معركة دولية خاضها "التحالف" على جبهة الساحل الغربي.. أخبار سيئة لوكلاء إيران

السياسية - Wednesday 21 November 2018 الساعة 10:17 pm
عدن، نيوزيمن، أمين الوائلي:

لبعض الوقت بدا وكأن الأمور تأخذ مساراً في المجرى البريطاني، "استرخاء" سياسي قابله في عاصمتي التحالف العربي امتص الاندفاعة البريطانية، وقبلها حملة الدعوات الأمريكية والغربية عالية النبرة.

ووصولاً إلى انعقاد مجلس الأمن بشأن اليمن، الجمعة 16 نوفمبر (على إيقاع تباطأ نوعاً ما لمعركة الحديدة ولم تتوقف المعركة، وهي لن تتوقف قبل أن تنهي مهمتها، بمعزل عن كل وأي حديث آخر) وما أعقب الجلسة من تمرير لمسودة المشروع البريطاني إلى أعضاء مجلس الأمن الـ14 الآخرين بصدد مداولات للتوافق تستبق التئاماً قادماً للتصويت.

معركة دولية ..

وعند هذا الحد استعاد عرب التحالف الزمام وقد أخذوا صورة كاملة حول طبيعة وخلفيات وأهداف البريطانيين كما تلخصت في صيغة مسودة المشروع الذي اصطدم بممانعة كويتية ردت صيغتين معدلتين للمسودة تباعا؛ حد ذهاب ترجيحات من خبراء أممين مع نيوزيمن يومي الثلاثاء والأربعاء إلى امكانية تعطيل التصويت على أي صيغة بمشروع قرار والعدول إلى بيان رئاسي عن الرئاسة الدورية لمجلس الأمن ويكتفى به دون القرار. 

لكن في الكواليس بقيت المداولات بشأن صيغة معدلة ثالثا للمسودة البريطانية، ودعت دول أخرى في المجلس إلى تعديلات جديدة، ونسبت تصريحات صحفية يوم الأربعاء إلى ممثل هولندا قوله ان دولا أعضاء بمجلس الأمن، طلبت إدخال تعديلات على مشروع القرار الذي وزعته بريطانيا، الإثنين، على أعضاء المجلس بخصوص الأزمة اليمنية.

الثابت هو أن المسودة البريطانية "المفخخة تماما" لم تمر ولن تمر، لا بصيغتها المقدمة أول مرة ولا بالصيغة المعدلة لمرتين، ومن المحتمل أن البريطانيين يسعون إلى تدبير صيغة توافقية أو توافقا حول صيغة مخففة تتخلص من أحمال كثيرة (بمثابة ألغام وصواعق تفجير).

.. على جبهة الساحل الغربي

عبأ البريطانيون مسودة القرار أو مشروع القرار بكميات هائلة من التجاوزات الخطرة، شكلاً ومضموناً، ولم يحدث في حالة مشابهة من قبل أن يتبنى طرف دولي تفصيل قرار دولي بصفة خاصة وعلى مقاس جماعة خاصة مليشياوية وللتعامل مع معركة محددة في مدينة بعينها دون سائر جولات ومعارك وقضايا الأزمة والصراع بصورة كلية. الصيغة الأولى المسربة كانت تتبنى إلزاماً بوقف معركة تحرير الحديدة ودون سقف زمني محدد لبقاء الانقلابيين وتلزم بفتح طريق صنعاء الحديدة أمامهم، إضافة إلى مطار صنعاء ونقل جرحى الحوثيين للعلاج جواً في الخارج وإطلاق الأسرى ضمن صفقة تبادل برعاية المبعوث الأممي.

كان السؤال الجاهز، عند هذه اللحظة هو، ما إذا كان التحالف العربي سيمضي في "استرخاء" التعاطي الدبلوماسي مع التحركات البريطانية؟

منذ البداية وما قبل إطلاق معركة تحرير الحديدة، كان من الواضح حتمية وأهمية إنجاز مماثل؛ بالنسبة إلى التحالف بقيادة السعودية، وبالنسبة إلى الرياض وأبو ظبي وإلى عرب الخليج والعرب عامة. معركة الحديدة هي بمثابة معركة اليمن والخليج معاً. عرضنا هذا مبكراً في نيوزيمن بعنوان مستقل بنفس المعنى.

قدر كبير من الغيض والحنق اعترى الأوساط اليمنية المتابعة، خصوصاً الإعلاميين والناشطين، أمام الاقتحام البريطاني الفجّ والجرأة في ممارسة الوصاية وفرض خيارات مجحفة تتبنى المليشيا الموالية لإيران، وتوفر لها الحماية والإنقاذ وتستبقيها شوكة في الحلق وعبوة مميتة في الساحل الغربي.

