 شخص بينهم 117 طفلًا، ما يفاقم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة.

وتأتي هذه التطورات في وقت صادقت فيه إسرائيل على خطة للسيطرة على مدينة غزة باعتبارها "المعقل الأخير لحماس"، وسط توقعات بتأجيل تنفيذها أسابيع لإتاحة المجال أمام جهود الوساطة التي تقودها مصر وقطر لإحياء محادثات وقف إطلاق النار. لكن تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس جاءت لتؤكد نية بلاده المضي قدمًا بالتصعيد، متوعدًا بـ"تسوية مدينة غزة بالأرض" في حال رفض "حماس" شروط تل أبيب.

المجزرة التي طالت مجمع ناصر الطبي لم تكشف فقط هشاشة الوضع الصحي في قطاع غزة، بل أظهرت أيضًا أن الصحافيين والمؤسسات الإعلامية باتوا في صدارة الاستهداف، ما يهدد بتقويض حق العالم في معرفة حقيقة ما يجري. وفي ظل استمرار القصف، وتفاقم المجاعة، وانسداد أفق الحل السياسي، يظل المدنيون في غزة هم الضحايا الأبرز لحرب تبدو بعيدة عن نهايتها.