طفل رافق زميله المصاب فقُتل.. قصص صادمة من مذبحة الـ"هاون" بالحديدة

متفرقات - Friday 10 August 2018 الساعة 07:38 pm
ياسر محمد، نيوزيمن، الحديدة:

تزداد معاناة أبناء مدينة الحديدة، يوماً عن آخر، وتتفاقم مشكلاتهم في ظل سيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية على المدينة.

وقد ارتفع منسوب المعاناة مع تكثيف ميليشيا الحوثي عمليات استهداف المدنيين داخل الأحياء السكنية المكتظة بالسكان.

وقد عكس استهداف الميليشيا الحوثية للمدنيين، فداحة العقلية الميليشياوية واستعدادها لقتل الآلاف في سبيل بقاء سيطرتها، وهو ما كشفته الهجمات المتعددة التي شنتها قبل أيام مستهدفة سوق السمك وبوابة مستشفى الثورة وأودت بحياة عشرات المدنيين وجرح العشرات.

وقد عُدّت جريمتا سوق السمك وبوابة مستشفى الثورة أفظع جريمة ارتكبتها ميليشيا الحوثي بحق المدنيين في الحديدة، إذ إن عشرات الشباب والأطفال الأبرياء والنساء ذهبوا ضحايا المجزرتين الأبشع.

وقد حاول "نيوزيمن"، الاقتراب أكثر من مجزرتي الحديدة والقصص المأساوية التي خلفتها الجريمة الحوثية والوجع الذي لن ينسى بالنسبة لأسر الضحايا.

4 نساء من عائلة واحدة قُتلن

شقيقتان وعمتهما خرجن من البيت لمرافقة زوجة أخيهما، الحامل في الشهر الثامن، إلى مستشفى الثورة بمدينة الحديدة لعمل الفحوصات الطبية اللازمة والاطمئنان على صحتها وصحة جنينها.

استقلن باصا صغيرا (دباب) وحين وصلن أمام بوابة المستشفى ترجلن من الباص لتسقط قذيفة هاون في المكان، لتسقط (خميسة وفاطمة وسعيدة والرابعة هاديه وجنينها الذي لم ير النور بعد) قتيلات على الفور.

قصة وجع أخرى

محمد سالم خادم، مدرس قضى جل عمره في تربية الأجيال وتعليم النشء، وحين ضاقت به أوضاعه المعيشية وازداد عوزه بعد قطع مصدر دخله الوحيد (الراتب) سعى في إيجاد مصدر دخل يوفر قوت أسرته.

اشترى دراجة نارية (موتور) وكان دائم التوقف أمام بوابة مستشفى الثورة ينتظر بين الحين والآخر راكبا يوصله هنا أو هناك ويتقاضى أجره ومن ثم يعود لمكانه المعتاد بانتظار زبون وراكب جديد.

لم يكن يعلم "خادم" أن آلة الموت الحوثية تترصد حياته لتحرم أطفاله الاثنين وزوجته وأمه منه حين استهدفته والكثير ممن كانوا جواره القذيفة الأولى التي أطلقتها ميليشيا الحوثي من مبنى الأمن المركزي الذي لا يبعد سوى أمتار عن بوابة المستشفى.

طفل رافق زميله المصاب وقتل

إبراهيم زاهر بحرين، طفل لم يتجاوز السادسة عشر من عمره، وكان مرافقا لزميله المصاب حسام محمد يحيى عكاشة الذي أصيب في حارته الحوك الأعلى بجرح بسيط في يده اليسرى، وحين نزلا من على الموتر وأوشكا الدخول من بوابة المستشفى باغتتهما القذيفة ليفارقا الحياة معا.

سلطان نونو.. أسعف ضحايا القذيفة الأولى وقتلته الثانية

سلطان عبدالله نونو، ضحية آخر لهجمات الحوثيين الأخيرة في الحديدة، إذ كان يعمل دلالاً في سوق السمك، وصادف وقوع القذيفة الأولى على ضحايا البوابة وجوده في الجولة المجاورة للمستشفى تماماً، فهرع مسرعاً يحاول إنقاذ المصابين وإسعافهم لقسم الطوارئ.

استطاع سلطان إنقاذ البعض وعاد ليسعف البعض الآخر ممن تبقى من المصابين، إلا أن القذيفة الثانية التي أطلقتها ميليشيا القتل على نفس المكان الأول أصابته شظاياها لتحيله إلى أشلاء وليغادر الحياة بعد أن منح بعض المصابين حياة جديدة بإسعافه لهم، مسطرا أروع أمثلة التضحية والفداء.

رحل سلطان عن الحياة مخلفاً زوجته وولدين وبنتاً تعاني من ضمور وليس لهم معيلا سواه.

أما خالد سهل معروف، فشاب عشريني كان يعمل مع أحد مالكي البقالات من خلال الذهاب لشراء السمك من (المحوات).

وقد قتل خالد مع العشرات، إثر شظايا الهاون التي أطلقتها ميليشيا الحوثي على السوق، ليعود لأسرته جثة هامدة بعد دقائق معدودة من مغادرة البيت، مخلفا أحزانا دفينة وحسرة دائمة في قلب أمه التي لاتزال تبكي فراقه.

خالد حواته.. قصة رحيل تفوق الخيال

حين سمع خالد صغير حواتة بقصف سوق السمك، غادر المنزل واستقل دراجته النارية مسرعا يحاول الوصول لموقع الجريمة، حيث كان يعتقد وجود والده هناك، كما هي العادة.

وصل خالد إلى مسرح الجريمة، وشرع يتنقل بين القتلى والجرحى يبحث عن أبيه محاولاً معرفة مصيره، لكنه لم يجده، ليزداد هول الفاجعة لديه وخشيته أن يكون والده من ضمن الجثث التي لم يتم التعرف عليها.

عاد بعدها إلى المنزل مسرعاً، وكله أمل في أن يجد خبراً يفرحه.

تقول شقيقة خالد لـ"نيوزيمن"، إنه وبمجرد أن وصل المنزل وكان قد سبقه والده إليه، وحين شاهد أن والده لايزال على قيد الحياة احتضنه بلهفة وقبّله بحرارة وكأنه غير مصدق ما يراه أمامه.

وبعدها بدقائق خرج الشاب خالد من منزله فرحًا بنجاة أبيه، غير أنه بعد تجاوزه لمنزله بأمتار سقط فجأة في الشارع مغمىً عليه، وحين هرع من كانوا إلى جواره لحمله وجدوه قد فارق الحياة، فيما يبدو أنها ذبحة صدرية أو سكتة قلبيه.

القصص كثيرة والوجع أكثر، والثابت أن مشهد جريمتي سوق السمك وبوابة مستشفى الثورة، سيظل عالقاً في ذاكرة ووجدان سكان مدينة الحديدة، ولن يمر مرورًا عابرًا على أية حال، فكثير من القصص الموجعة لم تحك بعد.