منظمات دولية تثير الشكوك بانحيازها للانقلابيين الحوثيين وتجاهل جرائمهم وآخرها مجزرة الحديدة
السياسية - Sunday 05 August 2018 الساعة 08:32 pm
أظهرت مواقف المنظمات الدولية تجاه المجزرة الوحشية التي أقدمت ميليشيا الانقلاب الحوثية علی ارتكابها في سوق السمك وأمام بوابة مستشفی الثورة العام في مدينة الحديدة، الخميس الماضي، حجم الارتباك في الموقف الدولي والتخاذل والمهادنة إزاء الجرائم الإرهابية للحوثيين بحق الشعب اليمني.
واتسمت مواقف عدد من المنظمات بحالة من الالتباس وتتطابق مع مواقف ميليشيا الانقلاب التي حاولت التغطية علی جريمتها الوحشية وتوجيه الاتهامات لأطراف أخری بارتكابها، وذلك بالتزامن مع حملات إعلامية ممنهجة تقوم بها منظمات أممية منذ أواخر يوليو الماضي فحواها تخويف الرأي العام العالمي وترهيب المجتمع الدولي مما تسميها "معركة تحرير مدينة وميناء الحديدة" سعياً نحو إيقافها.
ولم تكتفِ تلك المنظمات بذلك، بل تعدته إلى تجاهل ما ترتكبه المليشيا الحوثية من انتهاكات أو توجيه اتهامات لجهات أخرى قبل التحقق من المعلومات عبر تحقيقات دولية مستقلة تتمتع بالشفافية والحيادية، لاسيما في جرائم شابها الغموض في بادئ الأمر.
فقد أصدرت بعض المنظمات الأممية والدولية بياناً تلو آخر عن الوضع في اليمن، واختصت الحديدة بنصيب الأسد، وارتفعت وتيرة التقارير التي أعدتها مكاتبها العاملة في اليمن، ما يثير كثيراً من علامات الاستفهام حول مهام هذه المنظمات التي تتحدث أدبياتها عن الإنسان وحقوقه والعمل الدولي المشترك ورفع الظلم عن الإنسان في أي مكان من العالم.
ومساء الجمعة 3 أغسطس كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أصدرت بياناً رسمياً هو الثاني عن جريمة سوق السمك وبوابة مستشفى الثورة بالحديدة دانت فيه "سلسلة الهجمات التي شهدتها مدينة الحديدة الخميس 2 أغسطس 2018م، في مدينة الحديدة الساحلية والتي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين"، لكن المستغرب له أن تتحدث اللجنة الدولية عن "انفجارات مجهولة" مع أن كل الدلائل في مسرح الجريمة بمستشفى الثورة وسوق السمك بمدينة الحديدة تدل علی هوية الجاني وتدحض مزاعم ميليشيا الانقلاب التي سارعت للادعاء بأن غارات للتحالف هي من سبب تلك الجريمة البشعة، في حين الحقائق علی الأرض عكس ذلك، حيث وثق سكان وشهود عيان بكاميراتهم قذائف مدفعية وشظاياها، فضلاً عن المواد التلفزيونية التي بثتها قناة المسيرة التابعة لمليشيا الحوثي والتي تناقلتها وسائل إعلام المليشيا، مما يؤكد، بلا أدنى شك، مسؤولية المليشيا في هذه الجريمة النكراء التي حاولت بارتكابها تضليل الرأي العام الداخلي بغية تحقيق أهداف آنية تتعلق بوضع عراقيل دولية لإيقاف العمليات العسكرية الدؤوبة لتحرير ما تبقى من مديريات الساحل الغربي التي ماتزال تحت سيطرتها، وإيقاف معركة تحرير مدينة الحديدة ومينائها المرتقبة على أيدي القوات المشتركة.
ووصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيانها، بأن ما حدث "انفجارات أرضية"، في تلميح واضح لكل ذي عقل بأن مصدر "سلسلة الهجمات" أرضي، وإشارة غير مباشرة إلى عدم احتمالية أن تكون الانفجارات ناجمة عن غارات جوية مثلما زعم الانقلابيون.
