أزمة غاز في تعز وسط اتهامات بوجود أزمة مفتعلة

السياسية - منذ 3 ساعات و 27 دقيقة
تعز، نيوزيمن، خاص:

تشهد مدينة تعز أزمة خانقة في مادة الغاز المنزلي، وسط اتهامات بوجود جرعة سعرية غير قانونية وخلق أزمة مفتعلة تهدف إلى إجبار المواطنين وأصحاب وسائل النقل على القبول بأسعار مرتفعة، في ظل صمت رسمي وصفه المواطنون بالمريب، ما فاقم من معاناة السكان وزاد من الاحتقان الشعبي.

وخلال الأيام الماضية، شهدت محطة الجبل في منطقة وادي القاضي ازدحامًا غير مسبوق، بعد إغلاق عدد من محطات الغاز الأخرى أمام باصات النقل، الأمر الذي تسبب في تكدس مئات الباصات وامتداد الطوابير من وادي القاضي وصولًا إلى منطقة الروضة، وهو ما أدى إلى شلل جزئي في حركة المواصلات داخل المدينة، وسط اتهامات بوجود محاولات متعمدة لافتعال الأزمة.

رفع أجرة الركاب

وأفاد سائقو باصات بأن محطات الغاز أقدمت صباح السبت على رفع سعر أسطوانة الغاز بإضافة ألف ريال على السعر السابق فور توفر المادة، دون أي إعلان رسمي أو مبرر قانوني، مؤكدين أن هذه الزيادة جاءت في ظل غياب أي إجراءات من قبل السلطة المحلية لضبط الأسعار أو محاسبة المتلاعبين.

وفي ظل تفاقم الأزمة، يعتزم أصحاب الباصات رفع أجرة الراكب من 200 إلى 300 ريال يمني، مبررين هذه الخطوة بارتفاع سعر اسطوانة الغاز المنزلي ناهيك عن صعوبة الحصول عليها، إضافة إلى اضطرارهم لشرائه بأسعار مرتفعة من السوق السوداء، مؤكدين أن الأجرة الحالية لم تعد تغطي كلفة التشغيل والصيانة.

يقول خالد الشرعبي، سائق باص نقل، في حديثه لموقع "نيوز يمن" أن أجرة الراكب الحالية ليست مرضية، لأن سعر اسطوانة الغاز ارتفع، والمشكلة تتمثل في صعوبة الحصول عليها، ما يفاقم معاناتنا نحن سائقي الباصات.

يضيف قوله: " نمسك طابور وننتظر دورنا ساعات طويلة، أحيانا تنتهي اليوم وأنت منتظر دورك، ولما نحصل على دبة غاز نشتغل فيها يوم او يومين، ونرجع للطابور، يعني مافي فائدة، من أجل ذلك قررنا رفع أجرة الراكب إلى 300 ريال."

سخط شعبي

بالتوازي مع ذلك، أصبحت طوابير المواطنين أمام مراكز توزيع الغاز المنزلي مشهدًا يوميًا مألوفًا في مختلف مديريات تعز، حيث يضطر المواطنون للانتظار لساعات طويلة أملاً في الحصول على أسطوانة واحدة، وسط شكاوى واسعة من الفوضى والمحسوبية وغياب العدالة في التوزيع، خصوصًا في مراكز التوزيع بمديرية المظفر.

ويروي المواطن محمد الصبري، في حديثه لموقع "نيوزيمن" أنه توجه إلى مركز التوزيع بعد نفاد الغاز من منزله، ووجد نفسه أمام طابو طويل انتظر فيه ساعات بين الشمس، في ظل الوساطات والنفوذ.

 ويؤكد مواطنون آخرون أن من يملك الواسطة أو المال يحصل على الغاز بسهولة، بينما يُترك البسطاء تحت الشمس لساعات قبل الإعلان عن نفاد الكمية.

ولم تقتصر تداعيات الأزمة على المنازل فقط، بل امتدت لتشمل المطاعم والمنشآت الصغيرة، حيث أكد عبدالله خالد، صاحب بوفية في تعز، أنه تم إيقاف تزويدهم بالغاز المخصص للمطاعم والبوفيات، ما اضطره للبحث عن أسطوانات منزلية من السوق بأسعار مرتفعة كي لا يضطر لإغلاق مصدر رزقه.

تلاعب

في السياق كشفت اللجنة الإعلامية لنقابة الغاز في تعز أن أزمة الغاز مستمرة، مؤكدة أن المشكلة لا تتعلق بندرة المادة بقدر ما تتعلق بسوء الإدارة وغياب الرقابة، مشيرة إلى أن المواطنين لم يحصلوا على حصصهم بالسعر الرسمي منذ فترة طويلة.

وأوضح عضو اللجنة الإعلامية للنقابة محمد العزي، أن هناك عمليات نهب ممنهجة لحصص المواطنين من قبل بعض المحطات المركزية، حيث يتم إعادة بيعها لأصحاب الطرمبات بزيادة تصل إلى 2000 ريال للأسطوانة، ما يجبر المواطن على شراء حصته نفسها بسعر أعلى وبوزن أقل، لافتًا إلى أن سعر الأسطوانة في الأرياف يصل إلى 14 و15 ألف ريال، رغم أن السعر الرسمي لدى الوكلاء لا يتجاوز 9500 ريال.

وقال العزب أنه وفقاً للبيانات الرسمية، فإن حصة مدينة تعز من الغاز المنزلي مؤمنة وتغطي احتياجات المدينة. لكن الواقع يعكس صورة مغايرة تماماً، حيث تحولت أزمة الغاز إلى سيناريو مفتعل ومتكرر، تُدار خيوطه بعيداً عن أعين الرقابة.

ويؤكد أن الأخطر في هذه الأزمة اتّسام الفساد بطابعٍ مؤسسي منظم، إذ تشير تقارير موثوقة إلى وجود تواطؤ بين بعض العناصر في مكتب الغاز بمحافظة تعز وعدد من أصحاب المحطات المركزية ومالكي شركات كبار المستهلكين، يتم من خلاله تقاسم أرباح غير مشروعة ناتجة عن فروقات الأسعار وتحويل الحصص بطرق غير قانونية. 

لم تعد هذه الممارسات خافية على أحد، بل تحولت إلى جزء من منظومة فساد مترسخة استغلت سنوات الحرب وحالة الانقسام لتعميق نفوذها وترسيخ مصالحها على حساب معاناة المواطنين وحقوقهم الأساسية.

ومع استمرار الأزمة وغياب المعالجات، تتصاعد حالة الغضب في الشارع التعزي، حيث يؤكد المواطنون أن المنصب لا يجب أن يكون حصانة، وأن القانون لا ينبغي أن يتحول إلى أداة ابتزاز.