بلباس نسائي: (الزينبيات) وجه آخر لإجرام مليشيات الحوثي

السياسية - Friday 26 October 2018 الساعة 05:18 pm
سمير الصنعاني، نيوزيمن، تقريرخاص:

استعداداً لقمع تظاهرة نسائية منددة بالجوع وارتفاع الأسعار وانهيار العملة وقطع المليشيا للمرتبات ظهرت أنثى تابعة لمليشيا الحوثي في أحد شوارع العاصمة والشرر يتطاير من عينيها وفي يدها اليمني عصا غليظة كتلك التي يحملها أفراد مكافحة الشغب.

صورة تلك القيادية في مليشيات الحوثي حظيت ليس بانتشار واسع في وسائل الإعلام فقط، بل وبانتقادات ساخرة وواسعة من رواد وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي الذين علقوا على تلك الصورة بانها نموذج لسطوة المليشيا وقمعها لكل المختلفين والمعارضين لها.

مشهد النساء الحوثيات المتشحات بالسواد والحاملات للأسلحة بدأ بالظهور في محافظة صعدة حيث معقل المليشيات وتحديدا خلال بعض التظاهرات العسكرية والخاصة بالمليشيا، قبل أن ينتقل هذا المشهد بشكل رسمي إلى العاصمة صنعاء عقب انقلاب المليشيات على السلطة وسيطرتها على مؤسسات الدولة في 21 سبتمبر 2014م.

(الزينبيات) مليشيا نسائية حوثية على الطريقة الإيرانية

عمدت حركة الحوثي منذ بدء تمردها المسلح على الدولة في العام 2004م، على استنساخ التجربة الإيرانية ليس في فكرها وثقافتها ومذهبها فحسب، بل وفي شعارها المسمى بالصرخة، وفي طريقة إنشاء تكويناتها القائمة على المليشيا المسلحة والتي تشبه ما يعرف بالحرس الثوري في إيران، ومليشيا حزب الله اللبناني.

ولم يقف الأمر عند استنساخ تجربة المليشيا الإيرانية وحزب الله الرجالية بل تعداه إلى قيام الحركة الحوثية بإنشاء مليشيا نسائية تحت مسمى (الزينبيات) وهي ذات أسلوب وفكر خاص يقوم على استخدام هذه المليشيات في تنفيذ إجراءات مراقبة وملاحقة واعتقال وقمع واقتحام والتحقيق مع المعارضين لسلطة المليشيات من النساء بأشكال ووسائل عديدة.

ومع ظهور المليشيات النسوية الحوثية (الزينبيات) بادئ الأمر في محافظة صعدة اعتقد البعض أن مهمة هذه المليشيات سيقتصر على لعب دور امني في حماية وحراسة الأنشطة والفعاليات الاحتفالية والتظاهرات الخاصة بالحركة الحوثية، لكن هذا الاعتقاد سرعان ما تلاشى عقب سيطرة المليشيات على العاصمة صنعاء وعلى مؤسسات الدولة حيث برز دور المليشيات النسوية الحوثية (الزينبيات) بشكل كبير عبر حملهن السلاح، وحضورهن المسلح في المظاهرات، وصولا إلى مشاركتهن في عملية الاقتحام التي طالت مؤسسات الدولة خصوصا المؤسسات ذات الطابع النسوي.

خلافا للدستور والقانون.. مليشيا (الزينبيات) بديلا للشرطة النسائية

قبيل الأزمة السياسية التي عصفت باليمن مطلع العام 2011م كانت الحكومة اليمنية بدأت بمنح النساء فرصة للانخراط والمشاركة في قوام الجيش والأمن اليمني من خلال إنشاء شرطة نسائية خاصة تابعة لوزارة الداخلية وللأمن المركزي، وكذا إدماج النساء في إطار فرق مكافحة الإرهاب التابعة للقوات الخاصة، أو للأمن المركزي.

ورغم المعارضة الدينية التي واجهت هذا التوجه إلا أن الحكومة مضت فيه حيث تم تخريج عدد من دفع الشرطة النسائية التابعة لوزارة الداخلية،وكذا تخريج عدد من الكوادر النسائية ضمن فرق مكافحة الإرهاب، وبات أمرا عاديا ان تشارك الشرطة النسائية في عمليات التفتيش والحماية للأنشطة النسائية أو الفعاليات التي تشارك فيها النساء، ناهيك عن مشاركة نساء ضمن فرق مكافحة الإرهاب في عمليات المداهمة لأوكار الخلايا الإرهابية خصوصا في العاصمة صنعاء.