ولكن ما يؤسف له أن الصليب الأحمر الذي لم يتحرج في أكتوبر 2016 في بيانه الذي أصدره بخصوص جريمة "الصالة الكبرى" بالعاصمة صنعاء أن يشير إشارة واضحة إلى الغارات الجوية في إحدى فقرات بيانه؛ ها هو اليوم يتحاشى الإشارة –على أقل تقدير- إلى مليشيا الحوثي بارتكاب مجزرة الحديدة، رغم المشاهد التي قال عنها رئيس بعثة اللجنة الدولية في اليمن، يوهانس برووير بأنها "مروعة" وكانت تقتضي منه الشجاعة التي عرف بها كثير من مسؤولي وموظفي المنظمات الأممية والدولية بأن يوجه سبابته باتجاه مرتكب الجريمة، بل كان الأجدر وصف المجرم لا الاكتفاء بوصف الجريمة. لأن حديث برووير بعدها عن "إن تجاهل القانون الدولي الإنساني في اليمن لا يمكن تحمله" لا معنى له إذا كان الصليب الأحمر مشاركاً في هذا التجاهل بتجاهله المجرم وعدم تسميته.
أما مواقف بعض الدول أو المنظمات الدولية التي أغفلت الحقائق علی مسرح الجريمة وذهبت لتبني مزاعم ميليشيا الانقلاب بتوجيه الاتهام للتحالف على الرغم من إعلان التحالف بأنه لم يقم بأية عمليات جوية في مدينة الحديدة في ذلك اليوم، وإثباته بالأدلة التقنية، والتي قدمها لمجلس الأمن الدولي وعرضها على الرأي العام، بأن الضربات التي أصابت مستشفى الثورة وسوق السمك ناتجة عن قذائف هاون أطلقت من مواقع قريبة لمكان الحادثين تخضع لسيطرة المليشيات الحوثية.. تلك المواقف كانت مثار استغراب الحكومة اليمنية.
وقالت الخارجية اليمنية، في بيان لها، "ترى حكومة الجمهورية اليمنية أن تسارع مثل هذه الاتهامات وآخرها الصادرة في بيان عن الاتحاد الأوربي، تأتي لتؤكد ابتعاد الكثيرين عن الحقائق الموضوعية ونزعاتهم نحو كل ما يبرئ المليشيا الحوثية التي قامت خلال الفترة الماضية بالاعتداء على الممر الملاحي الدولي جنوب البحر الأحمر وباب المندب، والسكوت عن هذه الجرائم بحق القانون الدولي، بل وإرسال رسائل خاطئة للمليشيا الانقلابية، وهو الأمر الذي حذرت الحكومة اليمنية منه مرارًا بأنه إنما سيؤدي إلى إطالة أمد الحرب نتيجة تجاهل الحقائق على الأرض والتغافل عن ممارسات الانقلابيين وانتهاكاتهم لكل قوانين الحرب والقانون الإنساني الدولي".
وأضاف البيان، "لقد أكدت الحكومة اليمنية مراراً حرصها الكامل على سلامة المدنيين وتجنب الإضرار بهم في كل المناطق اليمنية دون استثناء والتقيد بأعلى درجات الالتزام بقواعد وقوانين الحرب واتفاقيات جنيف الأربع وكل ما يرتبط بها من التزامات".. محملة في الوقت ذاته المليشيا الانقلابية كافة المسؤوليات الناجمة عن جميع الانتهاكات لقواعد القانون الدولي الإنساني، وكافة الجرائم التي لا تسقط بالتقادم..
وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العقيد الركن تركي المالكي، عقد مؤتمرا صحفيا في الرياض عرض خلاله جملة من الادلة والبراهين القوية التي تؤكد ان مجزرة الحديدة ارتكبتها الميليشيا الحوثية باستخدام قذائف الهاون من نوع 120مليمتر، وليست بفعل غارات جوية.. مؤكدًا انتهاك الميليشيا الحوثية واختراقها للقانون الدولي والإنساني بارتكابها تلك الجريمة وجرائم مماثلة في عدد من المحافظات.
وتطرق العقيد المالكي إلى البيان الصادر عن منسق الشؤون الإنسانية في اليمن وما جاء فيه بأن ما تم يوم أمس (الخميس) من استهداف كان من قبل ضربات جوية من قبل التحالف، مجددًا تأكيده في هذا الصدد بأن كافة البيانات الواردة من الأمم المتحدة ليست صحيحة لعدة أسباب منها: أنه لا يوجد أي مكتب للأمم المتحدة في اليمن سوى في العاصمة صنعاء وأن البيئة غير مناسبة لعمل الموظفين الأمميين في داخل العاصمة صنعاء، كما أنه لا يوجد أي من الراصدين الذين يتنقلون في المحافظات اليمنية.
