مهاجرو اليمن.. هاربون من الحرب إلى الجحيم

المخا تهامة - Friday 19 October 2018 الساعة 03:31 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

دفعت الحرب المتبوعة بانقلاب الحوثيين على السلطة، وسيطرتهم على مؤسسات الدولة في صنعاء، مئات اليمنيين للهروب خارج البلاد، بحثاً عن اللجوء وفرص العمل خاصة في الدول الأوروبية.

وباتت الهجرة واللجوء هاجساً يداعب مخيلة كثير من اليمنيين، خاصة الشباب، إذ يعتقدون أن من شأن فرص اللجوء للدول الأوروبية والأميركية أن تحفظ كرامتهم وإنسانيتهم في حين تضمن مستقبلاً أفضل لأسرهم.

طرق مسدودة

يرجئ شباب يمنيون باحثون عن الهجرة واللجوء صعوبة الوصول إلى بلدان آمنة إلى إقفال دول الخليج أبوابها أمام اليمنيين ومنعهم حتى من العبور إلى جانب افتقاد المؤهلات العلمية وخبرات العمل.

في هذا السياق يقول عماد عبدالحكيم، وهو شاب هاجر قبل سنوات إلى الأردن، إن العيش بأمان يبدأ باللجوء إلى دولة ديمقراطية، لافتا إلى ما تعرض له لاجئون يمنيون في السجون المغربية من تعذيب وإهانات.

ويشير إلى أن اليمنيين يتعرضون لكثير من الأخطار، فهناك مخيمات منسية للنازحين اليمنيين في جيبوتي والصومال.

وكانت كوريا الجنوبية رفضت الأسبوع الماضي طلبات لجوء نحو 400 يمني بعد وصولهم إلى جزيرة جيجو مما أثار غضبا شعبيا عارما.

ووصل نحو 500 شخص من اليمن إلى جيجو في وقت سابق من العام الحالي مستفيدين من تسهيلات قدّمتها الجزيرة الجنوبية تتيح الدخول إليها من دون تأشيرة.

اللجوء.. حلم صعب

ويقول شاب في صنعاء، لـ"نيوزيمن"، إنه بحث مراراً عن فرصة لمغادرة البلاد والهجرة إلى دولة أوروبية أو أميركية عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية للسفارات، لكنه تفاجأ بأن هذه الدول تشترط على مقدمي طلبات اللجوء بأن يكونوا خارج اليمن.

وأمام هذه الرغبة الكبيرة في الهجرة واللجوء إلى دول مختلفة وجد أشخاص محتالون فرصة للنصب على كثيرين من هؤلاء الذين يرغبون في الهجرة من خلال إيهامهم بأنهم يسهلون سفرهم إلى كندا وغيرها من الدول التي تقبل لجوء اليمنيين.

صحفيون يبحثون عن اللجوء

لم يجد الناشطون والصحفيون والسياسيون اليمنيون فرصة للبقاء في وطنهم، حيث يتعرضون للاضطهاد والمطاردة والاعتقالات من قبل المليشيات الحوثية ومن بقي صامتا يتضور جوعا في ظل أزمة إنسانية لم تعرفها البلاد منذ قرون.

وقتلت المليشيات الحوثية عددا من الصحفيين، فيما زجت بالعشرات في معتقلاتها منذ بدء الانقلاب وتمكنت من جعل العاصمة صنعاء خالية من الصحافة والصحفيين إلا من أنصارها.

وتتهم منظمة العفو الدولية الحوثيين بملاحقة النشطاء السياسيين والصحفيين والناشطين وكل من يعارض سياسة المليشيات ونهجها الطائفي والقائم على العنف والقتل والاضطهاد.

الصحفي والكاتب اليمني وهيب النصاري، واحد من الصحفيين الذين تمكنوا من الخروج من اليمن والإقامة في إحدى الدول العربية يقول لـ"نيوزيمن"، إن ما تعرض ويتعرض له الصحفيون والناشطون والسياسيون من اضطهاد حوثي أجبر المئات منهم على الخروج من البلاد والبحث عن فرصة للحياة والعيش الكريم.

ويضيف النصاري، أن العديد من الصحفيين والإعلاميين والسياسيين أيضاً لجأوا إلى أوروبا هرباً من الاضطهاد في اليمن وتفرقت بهم السبل في شتات المهجر او اللجوء.

