أراد تفقد منزله فأفقده لغم حوثي بصره

المخا تهامة - Thursday 29 November 2018 الساعة 09:12 am
تعز، نيوزيمن، فيصل الشارحي:

بحلول نهاية الشهر الجاري يكون الطفل صهيب خالد قد أمضى نحو أربعة أشهر في التنقل بين مستشفيات عدة لتلقي العلاج من إصابات قاتلة تعرض لها أثناء عودته مع أسرته لتفقد منزلهم في إحدى ضواحي مدينة تعز، بعد أن أرغمتهم مليشيات على إخلائها قبل نحو عام.

ففي بداية أغسطس الماضي عندما أصرت أسرته على العودة إلى منزلها تاركة المخاوف من وجود ألغام حوثية على أنها ليست بذلك القدر من الخطورة كانت قد وقعت في خطأ قاتل.

فرغم اجتيازها طريق العودة بأمان إلا أنها لم تدرك مخاطر الدخول إلى منطقة زرعت مليشيات الحوثي أجزاء واسعة منها بالألغام وبعضها مموهة يصعب اكتشافها.

وفي واجهة المنزل وضعت المليشيات لغماً على شكل صخرة متوسطة، ولأن صهيب كان يسبق أسرته ببضعة أمتار، حاول إزاحتها لجعل أمر المرور إلى الداخل متاحاً دون أن يدرك أنها لغم حوثي مموه على شكل حجر قد وضع هنا لإلحاق الأذي به.

دوى صوت الانفجار وأعقبه صوت بكاء وصراخ من والدته بعدما شاهدت ولدها ممدداً على الأرض ويسبح في بركة من الدماء، إذ أصابت الشظايا المتطايرة يديه ورجليه وعينيه وأجزاء من جسده.

ومع حاجة الفتى لتلقي العلاج، بصورة ملحة، فقد تم إسعافه إلى أحد مستشفيات المدينة ليعالج من جروحه، لكن الضرر الذي تعرضت له عيناه كان بالغ الأثر وميئوساً من شفائهما إنما كان ذلك دافعاً لوالده لعرضه على مستشفيات ومراكز عدة ليصل به الأمر أن قام بالسفر به إلى جمهورية مصر، لكن التلف الذي تعرضتا له القرنية وشبكة العين كان مدمراً، الأمر الذي أغلق أمام الفتى وأسرته كل الآمال في استعادة بصره.

عادة ما يستغرق الأشخاص الذين تعرضوا للإصابة بالالغام الحوثية وقتا اطول للتعافي لكن هذا الطفل البالغ من العمر 13 عاما يدرك اليوم أن استعادة بصره يعد أمرا مستحيلا وأنه سيقضى حياته كفيفا.

هذه القصة وإن كانت تختزل مأساة آلاف الضحايا فإنها تعبر بوضوح عن خبث مليشيات الحوثي المرتبطة بإيران وسعيها لإلحاق الأذى بالمدنيين بمن فيهم الأطفال.

"عودة ضرورية"

وبالنسبة إلى أسرة عانت حياة التشرد فإن خيار العودة كان شخصيا ومدفوعا بالرغبة في إنهاء المعاناة التي رافقت حياتها خلال عام من النزوح.

وبررت ذلك رغم قناعتها بخطأ ما فعلته بعدم إدراكها بالخطر الذي تمثله منطقة حولتها مليشيات الحوثي إلى حقل مليئ بالألغام.

"جهل بخطورة الألغام"

بعض المدنيين ليست لديهم معلومات كافية حول مخاطر الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي بكثرة في مناطق سكنهم، والبعض الآخر يحمل قدرا ضئيلا من الوعي حولها مما يبرز الحاجة إلى التوعية بمخاطرها والبحث عن صيغة معينة لحمايتهم منها.

وسلطت زراعة الألغام الأرضية بهذا القدر المخيف الضوء على النهج المدمر لمليشيات الحوثي وصورتها البشعة كحركة إرهابية لا تستثني حتى المدنيين من القتل.

"ألغام كثيفة"

ورغم أن متخصصين في زراعة الألغام يعملون ليل نهار بعد أن تلقوا تدريبا مكثفا في المملكة، إلا أن المساحات المزروعة تصيبهم بخيبة أمل في الخلاص من هذه الأدوات المميتة بشكل أسرع.

فمليشيات الحوثي وسعت من مناطق زراعتها بطريقة يصعب تخيلها، فيما كانت عودة السكان لتلك المناطق بشكل عشوائي وبدون تنسيق مع الفرق الهندسية المختصة بنزع الألغام ما يؤدي إلى سقوط عدد من الضحايا.