الدعوات الأممية ومشاورات السويد.. طوق نجاة للحوثي وحسابات معركة الساحل

السياسية - Monday 19 November 2018 الساعة 06:34 pm
صنعاء، نيوزيمن، جلال محمد:

بكثير من الأمل والأمنيات، وقليل من التفاؤل نظراً لكثرة الخيبات، يترقب اليمنيون ما يتم إعلانه منذ مطلع نوفمبر من محاولات دولية لإحلال السلام في اليمن، والتي ترافقت مع الدعوات الأمريكية والغربية لإيقاف الحرب وإفساح المجال لعقد جولة جديدة من المشاورات التى قال المبعوث الدولى إلى اليمن مارتن جريفيث إن السويد سوف تحتضنها نهاية هذا الشهر.

وبغض النظر عن دوافع الدعوات ومدى ارتباطها بالتطورات والترتيبات الإقليمية أو الاستحقاقات الانتخابية التي مرت بها الولايات المتحدة، إلا أن الشعب اليمني بات يتلقف كل دعوة للسلام رغم خيباته سابقاً من كل الدعوات، إلا أن ما وصل له من وضع إنساني مأساوي وتردٍ اقتصادي لم يسبق له أن مر عليه من قبل، جعل منه يبتهج ويمني نفسه بحلحلة العقد وانتهاء الحرب والصراع، ليتمكن من الحصول على رواتبه وبعض الخدمات التي يفترض على الدولة تقديمها بعد أن أنهكته وحرمته سنوات الحرب كل حق من حقوق الحياة الإنسانية.

وفي استطلاع لبعض الآراء تحدث مراسل "نيوزيمن" مع عدد من الناشطين والمثقفين وعامة المواطنين في صنعاء، لاستقراء تخميناتهم حول المشاورات القادمة ومدى جديتها وقدرتها على إحلال السلام وتحقيق الأمن والاستقرار.

"غسلنا يدنا من الداخل والخارج".. بهذا القول المتشائم يقول الناشط -محمد عبدالقوي- والذي قال إن كل دعوة للسلام دوماً يعقبها خيبة أمل كبيرة في نفوس المجتمع، نظراً لانعدام المصداقية والنية الحقيقية لإنهاء هذه المعاناة. وأضاف "لو أنهم يؤمنون بالسلام لما بدأت الحرب، ولما سمعنا طلقة رصاص، لكن الكل يبحث عن مصالحه، وفي سبيل ذلك خربوا اليمن، وقتلوا الشعب، ولا نصدق أنهم سوف يمتثلون للسلام، خصوصاً جماعة أنصار الله (الحوثيين) التي تعرف عن يقين أن لا مستقبل لها ولا قبول شعبي بسبب ما ارتكبته من جرائم ومظالم، وتدرك أن استمرار الحرب يعني استمرار بقائها وثرائها".

من جانبه قال عبدالسلام محمد صالح -موظف حكومي- ما سمعناه عن دعوة محمد علي الحوثي لإيقاف الضربات الصاروخية يصب في سبيل خفض التصعيد وربما وقف الحرب، ولكن هذا لا يعني تحقق السلام، فالسلام أمر كبير ومفهوم أكبر من أن تفهمه الأطراف اليمنية التي تصارعت بأبشع الطرق وليس من أجل هدف وطني، بل لتنفيذ أجندة خارجية.

وعلق على تصريح محمد علي الحوثي قائلاً "هذه الجماعة قامت بتنفيذ ما أنيط بها، ولم تستمع يوماً لمناشدات السلام، ونكلت بكل من نادى بالسلام من أبناء الشعب اليمني، ولكن على ما يبدو أن من يحركها من الخارج، أمرها بالتفاعل الإيجابي مع دعوات وقف الحرب، وهذا ما قد يكون خلال مشاورات السويد، لكني مؤمن أن السلام كسلام فعلي لن يتحقق إلا بعد أن يتم سحب سلاح كل المليشيات وإخضاعها للنظم والقوانين المعمول بها في إطار الدولة الجامعة.

أما الأستاذ عادل عبدالله "علوم سياسية"، فقد عبر عن تفاؤله بوقف الحرب وإحلال السلام، خصوصاً وأن الجميع تم إنهاكه، وما كان يريد أعداء اليمن تدميره تم بأيادٍ يمنية، وقال: إذا توقفت الحرب فكله بسعادة طارق الذي جاء يحسم الأمور، فمعركة الحديدة أنهت الحوثي فعلياً رغم أنها لم تكتمل، ولكنها قطعت عنه أكبر موارده المالية، ومورد للسلاح، ولهذا يبدو أن داعميه يخشون سيطرة قوات المقاومة المشتركة على الحديدة حتى لا ينكشفوا ويتم فضحهم أمام العالم بدعمهم وتورطهم في قتل اليمنيين.

واتهم عبدالله أمريكا وبريطانيا بالوقوف خلف الحوثي، وقال ما إن اقتربت قوات المقاومة المشتركة من الحديدة ومينائها حتى سمعنا صراخهم ودعواتهم للسلام والموافقة السريعة والاستجابة غير المشروطة من قبل الحوثيين لذلك. وأضاف "ما يهمنا هو وقف الحرب وإنهاء هذا الوضع المأساوي وأن تكون النوايا صادقة لإنهاء ذلك فعلاً".

فردوس محمد، عبرت عن عدم تفاؤلها بنجاح المشاورات القادمة، وأكدت "لو كان فيهم خير، كان اتفقوا من جنيف 1، لكن كلهم تابعون ولا رأي لهم، ولذلك لا أثق في كل الأطراف اليمنية لأنها مرتهنة، حتى وإن وجدت لديهم رغبة في ذلك فهم تابعون ينفذون ما يؤمرون به. وقالت "لو أن مخرج اللعبة والأطراف الإقليمية اتفقت على إنهاء الحرب وإحلال السلام، فأصحابنا لا يملكون سوى أن يقولوا: آمين".

وأضافت: أثبت الواقع أن جماعات الإسلام السياسي وبال على الشعوب، ومن يرد أن يعرف ذلك ينظر إلى جماعة الحوثي وما خلفته من دماء وخراب، ولمجرد أتاها الأمر الخارجي وافقت وبادرت، وتناست أنها اغتالت الزعيم صالح بسبب سعيه للسلام وإيقاف الحرب، وعلى ما يبدو أن الحرب قد أنهت بنك أهدافها سواءً من تدمير القوة العسكرية اليمنية، وإهانة مؤسسات الدولة وتدمير الاقتصاد، أو الانتقام من الزعيم وتصفيته خدمة لمشروع خارجي، لذا لم يتبق سوى أن يتم إعلان وقف الحرب وإحلال السلام ولو بشكل نسبي.

ويعتبر المراقبون، أن التطورات العسكرية التي مرت بها مختلف الجبهات القتالية، خصوصاً جبهة الساحل والتي أحرزت تقدماً كبيراً خنق الحوثيين واستنزف عددا كبيرا من مقاتليهم، كل هذه التطورات تهدف إلى تثبيت نقاط القوة على الأرض قبل الولوج فى المسار السياسى والعودة إلى مائدة المشاورات، من خلال فرض عناصر قوة جديدة فى مناطق النفوذ الحوثى بمحافظتى صعدة والحديدة، وإجبار الحوثيين على التعاطى بجدية مع طروحات السلام، كـطوق لنجاتهم ومحاولة غربية للإبقاء عليهم كيد طولى لهم تبتز بهم الحكومات القادمة.