بتعيين المتوكل.. الحوثيون يستبقون قرار فتح مطار صنعاء

السياسية - Tuesday 15 May 2018 الساعة 10:00 pm
سمير الصنعاني، نيوزيمن، تقرير خاص:

كشفت مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء لـ(نيوزيمن)، أن الاتفاق المزمع تنفيذه بشأن فتح مطار صنعاء لرحلات جوية خاصة بالمرضى هو السبب وراء التعجيل بقرار الإطاحة بوزير الصحة السابق في حكومة بن حبتور- التي يسيطر عليها الحوثيون- الدكتور محمد بن حفيظ وتعيين القيادي الحوثي الدكتور طه المتوكل خلفا له.

ورغم أن وزارة الصحة من ضمن الحقائب المحسوبة على حصة المؤتمر الشعبي العام، إلا أن الحوثيين- الذين يحرصون على استمرار الشراكة الصورية مع المؤتمر منذ اغتيالهم لرئيس المؤتمر الشعبي العام الزعيم علي عبدالله صالح والأمين العام عارف الزوكا وتفردهم بإدارة السلطة- عمدوا إلى استبدال وزير الصحة المؤتمري بقيادي ينتمي للحركة على غرار ما فعلوه بوزارتي النفط والاتصالات بعد أحداث ديسمبر بأيام قليلة.

وأصدر رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط يوم السبت الماضي قرارا قضى بتعيين الدكتور طه المتوكل وزيرا للصحة خلفا للدكتور محمد بن حفيظ الذي تم تعيينه مستشارا للمجلس السياسي الأعلى.

ولم يشفع للدكتور محمد بن حفيظ موقفه في الاستمرار في منصبه كوزير للصحة بعد اغتيال الحوثيين لصالح والزوكا وقبوله العمل في إطار حكومة الإنقاذ وعدم اتخاذ موقف مشابه لموقفي وزيري الاتصالات جليدان محمود جليدان والنفط ذياب بن معيلي اللذين رفضا الاستمرار في العمل بعد أحداث ديسمبر ليستبدلا بقيادات منتمية للحوثي، حيث أقدمت حركة الحوثي على خلعه من منصبه وتعيين المتوكل خلفا له.

وكان الوزير المؤتمري محمد بن حفيظ واحدا من الوزراء الذين تعرضوا للاعتداءات المتكررة من قبل مليشيات الحوثي حيث تم اقتحام مكتبه من قبل مسلحي الحركة عدة مرات، كما دخلت قيادات الحوثي في صراع معه على خلفية قضايا كثيرة كان أبرزها علاقة الوزارة مع المنظمات الدولية وبالذات منظمة الصحة العالمية والدعم الذي تقدمه هذه المنظمات خاصة في مجال الأدوية والعلاجات ومشاريع مكافحة بعض الأوبئة كالكوليرا والدفتيريا وشلل الأطفال وغيرها من الأمراض.

ويخول القانون وزارة التخطيط والوزارة المستفيدة حق التنسيق والعمل مع المنظمات الداعمة وهو ما يجعل وزارة الصحة إحدى أهم الوزارات التي تعمل مع المنظمات الدولية خاصة في ظل أوضاع الحرب التي تعيشها البلاد منذ ثلاث سنوات فمعظم مشاريع المنظمات تركز على الدعم في الجانب الصحي، مثل منظمات الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف، ومنظمة أطباء بلا حدود، والبعثة الدولية للصليب الأحمر، وغيرها من المنظمات، وهو الأمر الذي أدى إلى تصاعد الخلافات بين المليشيات الحوثية والمؤتمر الشعبي العام فيما يتعلق بوزارة الصحة حيث رفض الأخير مساعي الحوثيين تجاوز الأنظمة والصلاحيات التي تحدد مهام واختصاصات وزارة الصحة ومحاولة استبدالها بمؤسسات يتم إنشاؤها حديثا خارج إطار الدستور والقانون وحتى التوافق على غرار إنشاء الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشئون الإنسانية ومواجهة الكوارث بقرار من المجلس السياسي الأعلى في 25 نوفمبر 2017م وبشكل انفرادي وبدون موافقة أعضاء المؤتمر في المجلس أو التوافق مع المؤتمر الشعبي العام حول هذا الموضوع ، كما تم تعيين قيادات حوثية لإدارة الهيئة التنفيذية للنازحين وحاولت القيادات الحوثية حصر عمل المنظمات بالتعاون مع هاتين المؤسستين وهو الأمر الذي فشلت فيه حيث ظلت المنظمات الدولية تواصل تعاونها مع الوزارات الرسمية وأهمها وزارة الصحة.

وعلى الرغم من أن حركة الحوثي نجحت خلال الفترة الماضية في الحد من قدرة وزير الصحة محمد بن حفيظ في ممارسة صلاحياته من خلال تعيين وكيل للوزارة لقطاع الطب العلاجي يتبع الجماعة هو ناصر العرجلي، إضافة إلى فرض تعيينات في بعض المؤسسات التابعة للوزارة بأشخاص ينتمون لها وأهمها الهيئة العليا للأدوية حيث تم تعيين الدكتور محمد يحيى المداني رئيسا لها، إلا أن الخلافات ظلت تتصاعد بين قيادات الحركة وبين بن حفيظ في ظل إصرار الأخير على الحد من قدرتهم على عملية النهب للأدوية التي تقدمها المنظمات كمساعدات للمستشفيات اليمنية، والدعم المالي لمشاريع مكافحة الكوليرا وغيرها من الأمراض.

