جيش السيد.. ونقطة أبو 1000
السياسية - Thursday 09 August 2018 الساعة 11:20 am
"جيش السيد جيش الثورة، يحمي السيد يحمي الثورة" هكذا كانوا يرددون في قناة المسيرة عند عرضها لحفل تخرج ما أسمته دفعة عسكرية جديدة.
شباب يمنيون أنقياء تحولوا إلى مسوخ للسيد ترغيباً وترهيباً واستغفالاً.
هذا الجيش وتلك اللجان التي أصبحت في خطابهم رديفاً للجيش، بل ومتحكمة في مساره وفكره وعقيدته، يقتلون اليمنيين في مشارق اليمن ومغاربها، ويمتصون رزق وعرق وكرامة من لم يمت بعد.
في مخرج مدينة ذمار الشرقي باتجاه رداع، توجد نقطة تفتيش للحوثيين تتفوق في قبحها وبشاعة تعاملها على نقطة أبو هاشم الشهيرة في قلب مدينة رداع، يصعد طفل رث الثياب وقح اللسان إلى كل باص للمسافرين يدقق في وثائقهم ونواياهم، فيسمح لمن شاء بالعبور ويمنع من يشاء، ويبتز من يشاء.
خلال رمضان الفائت، صعد إلى باص للنقل الجماعي، ونادى على مجموعة من الأسماء من واقع الكشوف التي تسلمها شركات النقل للنقاط، وعند انتهائه من قراءة الأسماء أضاف التعليق التالي:
"كل واحد سمع اسمه ينزل ومعه بطاقته و1000 ريال جنبها"، وهكذا كان دون أن يتجرأ أحدهم على سؤاله لماذا يا هذا؟
قبل أسبوعين صعد ذات الشخص واقتاد معه رجلاً يحمل تقريراً طبياً للسفر للعلاج في الأردن:
هذا التقرير مزور، كم دفعت للمزور حقك؟
والله ما هو مزور يا فندم، أنا مريض وحالتي حالة.
ايش اسم مدير مستشفى الثورة بصنعاء؟
والله ما لي علم يا فندم.
قلت لك أنك مزور ما صدقت، والله ما تدي خطوة، قم انزل، لو هو تقرير صحيح أنك تعرف اسم المدير.
وهكذا كان مصير الرجل الذي لا أحد يعلم مصيره.
أما في نقطة أبو هاشم، فحاول أحدهم الحديث عن الدولة والقانون أمام وقاحة الطفل (أبو مران) وهو يفتش وثائق المسافرين، فرد عليه مشرف النقطة:
اليمن دولة وأنا دولة وحدي، ما أحد له عليَّ سلطة، خارج نفسك بغير لغاجة.
وهذه العبارة (خارج نفسك بغير لغاجة) تعني في قاموس العابرين: ادفع الفدية لأفرج عنك وأسمح لك بمواصلة السفر.
أتذكر في زيارة لأحد المعتقلات الحوثية بصنعاء أن المسلح الحوثي قال لأحد الزوار: هات القات نتأكد أنه مسموح للسجين بتناوله، ما لم تعال خذه غدوة، إحنا مسيرة قرآنية ما نأكل حق أحد، يمكن صاحبك انفرادي!!
ماذا كانت تهمة صاحبه هذا يا ترى؟
حاول السفر إلى عدن دون سبب مقبول، لقد أراد السفر للبحث عن مرتبه من الجهات المعنية هناك، لا أكثر !!
وفي نقطة أخرى بين ذمار ورداع، سأل المسلح كل مسافر عن مصدر قدومه، وركز على رجل تبدو عليه آثار النعمة، وقال له:
شكلك دولارات، من أين جيت؟
من الأردن.
اسمك موجود عندنا، شكلك ما أدري ايش عليك من قضية.
اسمي مش عندكم، اتحداك تجيب البلاغ.
لا تتحدى ولا شي، انزل معي
مش نازل، أتحداك
منين أنت؟
من صعدة
ومنين واصل؟
من أمريكا.
ليش ما تقول هكذا من أولها، الله المستعان، أنت ضيفنا، تصل عند أسرتك بالسلامة.
هكذا تغير مجرى الحديث، ونبرة المسلح، بمجرد أن المسافر قادم من أمريكا وليس من الأردن، وأنه من صعدة وليس من إب !!
