منبر أكاديمي يتحول إلى معسكر تعبوي.. جامعة الحديدة تحت الحصار الحوثي
الحوثي تحت المجهر - منذ 3 ساعات و 8 دقائق
في مشهد يجسد حجم الانحدار الذي أصاب العملية التعليمية في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، تحولت جامعة الحديدة إلى بؤرة تعبئة فكرية ومركز تدريب عسكري مغلق، بعدما كثفت الميليشيات خلال الأشهر الأخيرة أنشطتها الطائفية والتنظيمية داخل الحرم الجامعي، في محاولة لفرض هيمنة أيديولوجية مطلقة على المؤسسة الأكاديمية الوحيدة في المدينة الساحلية.
ويقول مراقبون إن ما يجري في جامعة الحديدة يمثل أخطر عملية ممنهجة لتطييف التعليم العالي وتجنيد الشباب الجامعي لخدمة المشروع العسكري للجماعة، إذ لم تعد قاعات المحاضرات مكانًا للعلم والبحث، بل منابر دعائية ودورات تعبئة فكرية وتدريبات شبه عسكرية تشرف عليها قيادات حوثية وأمنية عليا.
وأكد مدير عام مكتب الإعلام بمحافظة الحديدة علي حميد الأهدل أن الميليشيا كثفت خلال الفترة الأخيرة أنشطتها التعبوية والعسكرية داخل الجامعة، بإشراف منتحل صفة رئيس الجامعة محمد الأهدل، من خلال إنشاء خلايا رقابية طلابية مكلفة برصد المواقف الفكرية والسياسية لزملائهم، ومنح امتيازات مالية ودراسية للمطيعين، مقابل عقوبات قاسية تطال الرافضين للمشاركة في الدورات والمحاضرات التعبوية.
وأوضح الأهدل أن تلك الممارسات تأتي ضمن استراتيجية حوثية متكاملة تهدف إلى تفريغ الجامعة من مضمونها العلمي وتحويلها إلى أداة سياسية، عبر إحلال مفاهيم أيديولوجية ومحتوى تعبوي بدلاً عن المناهج الأكاديمية، وتطويع الكادر الأكاديمي ليصبح جزءًا من ماكينة التوجيه الطائفي التابعة للجماعة.
وأشار إلى أن هذه السياسة دفعت عشرات الأكاديميين والطلاب المتميزين إلى الهجرة أو التوقف القسري عن الحضور، وسط حالة من الخوف والضغوط المستمرة، ما أدى إلى تدهور غير مسبوق في البيئة التعليمية والبحثية داخل الجامعة.
ودعا الأهدل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى التحرك العاجل للتحقق من الانتهاكات الخطيرة داخل الجامعة، والضغط على الميليشيا لوقف عملية العسكرة والتجنيد الإجباري، وحماية الكوادر التعليمية من التهديد والملاحقة، ومنع محاولات تغيير المناهج والمقررات بما يخدم أجندة فكرية مغلقة.
وشدد على أهمية أن تتبنى وزارة التعليم العالي في الحكومة الشرعية بدائل عملية، من خلال تفعيل برامج التعليم الرقمي والتعلم عن بُعد، حفاظًا على مستقبل آلاف الطلاب الجامعيين في المناطق الخاضعة للحوثيين، وتمكينهم من مواصلة تعليمهم بعيدًا عن بيئة التجييش والتعبئة التي حولت الصرح الأكاديمي إلى معسكر أيديولوجي مغلق.
ويرى محللون أن عسكرة جامعة الحديدة ليست حالة منفصلة، بل جزء من مشروع حوثي أوسع لطمس الهوية المدنية للتعليم في اليمن، واستبدالها بثقافة الجهاد والمظلومية الطائفية، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لمستقبل الأجيال الشابة ولمسار الدولة المدنية المنشودة.