إغلاق المتاحف في صنعاء يثير مخاوف من نهب منظم للآثار اليمنية
الحوثي تحت المجهر - منذ ساعتان و 48 دقيقة
أعلنت ميليشيا الحوثي عبر الهيئة العامة للآثار والمتاحف في صنعاء، إغلاق المتحف الوطني ومتحف الموروث الشعبي بدعوى العجز عن تغطية النفقات التشغيلية، الأمر الذي أثار قلقاً واسعاً في الأوساط الثقافية والأكاديمية، وسط تحذيرات من أن القرار قد يكون غطاءً لعملية نهب جديدة تطال كنوز اليمن التاريخية.
وأوضحت الهيئة العامة للآثار والمتاحف في بيان صدر عنها أن قرار الإغلاق جاء نتيجة "عجزها عن تغطية النفقات التشغيلية، بما في ذلك أجور الموظفين وفواتير الكهرباء"، مشيرة إلى أنه قرار اضطراري وخارج عن إرادتها. وأعربت عن أسفها واعتذارها للمواطنين وزوار المتاحف، مؤكدة أنها تسعى لمعالجة الأزمة المالية بهدف إعادة فتح المتاحف واستئناف نشاطها الثقافي في أقرب وقت.
غير أن هذا التبرير الرسمي لم يبدّد مخاوف المختصين. إذ عبّر عدد من خبراء وعلماء آثار في صنعاء عن قلقهم من أن يكون إغلاق المتحفين مجرد ستار لعملية نهب منظمة تطال المقتنيات التاريخية النادرة التي يحتضنها المتحفان. وحذروا من أن "هذا القرار يفتح الباب أمام تفريغ المتاحف من الداخل بعيداً عن الرقابة العامة، بما يمهّد لتهريب قطع أثرية إلى الخارج وبيعها في مزادات عالمية".
وأكد الخبراء أن تقارير سابقة، محلية ودولية، وثّقت بالفعل عمليات تجريف واسعة للآثار اليمنية على أيدي عصابات تهريب مرتبطة بقيادات حوثية، استهدفت مواقع أثرية في صنعاء وذمار والجوف ومأرب. وأوضحوا أن هذه الشبكات تنشط في تهريب القطع النادرة إلى أسواق دولية، حيث تجد طريقها إلى جامعي التحف والمزادات الكبرى.
ويحذّر المهتمون من أن إغلاق المتحف الوطني ومتحف الموروث الشعبي لا يعني فقط حرمان الجمهور من الاطلاع على كنوز البلاد الحضارية، بل يعرّضها لخطر مباشر يتمثل في الاختفاء التدريجي لآلاف القطع الأثرية التي تمثل ذاكرة اليمن التاريخية الممتدة من حضارة سبأ ومعين وحِمير وحتى العصور الإسلامية. وأكدوا أن فقدان هذه المقتنيات سيشكّل ضربة قاصمة للهوية الثقافية اليمنية، كما سيصعّب مستقبلاً أي جهد لإعادة بناء المؤسسات الثقافية أو استعادة مكانة اليمن في خارطة التراث العالمي.
وفي ظل هذه التطورات، تتصاعد الدعوات إلى المجتمع الدولي، ومنظمة "اليونسكو" على وجه الخصوص، للتدخل العاجل من أجل حماية التراث اليمني المهدد بالاندثار، وإرسال فرق رقابية أو تنسيقية تضمن سلامة ما تبقى من المقتنيات داخل المتاحف، ومنع استخدامها كـ"كنز مالي" بيد شبكات التهريب. ويخشى خبراء الآثار في اليمن أن يضاف ملف نهب الآثار إلى قائمة طويلة من الانتهاكات الحوثية التي طالت البنية التعليمية والثقافية في البلاد، ما يترك اليمنيين أمام واقع مرير تُنهب فيه الذاكرة كما يُنهب الحاضر.