لكن المسلح استأنف الحديث بنبرة مختلفة تماما:
المجاهدين من غير عشاء
ايش أعمل لهم؟
أنت وكرمك، مش فرض عليك يا أخي.
تكررت مسألة "المجاهدين بغير عشاء" في ثلاث نقاط متوالية بين باب الفلاك وجامعة ذمار.
في هذه الأخيرة، كان المسلح طفلا، وتبدو عليه نعمة العيش وحسن المظهر، وعندما وقفت السيارة وعليها قادمون من الخارج، نادى قائد النقطة:
يا فندم، مسافرين، ايش نعمل معاهم؟
ولا شي، الحمد لله على السلامة وهو يتجه نحو السائق:
توصلوا بالسلامة، بس لا تتركوا المجاهدين هكذا بين المطر، من غير عشاء ولا تخزينة.
للأسف والله ما باقي معنا ولا ريال.
الحاصل، كل واحد وكرمه، ما نفرض على أحد شي، هذا تطوع منكم.
نقاط كثيرة، ومواقف بلا حدود، هذه مجرد نماذج أولية، وقد أوضح السائق العارف بتفاصيل يومية متكررة من هذا القبيل أن الذين يقفون للتفتيش من القبائل وليسوا من (السادة الهاشميين) حد تعبيره، لأن السيد يأخذ حقه منهم وهو مرتاح بخيمته أو غرفته، وما يجوز يتبهذل بالوقوف للتفتيش، لكنه مرجعية للحالات التي يتم اصطيادها من السيارات وباصات النقل، فالوصول إليه مرحلة متقدمة من الابتزاز، حيث لا يمكنه قبول مبلغ بسيط بل أكبر قدر من المال يمكن أن يجده مع الضحية، وإلا كانت التهمة التي تغيبك عن أهلك لأيام أو أشهر أو سنوات، وقد تتعرض للتعذيب البشع كما جرى لمئات المسافرين.
وأضاف مبتسما عبارته الأخيرة: شفع لكم صاحب صعدة، لا تعتقدوا أنهم هكذا طيبين يقولوا لكم المجاهدين من غير عشاء، وأنتم تدعمموا !!!
"جيش السيد، جيش الثورة، يحمي السيد، يحمي الثورة"!
"جيش السيد جيش الثورة، يحمي السيد يحمي الثورة" هكذا كانوا يرددون في قناة المسيرة عند عرضها لحفل تخرج ما أسمته دفعة عسكرية جديدة.
شباب يمنيون أنقياء تحولوا إلى مسوخ للسيد ترغيباً وترهيباً واستغفالاً.
هذا الجيش وتلك اللجان التي أصبحت في خطابهم رديفاً للجيش، بل ومتحكمة في مساره وفكره وعقيدته، يقتلون اليمنيين في مشارق اليمن ومغاربها، ويمتصون رزق وعرق وكرامة من لم يمت بعد.
في مخرج مدينة ذمار الشرقي باتجاه رداع، توجد نقطة تفتيش للحوثيين تتفوق في قبحها وبشاعة تعاملها على نقطة أبو هاشم الشهيرة في قلب مدينة رداع، يصعد طفل رث الثياب وقح اللسان إلى كل باص للمسافرين يدقق في وثائقهم ونواياهم، فيسمح لمن شاء بالعبور ويمنع من يشاء، ويبتز من يشاء.
خلال رمضان الفائت، صعد إلى باص للنقل الجماعي، ونادى على مجموعة من الأسماء من واقع الكشوف التي تسلمها شركات النقل للنقاط، وعند انتهائه من قراءة الأسماء أضاف التعليق التالي:
"كل واحد سمع اسمه ينزل ومعه بطاقته و1000 ريال جنبها"، وهكذا كان دون أن يتجرأ أحدهم على سؤاله لماذا يا هذا؟
قبل أسبوعين صعد ذات الشخص واقتاد معه رجلاً يحمل تقريراً طبياً للسفر للعلاج في الأردن:
هذا التقرير مزور، كم دفعت للمزور حقك؟
والله ما هو مزور يا فندم، أنا مريض وحالتي حالة.
ايش اسم مدير مستشفى الثورة بصنعاء؟
والله ما لي علم يا فندم.
قلت لك أنك مزور ما صدقت، والله ما تدي خطوة، قم انزل، لو هو تقرير صحيح أنك تعرف اسم المدير.