وقال، "نحن منفتحون على أي ادعاءات ترد إلى قيادة التحالف بشأن أي استهدافات، لا سمح الله، قد تكون خاطئة أو قد يكون فيها خسارة لأرواح المدنيين"، داعيًا منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ليز غراندي، إلى أن يكون تركيز المنظمات التي تعمل تحت الأمم المتحدة على العمل الإنساني وتقديم المساعدة للشعب اليمني.
وعلى الرغم من أن المعارك والجبهات مستعرة في أكثر من 5 محافظات، وعلى الرغم أيضاً من التزام قوات المقاومة المشتركة بتجنب وصول المعارك إلى مساكن المواطنين وأحيائهم طوال الأشهر الماضية مستخدمة تكتيكا عسكريا ناجعاً يراعي قواعد الاشتباك واحترام القانون الدولي فحققت انتصارات لافتة في زمن قياسي وحررت عدداً من المديريات في الساحل الغربي دون أن تحصل أي انتهاكات بحق المدنيين الذين سعدوا كثيراً بوجود القوات المشتركة.. فقد قدمت لهم خدمات إيوائية وإغاثية واستجابت لمناشداتهم بتكثيف جهود الفرق الهندسية بانتزاع الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها المليشيا الإجرامية في أحياء المواطنين ومزارعهم وطرق سيرهم، إلا أن تركيز الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها وأخرى تعنى بالعمل الإنساني على الحديدة والساحل الغربي يضع علامات استفهام عن المقاصد من وراء ترهيب المجتمع الدولي من القيام بمسؤولياته تجاه اليمنيين ضد المليشيا الحوثية التي انتهكت كل القوانين المحلية والدولية.
وللتوضيح أكثر حول حيادية المنظمات الأممية العاملة في اليمن من عدمه يمكن للمتابع أن يطلع علی عنوان آخر تقرير نشرته منظمة اليونيسف أمس السبت "ماذا تعني معركة الحُديدة لأطفال اليمن؟" وما ورد فيه مما يثير الشكوك حول سر التركيز بطرائق سلبية موجهة ضد واحد مما تسميه "أطراف النزاع"، فضلا عن إبراز عنوان جانبي مرفق مع التقرير وبالخط العريض تقول فيه إن معركة الحديدة "تُهدد أرواح مئات الآلاف من الأطفال في المدينة"!! وتحذر فيه من أن "ثمة ملايين آخرين في جميع أنحاء اليمن يعتمدون على السلع الإنسانية والتجارية التي تدخل عبر ميناء الحُديدة يومياً للمحافظة على بقائهم"!
لتنضم هذه المنظمة الدولية إلى برنامج الغذاء العالمي في ترهيب المجتمع الدولي من مخاطر وأهوال تحرير مدينة الحديدة ومينائها، مع أن بقاءهما بيد مليشيات الحوثي هو استمرار لكل ما يحاولون الترهيب منه.
كما تعمدت تلك المنظمات تجاهل أن الحديدة وسكانها يتصدرون قائمة مناطق المجاعة في اليمن في ظل سيطرة الانقلابيين بعد أن كانت تهامة تعد سلة غذاء اليمن، فصلا عن المواطن التهامي يستقبل قوات المقاومة المشتركة والتحالف العربي بكل حفاوة وترحيب لتخليصه من إرهاب الحوثيين وتلهفه لمشاريع وبرامج الإغاثة الإنسانية والإيوائية التي يتبناها التحالف العربي بالتوازي مع العمليات العسكرية، لإنقاذ حياة سكان المناطق المحررة بعد أن ذاقوا اﻷمرين لسنوات تحت سطوة وبطش مليشيا الحوثي.
بينما لم تعر تلك المنظمات أي اهتمام لتصريحات واضحة وصريحة للتحالف العربي على كافة المستويات يلتزم فيها للمجتمع الدولي بالتكفل بالجهود الإغاثية والإنسانية لأبناء اليمن لاسيما أبناء الساحل الغربي.
