باحث صوماليلاندي: تجاهل التاريخ يخدم إيران ويُعمّق الفوضى في القرن الإفريقي واليمن

السياسية - منذ ساعتان و 32 دقيقة
عدن، نيوزيمن:

حذّر الباحث الصوماليلاندي يوسف عبدي جبوبه من استمرار ما وصفه بـ"العمى التاريخي" في الخطاب العربي تجاه قضايا القرن الإفريقي واليمن، مؤكداً أن هذا التجاهل ساهم في تعقيد المشهد الإقليمي وخلق بيئة خصبة للتدخلات الخارجية، وعلى رأسها إيران التي توسّع نفوذها عبر أدوات مسلحة في عدة ساحات مضطربة.

وقال جبوبه، في مقالة مطوّلة نشرها عبر مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات، إن تجاهل العرب للمعطيات التاريخية والسياسية في المنطقة ساهم بشكل مباشر في اندلاع صراعات داخلية، أبرزها في صوماليلاند واليمن الجنوبي، وهما تجربتان وصفهما بأنهما "ضحية فكرة الوحدة غير المحسوبة".

أوضح الباحث أن صوماليلاند كانت دولة مستقلة عام 1960، ومعترفًا بها من عشرات الدول قبل أن تدخل في وحدة "غير شرعية" مع الصومال عقب انتهاء الاستعمار. وأضاف أن هذه الوحدة، التي وُصفت حينها بـ"الخطوة القومية الكبرى"، تحولت لاحقًا إلى تجربة كارثية دفعت الإقليم إلى عقود من الاضطرابات والانقسامات والصراع الدموي، وصولًا إلى إعلان الانفصال من طرف واحد عام 1991.

وأكد جبوبه أن الخطاب العربي لا يزال يتعامل مع صوماليلاند باعتبارها "قضية هامشية"، رغم أنها تشكّل عاملًا مهمًا في التوازن الجيوسياسي في القرن الإفريقي، وفي أمن البحر الأحمر وخطوط الملاحة الدولية.

وربط الباحث بين التجربتين اليمنية والصومالية، مشيرًا إلى أن الجنوب اليمني عاش وضعًا مشابهًا لصوماليلاند قبل دخوله في وحدة سياسية متسرعة مع صنعاء عام 1990. وقال إن "النتائج التي ظهرت لاحقًا في اليمن تثبت أن الوحدة لم تكن مبنية على أسس سليمة، الأمر الذي فجر صراعات سياسية وعسكرية متواصلة منذ ثلاثة عقود".

وأضاف أن الجنوب، مثل صوماليلاند، "دفع ثمن الوهم العربي بالوحدة"، وأن تجاهل جذور الأزمة اليمنية ساهم في تعميق الانقسامات، وفتح الباب أمام القوى الخارجية للتدخل في المسار السياسي والعسكري.

وأشار جبوبه إلى أن إصرار بعض الأطراف العربية على إعادة إنتاج نماذج وحدوية "منتهية الصلاحية" وفرّ لإيران فرصة ذهبية لتعزيز نفوذها عبر الميليشيات الحليفة لها في اليمن والصومال. وأكد أن طهران تستفيد من هشاشة الدول التي تجاهلت ماضيها وواقعها، ووجدت في الصراعات القائمة بيئة خصبة لتوسيع حضورها العسكري والسياسي.

ودعا الباحث الصوماليلاندي إلى مراجعة شاملة للنهج العربي في التعامل مع ملفات الوحدة والانفصال، مؤكدًا أن الاعتراف بالحقائق التاريخية والسياسية ليس تهديدًا، بل "الطريق الوحيد نحو الاستقرار المستدام". وشدد على ضرورة احترام إرادة الشعوب، ودعم الخيارات السياسية التي تتوافق مع الواقع المحلي، بدلًا من التمسك بشعارات وحدوية "لم تعد صالحة لزمنها".

وتأتي تصريحات جبوبه في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات متسارعة، سواء في القرن الإفريقي حيث تتصاعد التوترات بين الصومال وصوماليلاند وإثيوبيا، أو في اليمن الذي يدخل عامه العاشر من الحرب وسط تعقيدات سياسية وأمنية تتزايد مع اتساع التدخلات الخارجية.