وأسهمت عملية هيكلة القوات المسلحة والأمن من قبل السلطة التي حكمت البلاد نتيجة التسوية السياسية المتمثلة بالمبادرة الخليجية في خفوت دور الشرطة النسائية ودور النساء في مجال فرق مكافحة الإرهاب، لكن ذلك الدور ظل بحده الأدنى يظهر في عمليات التفتيش والحماية للأنشطة التي تتواجد أو تشارك فيها النساء.

وعقب سيطرة المليشيات الحوثية على العاصمة صنعاء ومثلما تعرضت معسكرات الجيش والأمن للاقتحام من قبل المليشا ونهب مقدراتها وأسلحتها، لم تسلم مدرسة ومقرات الشرطة النسائية هي الأخرى من عمليات الاقتحام والنهب من قبل المليشيات الحوثية النسائية المسماة (الزينبيات) والتي حلت بشكل كامل محل ما يسمى بالشرطة النسائية مع فارق ان مليشيات (الزينبيات) هي مجاميع نسائية مسلحة أنشئت خارج إطار الدستور والقانون، وتمارس عملها بعيدا عن أي ضوابط أو أنظمة أو صلاحيات دستورية أو قانونية.

وبدأت مليشيات الحوثي النسائية (الزينبيات) بممارسة مهام خارج إطار كل الأنظمة حيث أقدمت على اقتحام عدد من المؤسسات النسائية، وكذا المؤسسات التابعة للدولة، وبدأت ممارسة عمليات مراقبة وتفتيش ومداهمة واعتقال للقيادات النسوية المعارضة للمليشيات الحوثية.

تواجد المليشيات الحوثية النسوية (الزينبيات) توسعا ليشمل التواجد في بعض المرافق الهامة خصوصا المدارس والجامعات، والمستشفيات، حيث أوكل لهذه المليشيات القيام بعمليات التفتيش لمبررات أمنية، قبل أن يتوسع دورهن لممارسة صلاحيات أمنية وإدارية وإشرافية على بعض المرافق خصوصا مدارس البنات والمرافق النسائية.

(الزينبيات).. دورات مسلحة وأداة للقمع

مع تزايد قبضة المليشيات الحوثية على مفاصل السلطة بدأت صورة وادوار وممارسات المليشيات النسوية (الزيبنيات) تتطور بشكل غير مسبوق، حيث بدأت المليشيا الحوثية تظهر إعلاميا (الزينبيات) وهن يتلقين تدريبات مكثفة على استخدام الأسلحة الشخصية والمتوسطة وتم نشر صور عن فعالية تخرج تلك الفتيات برعاية وزير الشباب والرياضة بحكومة الانقلابيين الحوثي حسن زيد.

كما أظهرت المليشيات (الزينبيات) وهن ينظمن وقفات مسلحة يرددن فيها شعار صرخة الموت الحوثية، ويعلن جاهزيتهن للمشاركة في القتال في جبهات القتال ضد قوات التحالف العربي بقيادة السعودية وقوات الحكومة الشرعية.

وقدمت قصة القيادية الحوثية ندى الوزان، التي نشرتها في صفحتها على الفيس بوك وتحدثت فيها بعنجهية غير مسبوقة عن قيامها هي وأمها بالاعتداء على سائق "تاكسي"، بسبب اختلافه معهما على 100 ريال يمني قبل ملاحقة المليشيا الأمنية التابعة للحوثيين لسائق التاكسي، دليلا على ما تمارسه المليشيات النسائية الحوثية (الزينبيات) من أفعال إجرامية خارجة عن القانون، حيث قوبلت تلك القصة بحملة انتقادات مجتمعية واسعة شارك فيها المئات من رواد وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي والإعلاميين والسياسيين.

ومنحت قيادة الحركة الحوثية مليشيات (الزينبيات) مهام متعددة أبرزها القيام باقتحام المنازل وتفتيشها، ورصد الأنشطة الإعلامية والاليكترونية للمعارضات، وتفتيش الهواتف والأجهزة الإلكترونية للنساء، ورصد وملاحقة النساء الناشطات والمعارضات للمليشيا، وصولا إلى استخدامهن في عمليات الاعتداء والقمع للمسيرات والاعتصامات السلمية حتى الرجالية منها، واعتقال وحبس والتحقيق مع الناشطات المعارضات في سجون تدار من قبل قيادات المليشيات الحوثية ومنها بعض قيادات المليشيات النسوية (الزينبيات).

