نهب مخصصات المرضى... الحوثيون يتركون الفقراء في العتمة للاحتفال بالمولد النبوي

السياسية - منذ 3 ساعات و 28 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تكشف أزمة توقف مخيم معالجة أمراض العيون في مستشفى الجمهوري بصنعاء عن الوجه الحقيقي لأولويات جماعة الحوثي، التي فضّلت توجيه أموال هيئة الزكاة للاحتفالات والأنشطة الدعائية على حساب حياة المرضى الفقراء والمحتاجين.

هذا السلوك، بحسب مراقبين، يجسد نمطًا من "النهب الممنهج" للمخصصات الإنسانية والطبية، ويعكس كيف تحوّلت مؤسسات الدولة في مناطق سيطرة الحوثيين إلى أدوات جباية وإقصاء، بينما تُترك الأسر المعدمة لمصيرها دون علاج أو رعاية.

كان من المقرر أن يُقام في مستشفى الجمهوري بصنعاء مخيم طبي مجاني لمكافحة أمراض العيون، خصوصًا المياه البيضاء، لصالح الأسر الفقيرة، إلا أن إدارة المستشفى أبلغت المرضى بتوقف المخيم والعمليات بشكل مفاجئ بحجة عدم استلام الدعم المعتمد من قبل هيئة الزكاة الحوثية. وبذلك، حُرم المئات من المرضى من فرصة العلاج التي طال انتظارها.

وقالت مصادر صحية في صنعاء: "تحولت آمال مئات المرضى الفقراء إلى خيبة أمل كبيرة، بعدما فوجئوا بقرار مستشفى الجمهوري في صنعاء إيقاف المخيم الطبي المجاني لمعالجة أمراض العيون، وفي مقدمتها عمليات المياه البيضاء. المرضى الذين حضروا من مختلف المحافظات كانوا ينتظرون فرصة نادرة للعلاج المجاني، لكنهم أُبلغوا بأن "المخيم توقف لعدم وصول دعم هيئة الزكاة".

شهادات من داخل المستشفى تحدثت عن حالات إنسانية قاسية؛ رجال مسنون ونساء فقدن بصرهن وأطفال ينتظرون العملية منذ أشهر، عادوا جميعًا إلى منازلهم بخيبة وألم، بعدما أُغلق أمامهم باب الأمل الوحيد. أحد المرضى قال بصوت متهدج: "كنت أنتظر العملية منذ ستة أشهر، لا أملك أجرة العملية في المستشفيات الخاصة التي تصل إلى نحو 1200 ريال سعودي ناهيك عن أسعار الأدوية، والآن يقولون إن الدعم توقف… إلى أين أذهب؟"

المحامي عبد الفتاح الوشلي كشف أن هيئة الزكاة الخاضعة لسيطرة قيادات حوثية أوقفت دعمها المخصص للمستشفى بشكل كامل، ووجهت الأموال للاحتفالات بالمولد النبوي. وقال الوشلي: "هيئة الزكاة أغلقت باب الدعم نهائيًا للمستشفى الجمهوري الذي كان يستقبل المرضى الفقراء من مختلف المحافظات، ورغم محدودية هذا الدعم، إلا أنه كان يمثل طوق نجاة للمحتاجين. واليوم، المستشفى مفتوح فقط لمن يدفع".

ولم يتوقف الأمر عند حد وقف الدعم، بل اتضح أن القرار جزء من صراع داخلي بين قيادات حوثية. فقد سبق أن أوقفت الهيئة جزءًا كبيرًا من مخصصات المستشفى بسبب خلافات بين رئيس هيئة الزكاة محسن أبو نشطان ورئيس هيئة المستشفى الجمهوري محمد جحاف حول تقاسم الأموال.

الناشط الحوثي رشيد البروي بدوره كشف عن تخفيض الهيئة للدعم المقدم للمستشفى بنسبة 60% دفعة واحدة، أي من 400 مليون ريال إلى 150 مليون فقط. وقال إن هذا الإجراء "ضرب بتوجيهات القيادي مهدي المشاط عرض الحائط، وترك آلاف المرضى الفقراء بلا علاج".

وأضاف البروي أن إدارة المستشفى اضطرت لقصر الخدمات الطبية المجانية على الحالات الطارئة فقط، وتقليص الخدمات في العيادات والأقسام الأخرى بما يتناسب مع حجم الدعم. وأشار إلى أن "عشرات الأسر الفقيرة تعود يوميًا من المستشفى مكسورة الخاطر، بعد أن عجزت عن دفع تكاليف العلاج".

في ختام حديثه، وجّه البروي انتقادًا لاذعًا لسلطة الحوثيين قائلًا: "من يتحمل إهانة الناس المرضى يا قادة البلد؟ لماذا لا يخصصون ميزانية البنرات ولوحات الشوارع وحق المطبلين للمستشفى بدلًا من ترك الفقراء يموتون؟".

توقف دعم مستشفى الجمهوري يعكس معضلة أعمق في إدارة الحوثيين للموارد العامة، حيث يتم تحويل المخصصات من قطاعات خدمية وإنسانية أساسية إلى فعاليات سياسية ودينية ذات طابع دعائي. وبذلك، يبقى المريض اليمني هو الضحية الأكبر، فيما تتفاقم معاناته تحت نظام يقدّم الاستعراض على حساب الإنسان.