ولم يكن تقرير اليونيسف الأخير هو الوحيد، بل سبق وأصدرت عدة بيانات عبر مكتبها في اليمن بخصوص عدة قضايا بدأتها ببيان ممهور باسم المديرة التنفيذية لليونيسف هنريتا تتحدث فيه عن تعرض مستودعين تابعين للمنظمة في الحديدة لـ"هجومين جويين"، إضافة إلى إحصائها عدداً من الهجمات، على الرغم من علمها المسبق بأن من يقوم بتلك الهجمات هي المليشيا الحوثية.
وفي الوقت ذاته تتجاهل تلك المنظمات جرائم حرب ترتكبها ميليشيا الحوثي في عدة محافظات وآخرتها استهدافها لسفن تجارية في خطوط الملاحة الدولية وذلك بعد اسابيع من قيام المليشيا الانقلابية بتفجير خزانات مشروع المياه في مدينتي حيس والتحيتا وعدد من المدارس الحكومية، إضافة الی مواصلتها لعملية القصف اليومي بقذائف المدفعية وصواريخ الكاتيوشا لمنازل المواطنين في المناطق المحررة بالسهل التهامي وفي تعز والبيضاء ومارب والضالع ولحج وغيرها من المناطق، ولكن دون أن تلقى تلك الجرائم أي نقد أو حتى إشارة لها في بيانات المنظمات الدولية.
لم تكن الأمم المتحدة هي اﻷخرى بعيدة عما ذكرنا آنفاً، فنشر موقعها الرسمي وحساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي تقريراً يربط انتشار الكوليرا في الحديدة باستمرارية العمليات العسكرية التي تقوم بها المقاومة المشتركة، وتقول بالحرف الواحد نقلاً عن اليونيسف إن انتشار وباء الكوليرا يحتاج إلى غارة واحدة!!
قد نتفهم سياسات المنظمات الأممية والدولية التي تحاول "النأي بالنفس" عن الصراعات والتي لم نلمسها في هذا "الصراع"، وألا تكون طرفاً فيه، لكن لا نستطيع تفسير سياسة الكيل بمكيالين من منظمات قدمت لها كل التسهيلات لتقوم بمهامها، لكن ما ورد في البيانات والتقارير الصحفية لا يمت لـ"النأي بصلة"، وهذا سيدفع باتجاه زعزعة الثقة بهذه المنظمات التي بدأ رأي عام بالتشكل ويشكك في مصداقية وحيادية هذه المنظمات باستمرار انحيازها إلى جانب المليشيات الحوثية والتغطية والتجاهل لجرائمها.
أظهرت مواقف المنظمات الدولية تجاه المجزرة الوحشية التي أقدمت ميليشيا الانقلاب الحوثية علی ارتكابها في سوق السمك وأمام بوابة مستشفی الثورة العام في مدينة الحديدة، الخميس الماضي، حجم الارتباك في الموقف الدولي والتخاذل والمهادنة إزاء الجرائم الإرهابية للحوثيين بحق الشعب اليمني.
واتسمت مواقف عدد من المنظمات بحالة من الالتباس وتتطابق مع مواقف ميليشيا الانقلاب التي حاولت التغطية علی جريمتها الوحشية وتوجيه الاتهامات لأطراف أخری بارتكابها، وذلك بالتزامن مع حملات إعلامية ممنهجة تقوم بها منظمات أممية منذ أواخر يوليو الماضي فحواها تخويف الرأي العام العالمي وترهيب المجتمع الدولي مما تسميها "معركة تحرير مدينة وميناء الحديدة" سعياً نحو إيقافها.
ولم تكتفِ تلك المنظمات بذلك، بل تعدته إلى تجاهل ما ترتكبه المليشيا الحوثية من انتهاكات أو توجيه اتهامات لجهات أخرى قبل التحقق من المعلومات عبر تحقيقات دولية مستقلة تتمتع بالشفافية والحيادية، لاسيما في جرائم شابها الغموض في بادئ الأمر.
فقد أصدرت بعض المنظمات الأممية والدولية بياناً تلو آخر عن الوضع في اليمن، واختصت الحديدة بنصيب الأسد، وارتفعت وتيرة التقارير التي أعدتها مكاتبها العاملة في اليمن، ما يثير كثيراً من علامات الاستفهام حول مهام هذه المنظمات التي تتحدث أدبياتها عن الإنسان وحقوقه والعمل الدولي المشترك ورفع الظلم عن الإنسان في أي مكان من العالم.
