مؤتمر تعز.. الفرصة المواتية للتحرر من البركاني والعليمي وحمود خالد ومن مظاهرات الإصلاح

السياسية - Sunday 16 September 2018 الساعة 10:19 pm
تعز، نيوزيمن، عماد طربوش:

منذ وصول الرئيس هادي إلى القصر الجمهوري، عبر انتخابات توافقية، انزوى حزب المؤتمر الشعبي العام في محافظة تعز جانباً يتابع تجاذبات المشهد ومكتفياً بالتعاطي الحذر مع أنشطة التنظيم وفعالياته خصوصاً بعد الخصومة التي حصلت بين هادي وصالح وكان لها تأثير بالغ على الحزب وأدائه.

فرع مؤتمر تعز كان له نصيب وافر من الاستهداف الذي جاد به الإصلاح باعتباره رقماً فاعلاً في حكومة التوافق، حيث تحول مؤتمريو تعز إلى هدف مستمر لثورة الإصلاح التي يفترض أنها حققت منالها بتسليم صالح السلطة لنائبه هادي.

واستمرت فاعلية مؤتمر تعز في المساحة الرمادية دون أي تسجيل لمواقف خشية أن ينال القادة في الفرع غضب باسندوة وهادي والشباب الذين مازالوا يحجون إلى ساحة الحرية كل أسبوع للمطالبة باجتثاث المؤتمر وإنهاء صالح وأسرته وحزبه وجيشه.

بعد سقوط صنعاء ووصول المليشيات الحوثية إلى مناطق يمنية عدة، غربا وجنوبا وشرقا وفي الشمال، كان مؤتمريو تعز أمام مشهد معقد.. موقف الحزب المركزي في صنعاء وهروب قيادة الفرع من تعز وهيمنة الإصلاح على قيادة العمل المقاوم للمليشيات واحتكاره وكان الحزب مجبراً على سلوك طرق مشتتة..البعض أجبر على القتال مع المليشيات كونه يتواجد في مناطق سيطرتها، والبعض التزم البيت لأن الإصلاح لايقبل به شريكاً في المعركة كونه عدواً قبل الحوثي.

وساهم التحالف وهادي في مضاعفة وجع مؤتمر تعز حين تم إيكال مهمة العمليات العسكرية قيادة وتنسيقا في تعز للإصلاح، وكان الشيخ حمود المخلافي رأس الحربة في العمليات وموقفه من المؤتمر متطرفاً إلى درجة يتجاوز مواقف قيادات حركية بارزة، رغم كونه شخصية اجتماعية قبلية يفترض يكون لها مرونة في التعاطي مع المتغيرات.

شاركت عناصر مؤتمرية كثيرة في الحرب، لكن دون السماح لها بالتواجد في هرم القيادة أو تشكيل مجاميع أو تشكيلات تمثلها، وكان هذا أحد أسباب تعثر عملية تحرير تعز وتعقد المشهد لاحقا في المحافظة نظرا لغياب مكون سياسي اجتماعي فاعل عن المشاركة في صناعة الأحداث.

منع الإصلاح مشاركة رموز المؤتمر القبليين في الحرب وافشل ذهاب عدد من رموز تعز إلى السعودية عبر القاهرة لتدارس خيارات المواجهة، وكان ذلك قبل انطلاق عاصفة الحزم، بل وبعد تحرك التحالف عسكريا جعل الإصلاح منازل وأملاك قيادات المؤتمر هدفا للطيران من خلال رفع احداثياتها كمواقع حوثية عسكرية.

وحاول الإصلاح بكل قوة دفع مؤتمر تعز وقياداته الاجتماعية نحو الطرف الآخر الذي هو مليشيات الحوثي، ولفق وزور تقارير ومعلومات حول قيادات عديدة بغية تنظيف الساحة من تأثير المؤتمر، كما أن الإصلاح في تعز عمل جاهدا على شيطنة الشيخ سلطان البركاني خوفا من أن يتبنى موقفا عسكريا في الميدان ضد المليشيات لأن له موقفا مبكرا في اعتبار دخول المليشيات صنعاء انقلابا حتى حين كان الإصلاح ومعه المشترك يحاورون الحوثي في موفمبيك.

كان نشاط الإصلاح أمنيا وإعلاميا وسياسيا وحتى في المساجد يركز على عدم السماح بتحرك مؤتمري في تعز بالتوازي مع مواجهة المليشيات واستثمار الدعم الخليجي للتفوق ميدانيا واحتلال المركز الأول من حيث النفوذ والقوة في المحافظة.

وتوالت التطورات، وجاء علي المعمري الاشتراكي المنتقل للمؤتمر ومن ثم إلى جناح علي محسن، جاء محافظا لتعز ليمنح الإصلاح كل ما يريد، ويتبنى نهجا اقصائيا ضد المؤتمر متنكرا لمعروف سلطان البركاني ومؤتمر تعز الذي أوصله للبرلمان.