لكن الأنظار كانت تتعلق بالتحالف.. بانتظار ما سيصدر، وليس بالضرورة تصريحات وبيانات رسمية مثلاً، بل المتوقع في ظروف مشابهة هو أن تنشط التحركات السياسية والضغوط عبر شبكة المصالح والعلاقات وقنوات التواصل الخاصة والخلفية.

على أكثر من محور

من الواضح أن البريطانيين، أو لنقل الصيغة البريطانية المقترحة كانت تستهدف التحالف العسكري الذي يدير ويموّل ويدعم مجهودات حرب تحرير الميناء الاستراتيجي ومدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر من قبضة حلفاء إيران، كما أعاد البيت الأبيض التأكيد على هذه الصفة في بيان لاحق ولافت.

علاوة على ذلك، تمرّر الصيغة البريطانية فِخاخاً خطرة؛ كان من شأنها أن تخلع صفة مشروعية على الانقلابيين الحوثيين بمخالفة للقرارات الدولية السابقة، وتنزع عن التحالف والشرعية مشروعية مجهوداتها المشتركة لاستعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب بشروط الحرب التي فرضها على اليمنيين وعلى المنطقة.

الصد والتصدي الكويتي للمشروع البريطاني جاء بمثابة ردٍ أول وقوي للتحالف العربي. وأثبت فاعلية وجدوى. ثم جاء بيان عاجل باسم البيت الأبيض والرئيس ترامب، يوم الثلاثاء، لم يشِر صراحة إلى التحرُّكات البريطانية.. لكنه في المضمون، كما في المحصلة النهائية، كان بمثابة ردع عاجل للتحركات الخطرة في مجلس الأمن. أعاد البيت الأبيض رسم الأولويات والأوليات كمحددات سياسية دولية، متهماً إيران بالمسئولية عن حرب دامية بالوكالة في اليمن ضد السعودية، ومؤكداً على تحالف استراتيجي مع المملكة كحليف أول، ومعطياً الأولوية لامتناع الإيرانيين وتوقفهم عن دعم الحوثيين وانسحابهم من اليمن.

"الاسترخاء" لم يكن إلا مناورة دبلوماسية وسياسية في وجه ضغوط وحملات أرفقت ملفات عدة في آن زيادة في التضييق والابتزاز. تزامن التحرك في مجلس الأمن مع حملة ضد السعودية تشارك فيها الاستخباراتي والسياسي والإعلامي. مارس التحالف ضبطاً للأعصاب وحوّل المجرى إلى التعاطي المنفتح مع مساعي السلام والجهود الإنسانية.

أفرغ تعاطي التحالف (المرن)، إلى حد كبير، الحملة الضاغطة من فاعليتها فيما خص الملف اليمني. وبطريقة ما عادت الكرة إلى ملعب البريطانيين. صار من واجب وإلزام المبعوث البريطاني/ الأممي جلب الحوثيين إلى السويد. خلال ذلك كان الحوثيون يمارسون نوعاً من الشعور بالغبطة وتصدير عناوين انتصار (..) لجمهورهم، استقواءً بالتاج الملكي وحماية الوصي البريطاني!

أخبار سيئة لوكلاء إيران

جاء رد وموقف التحالف بأكثر من صيغة: في الأمم المتحدة، وكواليس مجلس الأمن، ومن واشنطن والبيت الأبيض، وعلى الأرض في الحديدة وسائر الجبهات.

التحايل البريطاني تحت ذريعة الملف الإنساني يكتنفه وضوح لا غموض، بتبني حلفاء ومصالح إيران في اليمن توسلاً لمصالح بريطانية وأوروبية باتت متنافرة مع المصالح الأمريكية والخليجية إزاء الملف والاتفاق النووي الإيراني.

الأخبار السيئة من نصيب وكلاء إيران والمراهنين على مخرجات ومقتضيات صفقة مع البريطاني العجوز، سلماً أو حرباً ستنقضي المعركة بحسابات وشروط اليمن الخليجي والخليج اليمني.

ليس التحالف في وارد التضحية بمعركة وجود وسيادة تودع نتائجها الآنية والمؤجلة أرصدة في بنك المستقبل.

لعل هذا مفيد أيضاً في اللحظة إلى تذكير اليمنيين بجبهاتهم وجهاتهم وتموضعاتهم السياسية وعلى الأرض بحيوية ومكاسب المزيد من الانخراط في اصطفاف جبهوي وطني متحالف مع المعركة الوطنية الجامعة.. ومتحالف مع التحالف العربي الذي يعوض، وعن مسئولية وكفاءة، عن فراغات ونواقص كثيرة على جبهتي الداخل والخارج يمنياً.