ومساء الجمعة 3 أغسطس كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أصدرت بياناً رسمياً هو الثاني عن جريمة سوق السمك وبوابة مستشفى الثورة بالحديدة دانت فيه "سلسلة الهجمات التي شهدتها مدينة الحديدة الخميس 2 أغسطس 2018م، في مدينة الحديدة الساحلية والتي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين"، لكن المستغرب له أن تتحدث اللجنة الدولية عن "انفجارات مجهولة" مع أن كل الدلائل في مسرح الجريمة بمستشفى الثورة وسوق السمك بمدينة الحديدة تدل علی هوية الجاني وتدحض مزاعم ميليشيا الانقلاب التي سارعت للادعاء بأن غارات للتحالف هي من سبب تلك الجريمة البشعة، في حين الحقائق علی الأرض عكس ذلك، حيث وثق سكان وشهود عيان بكاميراتهم قذائف مدفعية وشظاياها، فضلاً عن المواد التلفزيونية التي بثتها قناة المسيرة التابعة لمليشيا الحوثي والتي تناقلتها وسائل إعلام المليشيا، مما يؤكد، بلا أدنى شك، مسؤولية المليشيا في هذه الجريمة النكراء التي حاولت بارتكابها تضليل الرأي العام الداخلي بغية تحقيق أهداف آنية تتعلق بوضع عراقيل دولية لإيقاف العمليات العسكرية الدؤوبة لتحرير ما تبقى من مديريات الساحل الغربي التي ماتزال تحت سيطرتها، وإيقاف معركة تحرير مدينة الحديدة ومينائها المرتقبة على أيدي القوات المشتركة.
ووصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيانها، بأن ما حدث "انفجارات أرضية"، في تلميح واضح لكل ذي عقل بأن مصدر "سلسلة الهجمات" أرضي، وإشارة غير مباشرة إلى عدم احتمالية أن تكون الانفجارات ناجمة عن غارات جوية مثلما زعم الانقلابيون.
ولكن ما يؤسف له أن الصليب الأحمر الذي لم يتحرج في أكتوبر 2016 في بيانه الذي أصدره بخصوص جريمة "الصالة الكبرى" بالعاصمة صنعاء أن يشير إشارة واضحة إلى الغارات الجوية في إحدى فقرات بيانه؛ ها هو اليوم يتحاشى الإشارة –على أقل تقدير- إلى مليشيا الحوثي بارتكاب مجزرة الحديدة، رغم المشاهد التي قال عنها رئيس بعثة اللجنة الدولية في اليمن، يوهانس برووير بأنها "مروعة" وكانت تقتضي منه الشجاعة التي عرف بها كثير من مسؤولي وموظفي المنظمات الأممية والدولية بأن يوجه سبابته باتجاه مرتكب الجريمة، بل كان الأجدر وصف المجرم لا الاكتفاء بوصف الجريمة. لأن حديث برووير بعدها عن "إن تجاهل القانون الدولي الإنساني في اليمن لا يمكن تحمله" لا معنى له إذا كان الصليب الأحمر مشاركاً في هذا التجاهل بتجاهله المجرم وعدم تسميته.
أما مواقف بعض الدول أو المنظمات الدولية التي أغفلت الحقائق علی مسرح الجريمة وذهبت لتبني مزاعم ميليشيا الانقلاب بتوجيه الاتهام للتحالف على الرغم من إعلان التحالف بأنه لم يقم بأية عمليات جوية في مدينة الحديدة في ذلك اليوم، وإثباته بالأدلة التقنية، والتي قدمها لمجلس الأمن الدولي وعرضها على الرأي العام، بأن الضربات التي أصابت مستشفى الثورة وسوق السمك ناتجة عن قذائف هاون أطلقت من مواقع قريبة لمكان الحادثين تخضع لسيطرة المليشيات الحوثية.. تلك المواقف كانت مثار استغراب الحكومة اليمنية.
وقالت الخارجية اليمنية، في بيان لها، "ترى حكومة الجمهورية اليمنية أن تسارع مثل هذه الاتهامات وآخرها الصادرة في بيان عن الاتحاد الأوربي، تأتي لتؤكد ابتعاد الكثيرين عن الحقائق الموضوعية ونزعاتهم نحو كل ما يبرئ المليشيا الحوثية التي قامت خلال الفترة الماضية بالاعتداء على الممر الملاحي الدولي جنوب البحر الأحمر وباب المندب، والسكوت عن هذه الجرائم بحق القانون الدولي، بل وإرسال رسائل خاطئة للمليشيا الانقلابية، وهو الأمر الذي حذرت الحكومة اليمنية منه مرارًا بأنه إنما سيؤدي إلى إطالة أمد الحرب نتيجة تجاهل الحقائق على الأرض والتغافل عن ممارسات الانقلابيين وانتهاكاتهم لكل قوانين الحرب والقانون الإنساني الدولي".