وشهدت العاصمة صنعاء مشاركة المليشيات النسوية الحوثية (الزينبيات) في اقتحام عدد من مدارس البنات وطرد مديراتها ومعلماتها المعارضات للمليشيا وفرض عمليات استبدال وتعيين لمديرات منتميات أو مواليات للمليشيات، أو قمع احتجاجات الطالبات في بعض المدارس واللائي رفضن ترديد شعار الصرخة الحوثية.

وشاركت مليشيات (الزينبيات) في الاعتداء وقمع مظاهرات نسوية خرجت في العاصمة صنعاء تحت مسمى ثورة الجياع، كما قمعن وقفة احتجاجية لطالبات جامعة صنعاء منددة بالجوع وانهيار العملة وسياسات المليشيات الحوثية.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل تلعب المليشيات النسوية (الزينبيات) دورا في عمليات التحشيد للمظاهرات النسائية الداعمة للمليشيات الحوثية سواء خلال بعض الفعاليات المذهبية الخاصة بها، أو المظاهرات التي تدعو إليها المليشيات بين الحين والآخر، كما يمارسن دورا إعلاميا ودعائيا في دفع النساء للتبرع بالمال للمليشيات الحوثية تحت مسمى رفد جبهات القتال.

كما تمارس المليشيات النسوية (الزينبيات) عملية ترهيب وتخويف نفسية بحق النساء اللواتي يشتبه بمعارضتهن لسياسة المليشيات الحوثية وهو ما تؤكد قيادات نسوية لنيوزيمن انه يتم عبر حضور بعض أعضاء مليشيا (الزينبيات) إلى أماكن تجمع أو لقاءات النسوة في الحارات، أو عبر استغلال المناسبات كحفلات الإعراس، أو مأتم العزاء وترهيب النساء بأنهن مراقبات ومرصودات من قبل الأجهزة الأمنية.

وكان الجيش اليمني نشر في وقت سابق من العام الجاري خبرا عن تورط عناصر نسائية حوثية تابعة لمليشيات (الزينبيات) في عمليات زرع الألغام والعبوات الناسفة وهو ما أكده مصدر عسكري في تصريحات إعلامية قال فيها انه تم اكتشاف خلية نسائية مكونة من امرأتين تقوم بزرع الألغام في عدد من الطرقات الرابطة بين المديريات المحررة بمحافظة الجوف حيث تم ضبطهما من قبل وحدة استطلاع خاصة في الجيش.

(الزينبيات).. توحش في تهديد وقمع المؤتمريين

عقب انتفاضة الثاني من ديسمبر التي أعلن فيها الرئيس السابق الزعيم علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام فض الشراكة مع مليشيات الحوثية ودعا للانتفاضة عليهم، وهي الانتفاضة التي انتهت باستشهاده ورفيق دربه الأمين العام للمؤتمر عارف الزوكا وعدد من حراساته وقيادات المؤتمر، مارست مليشيات الحوثي الرجالية والنسوية (الزينبيات) عملية قمع متوحشة وغير مسبوقة بحق قيادات المؤتمر في العاصمة صنعاء والمحافظات التي تسيطر عليها.

وشاركت مليشيات الحوثي النسوية (الزينبيات) في عمليات الاقتحامات لمنازل الرئيس الشهيد صالح وأسرته وأقاربه خصوصا النسوية، وكذا منازل القيادات المؤتمرية ومارست عمليات نهب منظمة لهذه المنازل، كما أقدمت على ترويع وإرهاب اسر وعائلات قيادات المؤتمر، واعتقال عدد من القياديات المؤتمريات.

وتقول قيادات مؤتمرية نسوية في العاصمة صنعاء وذمار والمحويت وعمران لنيوزيمن إن مليشيات الحوثي النسوية (الزينبيات) يواصلن منذ ديسمبر الماضي عمليات تهديد وترويع وإرهاب منظمة بحق القيادات النسوية المؤتمرية، ويمنعهن من ممارسة أي أنشطة تنظيمية أو عقد أي اجتماعات، أو المشاركة في أي مناشط وفعاليات رسمية أو حزبية.

وتضيف تلك القيادات إنهن تلقين تهديدات عديدة من قبل المسؤولات القيادات في مليشيات (الزينبيات) ووجهت لهن تهم الخيانة والعمالة، والولاء لعفاش وأسرته، وهددن بالاعتقال إن هن استمررن في الحديث عن الزعيم صالح أو وصفه بالشهيد أو الحديث عن عهده وانجازاته.

