والد أفتهان المشهري: لن أتنازل عن حق أبنتي حتى يُحاسَب القتلة ومن وفر لهم الحماية

السياسية - منذ 6 ساعات و 22 دقيقة
تعز، نيوزيمن:

تحولت شوارع تعز الأحد إلى ساحة غضب جماهيري غير مسبوق، بعد أيام من جريمة اغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين، أفتهان المشهري، التي هزّت الرأي العام وأشعلت احتجاجات واسعة ضد السلطات المحلية.

هذه التظاهرات، التي اتسعت رقعتها لتشمل أحياء وقرى بأكملها، لم تكن مجرد رد فعل عابر على جريمة بشعة، بل تعبير عن حالة احتقان شعبي متراكم نتيجة الانفلات الأمني المستمر وتزايد حوادث الاغتيالات في مدينة دفعت ثمناً باهظاً للحرب والصراعات الداخلية.

وانطلقت مسيرات جماهيرية ضخمة من مختلف شوارع تعز الرئيسية، حيث تدفق المئات من المواطنين منذ ساعات الصباح الأولى، قبل أن تتجمع الجموع الغاضبة أمام مبنى المحافظة وإدارة الأمن، مرددين شعارات ترفض التسويف والمماطلة في كشف الحقيقة.

هتافات المحتجين دوت في أرجاء المدينة: "دم أفتهان أمانة"، "لا للإفلات من العقاب"، "الأمن مسؤولية لا تسويف فيها"، و"ارحلوا يا فاسدين"، في رسالة مباشرة إلى السلطات المحلية، وعلى رأسها المحافظ نبيل شمسان، الذي يواجه انتقادات حادة بسبب ما يصفه المواطنون بـ"عجزه عن ضبط الأمن".

وفي لحظة مؤثرة زادت من حدة الغضب الشعبي، وصل والد الشهيدة أفتهان المشهري إلى تعز قادماً من تركيا، حيث استقبله آلاف المتظاهرين الذين احتشدوا منذ الصباح في شوارع المدينة. 

وقف الوالد المكلوم أمام الحشود وألقى كلمة مقتضبة اختلطت فيها نبرة الحزن بلهيب الغضب، قائلاً: "جئت من الغربة محمولاً بألم الفقد، ولم أكن أتصور أنني سأعود لأجد دم ابنتي يُراق وسط مدينتها التي أحبتها وخدمت أهلها. إن دم أفتهان أمانة في أعناقكم جميعاً، ولن أتنازل عن حقها وحق كل المظلومين حتى يُحاسَب القتلة ومن وفر لهم الحماية".

هذه الكلمات أشعلت حماس الحشود، التي ردّدت هتافات أكثر حدة مطالبةً برحيل المحافظ شمسان، معتبرةً أن استمرار الوضع الحالي يمثل "خيانة لتضحيات المدينة وأبنائها".

وتؤكد تظاهرة اليوم أن القضية لم تعد مجرد اغتيال لمسؤولة محلية، بل تحولت إلى قضية رأي عام تمس هيبة القانون ومكانة الدولة في تعز. شهود عيان ذكروا أن أعداداً كبيرة من المتظاهرين توافدوا من القرى المحيطة بالمدينة، وهو ما يراه مراقبون دليلاً على أن الغضب الشعبي تجاوز حدود المدينة إلى كامل المحافظة، في رسالة قوية بأن تعز لن تصمت على تكرار مثل هذه الجرائم.

ورفع المتظاهرون صور الشهيدة ولافتات تطالب بالقصاص الفوري من القتلة، داعين إلى إعلان نتائج التحقيقات بشفافية وكشف الجهات التي تقف خلف الجريمة. وحذر ناشطون من أن استمرار الغموض وتأخر كشف الحقائق قد يدفع إلى مزيد من التصعيد الشعبي، مذكرين بأن "العدالة لأفتهان هي عدالة لكل تعز".

التظاهرات تمثل إنذاراً قوياً للسلطات المحلية والحكومة الشرعية على حد سواء، إذ تعكس حالة من فقدان الثقة المتزايد بين الشارع والأجهزة الأمنية. ويؤكد المحتجون أن أي تأخير في ضبط الجناة سيزيد من تفاقم الاحتقان، ويهدد بانزلاق الأوضاع إلى موجات غضب أعنف، قد يصعب احتواؤها في مدينة لطالما وصفت بأنها "عاصمة الثورة والصمود".

فالآلاف الذين احتشدوا على مدى الأيام الماضية لا يطالبون بالثأر فحسب، بل يصرخون من أجل حقهم في مدينة آمنة تحكمها المؤسسات لا الفوضى، مؤكدين أن "العدالة لأفتهان هي عدالة لكل تعز، وأن دماءها لن تذهب هدراً".