وأضاف البيان، "لقد أكدت الحكومة اليمنية مراراً حرصها الكامل على سلامة المدنيين وتجنب الإضرار بهم في كل المناطق اليمنية دون استثناء والتقيد بأعلى درجات الالتزام بقواعد وقوانين الحرب واتفاقيات جنيف الأربع وكل ما يرتبط بها من التزامات".. محملة في الوقت ذاته المليشيا الانقلابية كافة المسؤوليات الناجمة عن جميع الانتهاكات لقواعد القانون الدولي الإنساني، وكافة الجرائم التي لا تسقط بالتقادم..
وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العقيد الركن تركي المالكي، عقد مؤتمرا صحفيا في الرياض عرض خلاله جملة من الادلة والبراهين القوية التي تؤكد ان مجزرة الحديدة ارتكبتها الميليشيا الحوثية باستخدام قذائف الهاون من نوع 120مليمتر، وليست بفعل غارات جوية.. مؤكدًا انتهاك الميليشيا الحوثية واختراقها للقانون الدولي والإنساني بارتكابها تلك الجريمة وجرائم مماثلة في عدد من المحافظات.
وتطرق العقيد المالكي إلى البيان الصادر عن منسق الشؤون الإنسانية في اليمن وما جاء فيه بأن ما تم يوم أمس (الخميس) من استهداف كان من قبل ضربات جوية من قبل التحالف، مجددًا تأكيده في هذا الصدد بأن كافة البيانات الواردة من الأمم المتحدة ليست صحيحة لعدة أسباب منها: أنه لا يوجد أي مكتب للأمم المتحدة في اليمن سوى في العاصمة صنعاء وأن البيئة غير مناسبة لعمل الموظفين الأمميين في داخل العاصمة صنعاء، كما أنه لا يوجد أي من الراصدين الذين يتنقلون في المحافظات اليمنية.
وقال، "نحن منفتحون على أي ادعاءات ترد إلى قيادة التحالف بشأن أي استهدافات، لا سمح الله، قد تكون خاطئة أو قد يكون فيها خسارة لأرواح المدنيين"، داعيًا منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ليز غراندي، إلى أن يكون تركيز المنظمات التي تعمل تحت الأمم المتحدة على العمل الإنساني وتقديم المساعدة للشعب اليمني.
وعلى الرغم من أن المعارك والجبهات مستعرة في أكثر من 5 محافظات، وعلى الرغم أيضاً من التزام قوات المقاومة المشتركة بتجنب وصول المعارك إلى مساكن المواطنين وأحيائهم طوال الأشهر الماضية مستخدمة تكتيكا عسكريا ناجعاً يراعي قواعد الاشتباك واحترام القانون الدولي فحققت انتصارات لافتة في زمن قياسي وحررت عدداً من المديريات في الساحل الغربي دون أن تحصل أي انتهاكات بحق المدنيين الذين سعدوا كثيراً بوجود القوات المشتركة.. فقد قدمت لهم خدمات إيوائية وإغاثية واستجابت لمناشداتهم بتكثيف جهود الفرق الهندسية بانتزاع الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها المليشيا الإجرامية في أحياء المواطنين ومزارعهم وطرق سيرهم، إلا أن تركيز الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها وأخرى تعنى بالعمل الإنساني على الحديدة والساحل الغربي يضع علامات استفهام عن المقاصد من وراء ترهيب المجتمع الدولي من القيام بمسؤولياته تجاه اليمنيين ضد المليشيا الحوثية التي انتهكت كل القوانين المحلية والدولية.
وللتوضيح أكثر حول حيادية المنظمات الأممية العاملة في اليمن من عدمه يمكن للمتابع أن يطلع علی عنوان آخر تقرير نشرته منظمة اليونيسف أمس السبت "ماذا تعني معركة الحُديدة لأطفال اليمن؟" وما ورد فيه مما يثير الشكوك حول سر التركيز بطرائق سلبية موجهة ضد واحد مما تسميه "أطراف النزاع"، فضلا عن إبراز عنوان جانبي مرفق مع التقرير وبالخط العريض تقول فيه إن معركة الحديدة "تُهدد أرواح مئات الآلاف من الأطفال في المدينة"!! وتحذر فيه من أن "ثمة ملايين آخرين في جميع أنحاء اليمن يعتمدون على السلع الإنسانية والتجارية التي تدخل عبر ميناء الحُديدة يومياً للمحافظة على بقائهم"!