وشاركت المليشيات الحوثية النسوية (الزينبيات) في قمع واعتقال عشرات من القيادات النسوية المؤتمرية اللواتي شاركن في مسيرة وضع الورود أمام منزل الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح في أربعينية استشهاده ومنهن القيادية المؤتمرية والأمين العام المساعد للمؤتمر فائقة السيد التي تعرضت للاعتداء ونقلت إلى المستشفى.

وقالت قيادات مؤتمريات في العاصمة صنعاء لنيوزيمن، إنهن امتنعن عن المشاركة في حفل ذكرى تأسيس المؤتمر الذي أقيم منتصف أغسطس الماضي، وكذا في فعالية الاحتفاء بالعيد السادس والخمسين لثورة 26 سبتمبر التي أقامها المؤتمر في العاصمة صنعاء بعد أن تلقين تهديدات من مليشيا (الزينبيات) باختطافهن أو اعتقالهن في حال شاركن في تلك الفعاليات.

وتضيف تلك القياديات إن مليشيات الحوثي النسوية (الزينبيات) يمارسن رقابة ورصدا لأية تحركات للقيادات المؤتمرية، حتى وصل الأمر إلى مراقبة الاتصالات الهاتفية لهن، فيما تم مصادرة هواتف بعض القيادات من قبل تلك المليشيات بحجة ممارستهن لأنشطة إعلامية وسياسية مناهضة للمليشيات.

وتقول إحدى القيادات المؤتمريات في مديرية الوحدة بالعاصمة صنعاء –طلبت عدم الكشف عن اسمها– لنيوزيمن: إن مليشيات (الزينبيات) اعترضنها بالقرب من منزلها واعتدين عليها بالضرب وصادرن هاتفها وحطمنه على خلفية مشاركتها بالحديث عن الزعيم الشهيد صالح في إحدى مجموعات الواتس اب النسوية، وإصرارها على وضع صورته على غلاف هاتفها الخلوي.

(زينبيات الحوثي) فساد مشابه لفساد الرجال

الأدوار القمعية التي منحت لمليشيات الحوثي النسوية (الزينبيات) تطورت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة إلى قيام هذه المليشيات بممارسة أعمال ومهام هي من صلاحيات الجهات التنفيذية في مؤسسات الدولة.

ويؤكد مصدر في أمانة العاصمة لنيوزيمن، إن عددا من القياديات الحوثيات التابعات لمليشيات (الزينبيات) قمن باقتحام مقرات بعض المنظمات التي تقوم بمهام إنسانية واغاثية وتديرها نساء ونهب مواد الاغاثة من تلك المنظمات.
ووفقا للمصدر فإن الأمر تعدى ذلك الى تورط عدد من (الزينبيات) اللواتي يعملن مشرفات على عمليات توزيع مواد الإغاثة الإنسانية المقدمة من بعض المنظمات الأممية لسكان العاصمة من النساء في عمليات فساد ممنهجة كتلك التي تمارسها قيادات المليشيات الحوثي الرجالية.

المصدر كشف لنيوزيمن، عن ضبط إحدى (الزينبيات) متلبسة بعملية بيع كميات من السلال الغذائية التي كانت مخصصة لعدد من النساء في حارة معين بالعاصمة صنعاء لبعض التجار بعد أن استولت عليها بعملية تحايل، مشيرا الى انه تم رفع تقرير حول الحادثة إلى قيادة أمانة العاصمة ومشرفي الحوثي في صنعاء الذين رفضوا اتخاذ أية إجراءات بحق تلك القيادية الحوثية مبررين ذلك بأنها من أنشط وأكفاء القياديات (الزينبيات).

وتضيف المصادر إن كثيرا من (الزينبيات) يقمن بالاستيلاء على بعض المساعدات الإغاثية المخصصة لبعض الأسر التابعة للمليشيات الحوثية وبيعها في السوق لصالحهن، وان هذه الشكاوى تكررت مرات عديدة لكن قيادة المليشيات الحوثية في العاصمة تقابل تلك الشكاوى بالإهمال، معتبرا أن ذلك الصمت يمثل مكافأة من قبل قيادات المليشيات في العاصمة للزينبيات على خدماتهن في مراقبة وملاحقة وقمع النساء المعارضات للمليشيات أو أية تظاهرات يتم الدعوة لها ضد سلطة وسياسة المليشيات الحوثية.