وهكذا كان مصير الرجل الذي لا أحد يعلم مصيره.
أما في نقطة أبو هاشم، فحاول أحدهم الحديث عن الدولة والقانون أمام وقاحة الطفل (أبو مران) وهو يفتش وثائق المسافرين، فرد عليه مشرف النقطة:
اليمن دولة وأنا دولة وحدي، ما أحد له عليَّ سلطة، خارج نفسك بغير لغاجة.
وهذه العبارة (خارج نفسك بغير لغاجة) تعني في قاموس العابرين: ادفع الفدية لأفرج عنك وأسمح لك بمواصلة السفر.
أتذكر في زيارة لأحد المعتقلات الحوثية بصنعاء أن المسلح الحوثي قال لأحد الزوار: هات القات نتأكد أنه مسموح للسجين بتناوله، ما لم تعال خذه غدوة، إحنا مسيرة قرآنية ما نأكل حق أحد، يمكن صاحبك انفرادي!!
ماذا كانت تهمة صاحبه هذا يا ترى؟
حاول السفر إلى عدن دون سبب مقبول، لقد أراد السفر للبحث عن مرتبه من الجهات المعنية هناك، لا أكثر !!
وفي نقطة أخرى بين ذمار ورداع، سأل المسلح كل مسافر عن مصدر قدومه، وركز على رجل تبدو عليه آثار النعمة، وقال له:
شكلك دولارات، من أين جيت؟
من الأردن.
اسمك موجود عندنا، شكلك ما أدري ايش عليك من قضية.
اسمي مش عندكم، اتحداك تجيب البلاغ.
لا تتحدى ولا شي، انزل معي
مش نازل، أتحداك
منين أنت؟
من صعدة
ومنين واصل؟
من أمريكا.
ليش ما تقول هكذا من أولها، الله المستعان، أنت ضيفنا، تصل عند أسرتك بالسلامة.
هكذا تغير مجرى الحديث، ونبرة المسلح، بمجرد أن المسافر قادم من أمريكا وليس من الأردن، وأنه من صعدة وليس من إب !!
لكن المسلح استأنف الحديث بنبرة مختلفة تماما:
المجاهدين من غير عشاء
ايش أعمل لهم؟
أنت وكرمك، مش فرض عليك يا أخي.
تكررت مسألة "المجاهدين بغير عشاء" في ثلاث نقاط متوالية بين باب الفلاك وجامعة ذمار.
في هذه الأخيرة، كان المسلح طفلا، وتبدو عليه نعمة العيش وحسن المظهر، وعندما وقفت السيارة وعليها قادمون من الخارج، نادى قائد النقطة:
يا فندم، مسافرين، ايش نعمل معاهم؟
ولا شي، الحمد لله على السلامة وهو يتجه نحو السائق:
توصلوا بالسلامة، بس لا تتركوا المجاهدين هكذا بين المطر، من غير عشاء ولا تخزينة.
للأسف والله ما باقي معنا ولا ريال.
الحاصل، كل واحد وكرمه، ما نفرض على أحد شي، هذا تطوع منكم.
نقاط كثيرة، ومواقف بلا حدود، هذه مجرد نماذج أولية، وقد أوضح السائق العارف بتفاصيل يومية متكررة من هذا القبيل أن الذين يقفون للتفتيش من القبائل وليسوا من (السادة الهاشميين) حد تعبيره، لأن السيد يأخذ حقه منهم وهو مرتاح بخيمته أو غرفته، وما يجوز يتبهذل بالوقوف للتفتيش، لكنه مرجعية للحالات التي يتم اصطيادها من السيارات وباصات النقل، فالوصول إليه مرحلة متقدمة من الابتزاز، حيث لا يمكنه قبول مبلغ بسيط بل أكبر قدر من المال يمكن أن يجده مع الضحية، وإلا كانت التهمة التي تغيبك عن أهلك لأيام أو أشهر أو سنوات، وقد تتعرض للتعذيب البشع كما جرى لمئات المسافرين.
وأضاف مبتسما عبارته الأخيرة: شفع لكم صاحب صعدة، لا تعتقدوا أنهم هكذا طيبين يقولوا لكم المجاهدين من غير عشاء، وأنتم تدعمموا !!!
"جيش السيد، جيش الثورة، يحمي السيد، يحمي الثورة"!