لتنضم هذه المنظمة الدولية إلى برنامج الغذاء العالمي في ترهيب المجتمع الدولي من مخاطر وأهوال تحرير مدينة الحديدة ومينائها، مع أن بقاءهما بيد مليشيات الحوثي هو استمرار لكل ما يحاولون الترهيب منه.
كما تعمدت تلك المنظمات تجاهل أن الحديدة وسكانها يتصدرون قائمة مناطق المجاعة في اليمن في ظل سيطرة الانقلابيين بعد أن كانت تهامة تعد سلة غذاء اليمن، فصلا عن المواطن التهامي يستقبل قوات المقاومة المشتركة والتحالف العربي بكل حفاوة وترحيب لتخليصه من إرهاب الحوثيين وتلهفه لمشاريع وبرامج الإغاثة الإنسانية والإيوائية التي يتبناها التحالف العربي بالتوازي مع العمليات العسكرية، لإنقاذ حياة سكان المناطق المحررة بعد أن ذاقوا اﻷمرين لسنوات تحت سطوة وبطش مليشيا الحوثي.
بينما لم تعر تلك المنظمات أي اهتمام لتصريحات واضحة وصريحة للتحالف العربي على كافة المستويات يلتزم فيها للمجتمع الدولي بالتكفل بالجهود الإغاثية والإنسانية لأبناء اليمن لاسيما أبناء الساحل الغربي.
ولم يكن تقرير اليونيسف الأخير هو الوحيد، بل سبق وأصدرت عدة بيانات عبر مكتبها في اليمن بخصوص عدة قضايا بدأتها ببيان ممهور باسم المديرة التنفيذية لليونيسف هنريتا تتحدث فيه عن تعرض مستودعين تابعين للمنظمة في الحديدة لـ"هجومين جويين"، إضافة إلى إحصائها عدداً من الهجمات، على الرغم من علمها المسبق بأن من يقوم بتلك الهجمات هي المليشيا الحوثية.
وفي الوقت ذاته تتجاهل تلك المنظمات جرائم حرب ترتكبها ميليشيا الحوثي في عدة محافظات وآخرتها استهدافها لسفن تجارية في خطوط الملاحة الدولية وذلك بعد اسابيع من قيام المليشيا الانقلابية بتفجير خزانات مشروع المياه في مدينتي حيس والتحيتا وعدد من المدارس الحكومية، إضافة الی مواصلتها لعملية القصف اليومي بقذائف المدفعية وصواريخ الكاتيوشا لمنازل المواطنين في المناطق المحررة بالسهل التهامي وفي تعز والبيضاء ومارب والضالع ولحج وغيرها من المناطق، ولكن دون أن تلقى تلك الجرائم أي نقد أو حتى إشارة لها في بيانات المنظمات الدولية.
لم تكن الأمم المتحدة هي اﻷخرى بعيدة عما ذكرنا آنفاً، فنشر موقعها الرسمي وحساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي تقريراً يربط انتشار الكوليرا في الحديدة باستمرارية العمليات العسكرية التي تقوم بها المقاومة المشتركة، وتقول بالحرف الواحد نقلاً عن اليونيسف إن انتشار وباء الكوليرا يحتاج إلى غارة واحدة!!
قد نتفهم سياسات المنظمات الأممية والدولية التي تحاول "النأي بالنفس" عن الصراعات والتي لم نلمسها في هذا "الصراع"، وألا تكون طرفاً فيه، لكن لا نستطيع تفسير سياسة الكيل بمكيالين من منظمات قدمت لها كل التسهيلات لتقوم بمهامها، لكن ما ورد في البيانات والتقارير الصحفية لا يمت لـ"النأي بصلة"، وهذا سيدفع باتجاه زعزعة الثقة بهذه المنظمات التي بدأ رأي عام بالتشكل ويشكك في مصداقية وحيادية هذه المنظمات باستمرار انحيازها إلى جانب المليشيات الحوثية والتغطية والتجاهل لجرائمها.