استماتة إخوانية في تعز لتمييع قضية اغتيال افتهان المشهري
السياسية - منذ ساعة و 57 دقيقة
في مشهد يكشف حجم المأزق الذي يعيشه حزب الإصلاح الإخواني في تعز، تتوالى محاولاته لتمييع قضية اغتيال مديرة صندوق النظافة وتحسين المدينة الشهيدة افتهان المشهري، في 18 سبتمبر الماضي، في واحدة من أبشع الجرائم التي هزت الرأي العام اليمني.
فبعد ثبوت تورط قيادات عسكرية محسوبة على الحزب في التخطيط والتنفيذ، لم يتجه الإخوان نحو الاعتراف أو التعاون مع القضاء، بل لجأ إلى استراتيجية معروفة قوامها المراوغة وتغيير الروايات وخلق تضليل إعلامي يهدف إلى خلط الأوراق وتخفيف حدة الغضب الشعبي.
هذه المحاولات، التي تجلّت مؤخرًا في تصريحات القيادي حمود سعيد المخلافي من منفاه في تركيا، تعكس – بحسب مراقبين – إصرار الجماعة على حماية المتورطين، والتلاعب بمسار العدالة، وتقديم روايات متناقضة لتبرير تصفية المتهم الرئيسي قبل أن يكشف خيوط الجريمة ومن يقف خلفها.
وخلال اليومين الماضيين، حاول المخلافي، الذي نصب نفسه قائدًا للمقاومة الشعبية في تعز ويقيم حاليًا في تركيا، الترويج لرواية جديدة تزعم أن منفذ العملية صادق المخلافي قُتل برصاص قناص حوثي، بعد أن كان هو من أبلغ الحملة الأمنية بمكان تواجد المتهم. غير أن هذه الرواية وُصفت بـ"المكشوفة" و"المفضوحة"، إذ تتناقض مع التصريحات الأمنية التي أكدت أن المتهم تمت تصفيته ميدانيًا، بعد أن كان مصابًا وعاجزًا عن الحركة.
مقطع مصوَّر للمتهم قبل مقتله زاد من تعقيد القضية، إذ كشف فيه عن اسم المحرّض والمخطط الرئيسي لعملية الاغتيال، وهو القيادي العسكري محمد سعيد المخلافي، شقيق حمود المخلافي والقيادي في اللواء 170 الموالي للإصلاح. هذا الاعتراف، الذي وثّق لحظة انهيار آخر خطوط الدفاع عن الإصلاح، يفسر – بحسب ناشطين – سبب الاستعجال في تصفية المنفذ للتخلص من "الصندوق الأسود" للجريمة.
إلا أن تصريحات المخلافي من تركيا فجّرت موجة غضب شعبي واسع في محافظة تعز، حيث اعتبر أبناء المحافظة أن محاولات "الإخوان" لخلط الأوراق لا تستهدف سوى حماية رؤوس كبيرة من المساءلة، والتلاعب بمسار العدالة. وطالبوا بسرعة نقل ملف القضية إلى العاصمة عدن، لضمان حياد التحقيقات وحمايتها من نفوذ الإصلاح المتشابك داخل تعز.
الناشط الحقوقي عنتر الشعيبي أكد أن ما جرى هو عملية إعدام ميداني للمتهم صادق المخلافي، وقال: "التصريحات الجديدة دليل على أن القاتل تمت تصفيته عمدًا. لقد كان مصابًا في قدميه ولا يستطيع الحركة، ومع ذلك تمت تصفيته برصاص قناص، والهدف واضح: دفن الحقائق وحماية بقية العصابة"، متسائلًا: من هذا القناص؟ ومن أعطاه الأمر؟ ولماذا لم يتم القبض على المتهم حيًّا؟.
أما الكاتب والصحفي ياسر اليافعي، فاعتبر أن رواية حمود المخلافي محاولة يائسة للتغطية على الجهة الحقيقية التي تقف وراء الاغتيال. وقال: "كيف لشخص مصاب بعدد كبير من الطلقات في قدميه أن يعبر مسافات نحو مناطق الحوثيين؟ هذه رواية غير منطقية، والهدف منها التخلص من المتهم الوحيد الذي كان سيكشف جميع خيوط الجريمة".
ويرى مراقبون أن إصرار حزب الإصلاح على تمييع القضية يكشف نمطًا متكررًا من السلوك، حيث يلجأ الحزب – كلما واجه ضغوطًا أو فضائح – إلى الهروب إلى الأمام عبر خلق روايات بديلة، أو افتعال أزمات جديدة لتحويل الأنظار. وهو ما ظهر جليًا مع تنامي الغضب الشعبي في تعز، وخروج مظاهرات كبيرة تطالب بتسليم مئات المطلوبين للعدالة ممن يتمتعون بحماية الحزب منذ سنوات.
وبينما تواصل القيادات الإخوانية محاولاتها المكشوفة لطمس الحقائق، يتشبث الشارع التعزي بمطلب وحيد: كشف الحقيقة كاملة ومحاسبة المتورطين أيًا كانت مواقعهم، مؤكدًا أن روح الشهيدة افتهان المشهري لن تهدأ ما لم تتحقق العدالة، وأن أي محاولة لتمييع القضية لن تزيد الناس إلا إصرارًا على كشف المستور.