ابتكر الإصلاح جناحا مؤتمريا بقيادة عارف جامل صديق المخلافي المقرب، والذي قدم نفسه ممثلا لصبر في المقاومة، واسمي المؤتمر المؤيد للشرعية، غير أنه بعد مقتل صالح وظهور تحركات مؤتمرية لجمع شتات الحزب في تعز انقلب الإصلاح على جامل وحوله إلى خصم وعفاشي وعميل إماراتي إلى جانب كثير من التهم، لأنه رفض مخططات الإصلاح التآمرية على كتائب أبو العباس، ونجا من محاولة اغتيال كانت مطبوخة بعناية لتصفيته مع قائد الشرطة العسكرية الذي اذعن الإصلاح وكل أوامره.

وحين جاء محافظ تعز الجديد وجد جامل مساحه للتحرك، كونه من طينة الرجل سياسيا واجتماعيا ويمثل الاثنان ذراعي صبر بمكوناته الاجتماعية، لكن الإصلاح استصدر قرارا بتعيين المخلافي عبد القوي في منصب وكيل أول محافظة تعز ليكون متجاوزا إداريا عارف جامل وكيل المحافظه الأنشط والأقوى حضوراً.

توجه جامل لتنشيط العمل التنظيمي، لكنه تسرع ولم ينسق مع قيادات المؤتمر ونظم ما أسماه مؤتمرا عاما رغم عدم وجود نص في النظام الداخلي للحزب يمنح الفرع هذه الصلاحيات، غير أنه في بيان الاجتماع انتزع موقفا مهما باعتبار خطاب صالح الأخير الذي دعا إلى مواجهة المليشيات يمثل الاجتماع.

مارس الإصلاح حربا نفسيه ضد المحافظ وضد جامل لإبعادهما عن مكونات المؤتمر في تعز حتى وصل الحال لتنظيم تظاهرة في تعز ضد الصحفي محمد عبده سفيان، لأن عارف جامل أوكل له مهمة تنسيق العمل الإعلامي للاجتماع، رغم أن سفيان كان صحفيا تنظيميا تبنى موقف قيادته الحزبية، وحين أعلن صالح موقفا مغايرا تمثل هذا الموقف.

كما نظم الإصلاح تظاهرة ضد المخافظ لأنه عين مسؤولا في السكرتارية كان أيام شوقي هائل في ذات المنصب واعتبر الإصلاح هذا التعيين إعادة للقتلة ونفايات المؤتمر إلى الحكم وإهانة للشهداء وتعز، مع أن الرجل لم يسبق له حتى أن كتب منشورا أو تغريدة تهاجم الشرعية أو تناصر المليشيات والانقلاب.

وفي الوقت الحالي بعد أن تغيرت المعادلة وأصبح طارق صالح شريكا للتحالف في مواجهة المليشيات وفي جبهة نشطة، وتحقق نجاحات مشهودة ومع تواجد محافظ لديه مساحة للتعاطي مع كل المكونات دون خوف مازال مؤتمر تعز نائما وغير قادر على التفاعل مع المشهد واستثمار الظروف الملائمة.

يتحمل البركاني والعليمي وحمود الصوفي مسؤولية كبيرة في هذا الركود المؤتمري سواء كان من باب الصراع بينهم كأجنحة تعز داخل المؤتمر أو كتهاون في إعادة تعز إلى حالة التوازن والتعايش دون تسلط طرف دون الآخر.

ورغم صمود الموتمريين في تعز كمكون جماهيري فاعل أمام محاولات الاستقطاب الحوثية والابتلاع الإصلاحية، غير أنهم لم يجدوا قيادة تعيد تفعيل أدوات القوة والحضور والخبرة التي يملكونها وتصحيح المعادلة على الأرض حتى عسكريا بما يملكه المؤتمر من مكون بشري كبير.

تفرض التطورات ضرورة وجود تحالف سياسي اجتماعي جديد في تعز يجمع اليسار وبدرجة أولى الناصريون والمؤتمر والقوى الفاعلة الأخرى سواءً عسكرية او قبلية، للوقوف أمام محاولات الإصلاح ومؤامراته على تعز وبتحرير مناطق الساحل التعزية، أصبح للمؤتمر رافد قوي من الوازعية وموزع والمخا يضاف إلى الحجرية وجبل حبشي وصبر.

على المؤتمريين في تعز التفكير بصيغة تحرك حقيقي يتجاوز القيادات الثلاث النائمة، والبحث عن تحالفات تشكلها القيادات الوسطية، وبحث أطر تواصل مع أطراف إقليمية بعيدا عن انتظار تفعيل اجتماعات الهيئات العليا بعد تحرير صنعاء..

بإمكان تعز صياغة معادلة مؤتمرية تنظيمية تنهي المركزية الحزبية التي يسيطر عليها أبو راس وهادي، وبناء وحدة حزبية محلية تجمع شتات الحزب في المحافظة وتعيد فاعليته بعيدا عن البركاني والعليمي والصوفي، في حال استمروا في السكون، ودون الخوف من صراخ الإصلاح ومظاهراته الممتدة ل 8 أعوام عجاف.