أزمة الكهرباء تعود بقوة إلى حضرموت والنائب العام يوجه بالتحقيق

الجنوب - Monday 08 September 2025 الساعة 07:45 pm
المكلا، نيوزيمن، خاص:

تشهد مديريات ساحل حضرموت تصاعدًا حادًا في أزمة الكهرباء مع ارتفاع ساعات الانطفاءات إلى أكثر من ست ساعات مقابل ساعتين تشغيل فقط، في وقت تعيش فيه المحافظة أجواء شديدة الحرارة ورطوبة خانقة. الوضع المتفاقم بات ينذر بعودة الاحتجاجات الشعبية إلى شوارع المكلا والمديريات الأخرى، في ظل شعور المواطنين بتفاقم المعاناة واستمرار غياب الحلول الجذرية.

وتحدث السكان في المكلا عن تزايد الأضرار الصحية الناتجة عن الانقطاعات الطويلة، خصوصًا على كبار السن والمرضى المصابين بأمراض مزمنة. ويؤكد المواطنون أن غياب الكهرباء لفترات طويلة حوّل حياتهم اليومية إلى "جحيم خانق"، إذ باتوا يقضون ساعات الليل والنهار بلا مراوح أو مكيفات، ما أدى إلى حالات إغماء وارتفاع في معدلات ضغط الدم والسكر.

مصدر مسؤول في مؤسسة كهرباء ساحل حضرموت أرجع الأزمة الحالية إلى النقص الحاد في إمدادات الوقود، مرجعًا ذلك إلى التقطعات القبلية التي تمنع مرور قاطرات الديزل والمازوت القادمة من خزانات شركة بترومسيلة في الهضبة النفطية. 

وأوضح أن محطات التوليد تعمل بأقل من نصف قدرتها التشغيلية نتيجة هذه العراقيل، ما أدى إلى ارتفاع ساعات الانطفاءات بشكل غير مسبوق. وحذر المصدر من أن استمرار هذه العراقيل سيؤدي إلى انهيار شبه كامل لمنظومة الكهرباء في الساحل خلال الأيام المقبلة.

وفي خضم الأزمة، أصدرت اللجنة المجتمعية الخاصة بمتابعة محروقات كهرباء ساحل حضرموت بيانًا مطولًا عقب لقاء عام، أدانت فيه استخدام ملف الكهرباء للضغط السياسي في المكلا. 

وأكد رئيس اللجنة، سالم بن الشيخ أبوبكر، أن عمل اللجنة انطلق بعد دخول مديريات الساحل في ظلام دامس، نتيجة إيقاف مسلحي حلف قبائل حضرموت إمدادات الوقود. وأوضح أن اللجنة تلقت تفويضًا رسميًا من السلطة المحلية وعمرو بن حبريش رئيس حلف قبائل حضرموت للنزول الميداني، غير أن الأخير رفض توصياتها لاحقًا في خطوة وُصفت بأنها صادمة للرأي العام.

وأشار بن الشيخ  إلى أن ما يجري يمثل "مؤامرة خطيرة ضد حضرموت" تقف خلفها أطراف داخلية، داعيًا إلى تغليب المصلحة العامة على الحسابات الخاصة. كما شدد على أن شركة بترومسيلة تظل الرافد الرئيسي لتشغيل الكهرباء، محذرًا من محاولات متعمدة لخنق دورها.

من جانبه، كشف نائب رئيس اللجنة حسين العكبري أن مؤسسة الكهرباء طلبت يوميًا 495 ألف لتر ديزل و705 ألف لتر مازوت لتغطية التشغيل، بينما رفض بن حبريش هذه التقديرات رغم تطابقها بنسبة 90% مع تقارير مختصين محايدين. وأكد أن اللجنة رفعت تقريرها النهائي دون الحصول على استجابة، مشددًا على أن الكهرباء قضية خدمية وليست سياسية.

وضعت اللجنة المجتمعية مجموعة من التوصيات العاجلة، أبرزها رفع كميات الوقود المخصصة يوميًا إلى 705 ألف لتر مازوت و495 ألف لتر ديزل، إضافة إلى توفير مخزون احتياطي يكفي لخمسة أيام، وتشديد الرقابة على النقل لمنع التلاعب. كما طالبت بإصدار نشرات يومية توضح حجم المحروقات المستلمة والطاقة المولدة، مع إشراك الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في عمليات الاستلام. كما أوصت اللجنة بضرورة توفير وقود لمحطات المديريات النائية مثل دوعن وحجر ويبعث، وإطلاق مناقصة شفافة لنقل المحروقات بمشاركة مراقبين مستقلين.

بدوره، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي في المكلا بلاغًا وصف فيه ما تشهده ساحل حضرموت بأنه "أزمة إنسانية خانقة"، محملاً قيادة حلف قبائل حضرموت وعلى رأسها عمرو بن حبريش المسؤولية عن فرض حصار خانق على أهالي الساحل. وأكد المجلس أن منع مرور إمدادات الوقود جريمة مكتملة الأركان تمس الأمن والاستقرار، وتنتهك حق المواطنين في الكهرباء وتعرض حياتهم للخطر، خاصة مع تسجيل حالات وفيات نتيجة الانقطاعات المستمرة.

وطالب المجلس النائب العام بالتدخل الفوري لرفع الحصار وضمان تدفق الوقود، وفتح تحقيق عاجل في الانتهاكات الموثقة، ومحاسبة الجهات المتورطة في هذه الممارسات.

في تطور لافت، وجّه القاضي قاهر مصطفى، رئيس نيابة استئناف الأموال العامة بحضرموت، بفتح تحقيق عاجل في البلاغ المتعلق بمنع مرور قاطرات الوقود الخاصة بمحطات التوليد. ويأتي هذا التوجيه بعد رسالة رسمية رفعها المجلس الانتقالي قبل أيام، في ظل تفاقم أزمة الكهرباء والانطفاءات الطويلة الناتجة عن العراقيل القبلية. وأكدت مصادر قضائية أن التحقيق سيتناول أسماء المتورطين والجهات التي تقف وراء عرقلة الإمدادات، تمهيدًا لاتخاذ إجراءات قانونية رادعة.