شبوة في مواجهة مفتوحة مع الإرهاب.. تصاعد هجمات القاعدة بعد كسر شبكات الإمداد

السياسية - منذ ساعة و 57 دقيقة
شبوة، نيوزيمن، خاص:

دخلت محافظة شبوة مرحلة جديدة من التوتر الأمني، مع تصاعد لافت في الهجمات الإرهابية التي تنفذها عناصر تنظيم القاعدة، في سياق معقّد يربطه مراقبون بتغير موازين السيطرة الميدانية في جنوب وشرق اليمن، عقب نجاح القوات الجنوبية في تأمين وتطهير مناطق استراتيجية كانت تمثل لسنوات طويلة ممرات خلفية للجماعات المسلحة والتنظيمات المتطرفة.

ويأتي هذا التصعيد بعد أسبوعين فقط من تأمين وتطهير معسكر ومنطقة عرين، التي ظلت لفترة طويلة بؤرة نفوذ لقوى مسلحة موالية لتنظيم الإخوان المسلمين، ما اعتُبر ضربة موجعة لشبكات التنسيق والإمداد التي استخدمتها تلك الجماعات، بالتوازي مع تحركات معادية من اتجاهي مأرب والبيضاء.

وفي أحدث هذه التطورات، نجا قيادي عسكري رفيع في القوات الجنوبية من محاولة اغتيال بعبوة ناسفة استهدفت موكبه في محافظة شبوة. وذكرت مصادر عسكرية أن نائب القائد العام لقوات دفاع شبوة وقائد اللواء الثالث، العميد فوزي السعدي، كان في طريقه بين مدينة عتق ومنطقة عارين التابعة لمديرية عرماء، عندما جرى تفجير عبوة ناسفة عن بُعد، دون أن تسفر العملية عن إصابات في الأرواح.

وأشارت قوات دفاع شبوة، في بيان رسمي، إلى أن عناصر إرهابية متخادمة مع تنظيم الإخوان المسلمين وميليشيا الحوثي تقف خلف هذه العملية، مؤكدة أن محاولات الاستهداف لن تعيق استمرار العمليات الأمنية والعسكرية الرامية إلى اقتلاع الإرهاب وتجفيف منابعه في المحافظة.

ولم تكن محاولة الاغتيال حادثة معزولة، إذ سبقتها هجمات مسلحة شنها تنظيم القاعدة على مواقع تمركز القوات الجنوبية في مناطق الجبيل والهجر والقنعة بمنطقة المصينعة في مديرية الصعيد، مستخدمًا قذائف الهاون ونيران القناصة، في محاولة لإحداث خرق ميداني وإرباك خطوط الانتشار العسكري.

وتشير تقارير ميدانية إلى أن تنظيم القاعدة كثف هجماته خلال الأسابيع الماضية في محافظتي شبوة وأبين، عبر أساليب متباينة شملت العبوات الناسفة والهجمات المباشرة، في مسعى واضح لرفع وتيرة الاستنزاف الأمني عقب التقدم العسكري الجنوبي في عدة جبهات.

ويرى محللون أن التصعيد الإرهابي الأخير يعكس حالة تناغم ميداني غير معلن بين ثلاث قوى متباينة ظاهريًا لكنها متقاطعة مصلحيًا، هي تنظيم القاعدة، تنظيم الإخوان المسلمين، وميليشيا الحوثي. فبالتزامن مع هجمات القاعدة، رُصدت تحركات لجماعات مسلحة موالية للإخوان كانت متمركزة سابقًا في معسكر عرين من جهة مأرب، إضافة إلى ضغوط وتحركات حوثية من اتجاه محافظة البيضاء.

ويؤكد محللون عسكريون أن هذا التزامن ليس صدفة، بل يأتي كرد فعل مباشر على قطع خطوط التهريب والإمداد العسكري التي استخدمتها هذه الجماعات خلال السنوات العشر الماضية، والتي كانت تمر عبر شبوة، وادي حضرموت، والمهرة، لتغذية أنشطتها العسكرية واللوجستية.

وبحسب مراقبين، فإن السيطرة الجنوبية الأخيرة على مناطق استراتيجية أغلقت مسارات تهريب الأسلحة والأموال، وضيّقت الخناق على شبكات الدعم، ما دفع تلك الجماعات إلى اللجوء إلى العمل الإرهابي المباشر كبديل عن المواجهة التقليدية، في محاولة لاستعادة زمام المبادرة أو على الأقل تعطيل حالة الاستقرار  التي بدأت تتشكل في عدد من المناطق الجنوبية.

ويحذر خبراء أمنيون من أن استمرار هذا النمط من التصعيد قد يشكل تهديدًا مزدوجًا للأمن المحلي والإقليمي، خصوصًا في ظل الموقع الجغرافي الحساس لشبوة، التي تمثل عقدة وصل بين عدة محافظات وممرات استراتيجية.

في المقابل، تؤكد القوات الجنوبية أنها ماضية في تعزيز انتشارها الأمني، وتأمين الطرق الحيوية، وملاحقة الخلايا الإرهابية، ضمن استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى منع عودة الفوضى وترسيخ الاستقرار، وتهيئة الظروف لعودة النشاط الاقتصادي والخدمي في المحافظة.

وتشير مصادر عسكرية إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد عمليات أمنية أكثر دقة تستهدف البنية التنظيمية والخلايا النائمة، بالتوازي مع تعزيز التنسيق الاستخباراتي، في معركة تصفها المصادر بأنها حاسمة لمستقبل الأمن في جنوب اليمن.