وأشار إلى أن العديد من اليمنيين الفارين من جحيم المليشيات والحرب لم يستطيعوا الحصول على فرصة للوصول إلى أوروبا وبقوا في بلدان عربية مجاورة والسبل متقطعة بهم.

ويلفت النصاري إلى أن آلافاً من اليمنيين يقبعون في سجون الحوثي بينما قتل آلاف آخرون على يد المليشيا التي تسببت بأكبر مأساة يعيشها اليمنيون في تاريخهم خلال 5 أعوام من الانقلاب، بينما يحاول عشرات الآلاف الهجرة او اللجوء ويتوزع المئات منهم بين مصر والأردن والسودان واثيوبيا وتركيا والمغرب... وغيرها.

ويرى الصحفي النصاري، الذي يعمل بالصحافة منذ أكثر من 18 عاماً، أن مشكلة اليمنيين هي الموقع الجغرافي الذي يحرمهم من التحرك باتجاه بلدان اللجوء، وإلا فإنك ستجد مئات الآلاف يطرقون أبواب أوروبا.

يمنيون على أبواب الأمم المتحدة

"أروى. ع" ناشطة وصحفية يمنية تداوم على أبواب الأمم المتحدة في مصر منذ أكثر من عامين في محاولة الحصول على التوطين من خلال الأمم المتحدة في أي بلد أوروبي وتعيش اوضاعا صعبة هناك.

وتقول أروى في حديثها لـ"نيوزيمن" إنها هربت من جحيم المليشيات وانتهاكاتها الجسيمة بحق اليمنيين التي طالت حتى النساء، ذلك العنصر المقدس في المجتمع اليمني والذي صار منتهكا قدسيته وأصبحت سجون المليشيات مليئة بالنساء.

وأشارت إلى أن آلاف اليمنيين يتزاحمون على أبواب مكاتب الأمم المتحدة في مصر والسودان وفي إثيوبيا أيضا من أجل الحصول على هجرة او لجوء في أي بلد أوروبي.

وأوضحت أنه لا يتم الاعتراف باللاجئين في الدول العربية كلاجئين بالتوصيف القانوني التام للفظ لاجئ وإنما يعتبرون طالبي لجوء، وفي مصر لا يتم الاعتراف على أن الشخص طالب للجوء يستحق حتى منحه بطاقة صفراء اللون "الكارت الأصفر" والتي تخوله للحصول على إقامة مؤقتة.

مغامرات وقصص مؤلمة

محمد عبدالعزيز، شاب يمني في السويد تحدث لـ"نيوزيمن" بأنه استطاع الخروج من اليمن مع بدء الانقلاب والحرب، حيث اقترض أموالا ووصل إلى تركيا وهناك تواصل مع أصدقاء سوريين وعراقيين وغامروا بالهروب عبر البحر إلى اليونان وتنقلوا حتى وصل السويد وطالب بحق اللجوء.

لم تكن طريق محمد إلى أوروبا سالكة أو مفروشة بالورود، وبحسب روايته فقد أُنقذت حياته من سرطان في الدماغ بعد أربعة أشهر من وصوله إلى السويد وتعرضه لمشاكل نفسية جسيمة في مخيم مخصص للاجئين في إحدى الغابات وسط الجليد والبرد وشعور بالوحدة القاسية.

وتعد تجربة محمد عبد العزيز رغم متاعبها أكثر لطفا من تجارب عشرات اليمنيين الذين اختاروا الهروب عبر البحر إلى أوروبا بركوب قارب مطاطي قد تكون نهايتهم الغرق والموت أو الوصول.

وكان أربعة شباب يمنيين قد قضوا في البحر بين ليبيا وايطاليا قبل أشهر، في واحدة من أصعب القصص الإنسانية المؤلمة التي وصل اليها حال اليمنيين الباحثين عن الحياة هروبا من نكال المليشيات إلى مخاطر الموت في البحار لتحقيق حلم الهجرة واللجوء.

ويواجه الشباب اليمنيون مشاكل شديدة التعقيد داخل اليمن بسبب المليشيات والتدهور الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة والفقر مما جعل 80% من سكان اليمن بحاجة إلى غذاء، بحسب تقرير حديث للبنك الدولي.

في المقابل يواجه البعض الآخر الذي تمكن من الوصول إلى دول أوروبية تحديات الاندماج والتكيف مع مجتمعهم الجديد، خاصة مع ضعف التأهيل المهني لسوق العمل، وهو ما يؤخر حصولهم على الإقامة هناك ورفض طلبات لجوء بعضهم.