البيضاء ومعارك الجمهورية.. أوراق التحالف المهملة بتحزب القرار العسكري للشرعية

السياسية - Sunday 11 November 2018 الساعة 06:01 pm
البيضاء، نيوزيمن، عماد طربوش:

كان الشيخ أحمد سالم العواضي، رهينة لدى دولة الأئمة لضمان ولاء قبيلته وعدم تمردها على الحكم الإمامي، وحين قامت الثورة شارك في معارك الجمهوريين في مأرب، وفي حصار السبعين يوما توجه من البيضاء نحو صنعاء واستطاع مع المدافعين عن ثورة 26 سبتمبر كسر حصار صنعاء وهزيمة الهبة الإمامية التي حاولت استعادة حكمها وإعدام ثورة سبتمبر الفتية حينها.

تشكل البيضاء رقما مهما في معادلة القوة القبلية، ولها حضور فاعل في مقارعة الإمامة والتسلط كمكون قبلي غني بتقاليد يمنية اصيلة شكلت جدارا منيعا في وجه محاولات بذر الهويات العابرة في المجتمع البيضاني كالتطرف والحوثية وحتى الاخونة.

دخلت المليشيات الحوثية إلى البيضاء دون مواجهة مع القبائل البيضانية وذلك بموجب توافقات مع قيادات قبلية وعسكرية محسوبة على المؤتمر الشعبي العام ومازالت هذه القيادات تشكل قوة محورية في تفعيل وتنظيم اي عمل عسكري على الأرض.

وحين بدأت الشرعية والتحالف العمل العسكري في البيضاء ارتكبوا ذات الخطأ الذي حصل في تعز ومناطق أخرى من اعتماد مركزي وأساسي على مكون واحد هو الإصلاح لإدارة وقيادة وتنسيق عملية تحرير المحافظة، غير أن النتائج على الأرض لم تكن بذات المستوى المأمول.

لا ننتقص هنا من أهمية ودور وتضحيات المقالين في البيضاء، ولكن الحرب تحتاج حشدا لكل الامكانات والاوراق الرابحة، وإلا تحولت الجبهات إلى معارك استنزاف للطرفين وفي هذا الحال لايكترث الحوثي بهذه النتيجة ما دام لا يوجد تقدم وتغير على الارض وطرد له من جعرافيا تحت سيطرته.

لايمكن لأي قوة عسكرية تحقيق انتصارات دائمة ودحر المليشيات من البيضاء دون إشراك المكون الفاعل في الجبهة وهو أصحاب الأرض، ومن الغباء معاداة الحاضنة الاجتماعية في جبهات القتال ايضا او تعمد تجاهلها لأن هذا يعني الفشل ما لم تتحول هذه الحاضنة الى خصم حتى اذا لم يكن في طرف المليشيات.

تعتبر البيضاء من اقل المحافظات حضورا في جيش الحوثي، هذا اذا دققنا في هويات القتلى المعلن عنهم من قبل المليشيات باستثناء عناصر قبيلة ال ريام في رداع والتي دفعت ثمنا ثقيلا في جبهة بيحان كونها كانت تشكل مكونات الجبهة.

ولذلك مازالت محافظة البيضاء تملك ثروة بشرية كبيرة لتعزيز الجبهات في حال تم التعاطي مع عوامل القوة وأوراق النجاح على الارض بالشكل المطلوب والمهني بعيدا عن اي استحواذ لجماعات سياسية كما هو حال الوضع في تعز على سبيل المثال.

وفي حين لم تحقق الشرعية تحرير مناطق جغرافية كبيرة في البيضاء رغم التضحيات والدعم من التحالف فإن المكون الاصيل لمناطق ال عواض استطاع انجاز تحرير كامل لمديرية نعمان وفي وقت قياسي وذلك لأن الجميع هنا تحركوا للدفاع عن ارضهم دون حساسية من ولاءات حزبية او تحفظ على قيادات ميدانية وقاد الشيخ علي عبد ربه العواضي عمليه التحرير.

تتعمد اطراف في الشرعية مسيطرة على القرار العسكري عدم اشراك القيادات القبلية والعسكرية في البيضاء لأن هذه القيادات محسوبة على المؤتمر الشعبي العام وتتعاطى معها بذات العقلية الاقصائية التي اعطبت عملية تحرير تعز وحولت الجيش الوطني فيها الى نموذج حزبي ليس له علاقة بالجيش والوطن اساسا وانما الحزب أولا.

هناك أسماء ذات حضور وتأثير كبير في البيضاء، وهذه الاسماء معروفة من كل قيادات الشرعية العسكرية سواء في مأرب او في الرياض، لكن التصلب الاحادي في والسير بجناح واحد في ميدان المعركة لن يثمر سوى اهدار مزيد من الوقت والجهد والإمكانات البشرية والعسكرية.

بإمكان البيضاء أن تشكل مع الحديدة ضربة مزدوجة للمليشيات ستفقدها توازنها في الميدان وستشكل القوة البشرية البيضانية المحيدة إضافة مهمة للقوات التي تنازل المليشيات في الميدان، وذمار ليست بعيدة عن البيضاء كما ان جغرافيا المحافظة وارتباطها بعدد كبير من المحافظات من الضالع جنوبا الى صنعاء شمالا سيفتح خيارات إيجابية جديدة امام التحالف والشرعية وفي مسارات الحرب وتموضع الجبهات.

البيضاء حاضرة في الساحل الغربي ونهم وعدد من الجبهات، غير أن هناك الكثير بإمكان هذه المحافظة أن تقدمه لليمن ولثورة سبتمبر، كما قدمت في ستينات وسبعينات القرن الماضي دفاعا عن الثورة الأم 26 سبتمبر.