وأوقفت بعض المنظمات ومنها منظمة اليونسيف تنفيذ بعض المشاريع في العاصمة صنعاء والمحافظات التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي بسبب إصرار الأخيرة على الحصول على نسب من الدعم الخاص بهذه المشاريع واشتراطها أن تكون هذه النسب نقدية وبالعملة الصعبة (الدولار) ورفضها حتى القبول بان تأخذ حصة من عينات الأدوية والعلاجات التي تقدم كمساعدات.

وجاءت إزاحة بن حفيظ من وزارة الصحة واستبداله بالقيادي الحوثي المتشدد طه المتوكل متزامنة مع حوارات تجري حاليا بشأن فتح مطار صنعاء الدولي أمام رحلات خاصة بالمرضى الذين يحتاجون للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج، حيث تكشف المصادر أن منظمة الصحة العالمية وفي إطار التنسيق مع الأمم المتحدة ستتولى عملية الإشراف والتنسيق للرحلات التي ستتم عبر مطار صنعاء الدولي الذي يخضع للحظر الجوي منذ قرابة عامين.

وكان وزير خارجية هادي عبدالملك المخلافي نشر على صفحته في تويتر تغريدات أشار فيها إلى هذا الموضوع حيث قال: انه ناقش مع السيدة ليز جراندي الممثل المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن تنظيم رحلات جوية من مطار صنعاء للمرضى المصابين بأمراض تحتاج إلى علاج في الخارج بالتنسيق مع التحالف العربي والأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، مردفا انه سيتم قريبا إعلان تفاصيل هذا الاتفاق.

وحسب مصادر في العاصمة صنعاء تحدثت لـ(نيوز يمن) فان الوزير المؤتمري المقال محمد بن حفيظ كان لعب دورا في إقناع منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة في الدخول كوسطاء من اجل فتح مطار صنعاء وتنظيم رحلات للمرضى الذين يحتاجون للسفر إلى الخارج، وهو الأمر الذي أدى إلى تصاعد الخلاف بينه وبين القيادات الحوثية التي اعتبرت أن إشراف وزارة الصحة على عملية تحديد المرضى المحتاجين فعلا للسفر سيحد من قدرتهم على استغلال هذا الاتفاق لصالح مليشيات وقيادات الحركة خاصة في ظل الخلاف بينهم وبين بن حفيظ ، فضلا عن اعتبارها أن تفاهمات بن حفيظ مع منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة مثلت تجاوزا للخطوط الحمراء لديها حيث ترفض قيادات الحوثي أي حوارات أو تفاهمات تجري بين أي مسئولين في الحكومة أو مؤسسات الدولة خاصة المحسوبين على حصة المؤتمر دون موافقتها المسبقة وعلمها بكل التفاصيل، بل وتصر على ضرورة حكر أي اتفاقات أو تفاهمات مع الخارج بالحركة وقياداتها مباشرة.

ويعد الدكتور طه المتوكل المعين وزيرا للصحة أحد أبرز القيادات المنتمية للمليشيا الحوثية فهو أحد أعضاء ما يسمى باللجنة الثورية العليا للحوثيين التي نفذت انقلاب فبراير 2015م على سلطات الدولة ونصبت نفسها حاكما للبلاد من خلال ما سمته بإعلانها الدستوري، ناهيك عن كونه أحد أبرز الخطباء الحوثيين حيث يتولى مهمة الخطابة في جامع الحشوش بالعاصمة صنعاء، كما يمثل أحد الأجنحة الأكثر تشددا وتطرفا تجاه القوى الأخرى ومن بينها المؤتمر الشعبي العام الذي ظل يشن هجوما وانتقادات ضده وضد قياداته وكان احد المحرضين على قتل واغتيال رئيس المؤتمر الشعبي العام الزعيم صالح.

وفيما تؤكد مصادر في وزارة الصحة لـ(نيوزيمن) أن فتح مطار صنعاء لرحلات طبية قد يساهم في إنقاذ أرواح الكثيرين من المرضى الذين يحتاجون للسفر إلى الخارج، إلا إنها عبرت عن مخاوفها من أن يستغل الوزير الجديد للصحة القيادي الحوثي طه المتوكل منصبه في استغلال هذه الرحلات لصالح مليشيات جماعته على حساب المرضى الحقيقيين سواء من خلال تحديد أسماء الأشخاص الذين يحق لهم السفر، أو من خلال منح تقارير طبية من قبل الوزارة لآخرين، وربما يعمل على تهريب بعض قيادات الحوثي تحت أسماء مزورة وبمبرر حاجتها للعلاج في الخارج، داعية إلى ضرورة أن تلعب منظمة الصحة العالمية دورا في تحديد من يحتاج إلى السفر إلى الخارج.